حياته المبكرة وتعليمه
ولد جون بابوورث في إنجلترا عام 1921. وعلى الرغم من أن التفاصيل المتعلقة بحياته المبكرة وتعليمه ليست واسعة الانتشار، إلا أنه من المعروف أنه تلقى تعليمًا دينيًا، مما أدى به إلى أن يصبح رجل دين.
مسيرته المهنية
بعد أن أصبح رجل دين، عمل بابوورث في عدد من الكنائس والمجتمعات المحلية. خلال فترة عمله هذه، بدأ يطور فلسفاته الفريدة حول المجتمع والاقتصاد والدين. كان ينتقد بشكل متزايد المؤسسات الكبيرة، سواء كانت حكومية أو شركات، لاعتقاده بأنها غالبًا ما تكون غير إنسانية ومدمرة للمجتمعات المحلية.
في الخمسينيات من القرن الماضي، عمل بابوورث في زامبيا (التي كانت تُعرف آنذاك بروديسيا الشمالية) حيث اكتسب خبرة مباشرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلد نام. أثرت هذه التجربة بشكل كبير على وجهات نظره حول التنمية المستدامة وأهمية الاعتماد على الذات على المستوى المحلي.
النشاط والكتابة
بعد عودته إلى إنجلترا، كرس بابوورث نفسه للكتابة والنشاط. أسس مجلة “Resurgence” في عام 1966، وهي مجلة مؤثرة مكرسة للقضايا البيئية والاجتماعية والروحية. كانت المجلة منصة لأفكاره حول اللامركزية، والاكتفاء الذاتي، وأهمية المجتمعات الصغيرة. قام بتحرير المجلة لسنوات عديدة، مساهمًا بمقالات وأفكار أثرت في جيل من النشطاء والمفكرين.
كان بابوورث من أشد المدافعين عن “الاقتصاد المحلي”. اعتقد أن المجتمعات يجب أن تسعى جاهدة لإنتاج أكبر قدر ممكن من احتياجاتها محليًا، بدلاً من الاعتماد على الشركات الكبيرة أو التجارة الدولية. جادل بأن هذا من شأنه أن يخلق اقتصادات أكثر استدامة ومرونة، ويقلل من الأثر البيئي للنقل والتصنيع.
بالإضافة إلى عمله في مجلة “Resurgence”، كتب بابوورث العديد من الكتب والمقالات حول مواضيع مختلفة، بما في ذلك اللامركزية، والدين، والسياسة. كان متحدثًا مطلوبًا في المؤتمرات والفعاليات في جميع أنحاء العالم، حيث شارك أفكاره مع جمهور واسع.
أفكاره وفلسفته
تتمحور فلسفة بابوورث حول عدة مفاهيم أساسية:
- اللامركزية: كان بابوورث يعتقد أن السلطة يجب أن تكون لامركزية قدر الإمكان، مع نقل القرارات إلى أقرب مستوى ممكن من الأشخاص المتأثرين بها. رأى أن اللامركزية هي الحل للعديد من المشاكل التي تواجه المجتمعات الحديثة، بما في ذلك البيروقراطية، والفساد، وانعدام المساءلة.
- الاكتفاء الذاتي: كان يدعو إلى أن تسعى المجتمعات إلى أن تكون مكتفية ذاتيًا قدر الإمكان، وإنتاج أكبر قدر ممكن من احتياجاتها محليًا. رأى أن هذا من شأنه أن يخلق اقتصادات أكثر استدامة ومرونة، ويقلل من الأثر البيئي للنقل والتصنيع.
- العيش على نطاق صغير: كان بابوورث يؤمن بأهمية العيش على نطاق صغير، مع التركيز على المجتمعات المحلية والعلاقات الشخصية. رأى أن المجتمعات الكبيرة غالبًا ما تكون غير إنسانية، وتفتقر إلى الشعور بالانتماء.
- الروحانية: كانت الروحانية جزءًا مهمًا من فلسفة بابوورث. رأى أن الدين يمكن أن يلعب دورًا إيجابيًا في المجتمع، من خلال توفير أساس أخلاقي وقيم مشتركة. ومع ذلك، كان ينتقد أيضًا المؤسسات الدينية الكبيرة، لاعتقاده بأنها غالبًا ما تكون فاسدة وغير متصلة باحتياجات الناس.
تأثيره وإرثه
كان جون بابوورث شخصية مؤثرة في الحركات المناهضة للعولمة، والبيئية، والاجتماعية البديلة. ألهمت أفكاره عددًا لا يحصى من الأشخاص لتحدي الوضع الراهن، والعمل من أجل مجتمعات أكثر استدامة وعدالة. لقد ترك إرثًا دائمًا كمفكر وناشط رؤيوي.
على الرغم من أنه ربما لم يحقق كل أهدافه خلال حياته، إلا أن أفكاره لا تزال ذات صلة اليوم. مع استمرار العالم في مواجهة تحديات مثل تغير المناخ، وعدم المساواة الاقتصادية، وعدم الاستقرار السياسي، تقدم فلسفة بابوورث رؤية بديلة لمستقبل أكثر استدامة وعدالة. إن تركيزه على اللامركزية، والاكتفاء الذاتي، والعيش على نطاق صغير يقدم دروسًا قيمة للمجتمعات التي تسعى إلى بناء مستقبل أفضل.
توفي جون بابوورث في 4 يوليو 2020، عن عمر يناهز 98 عامًا. ومع ذلك، فإن أفكاره وإلهامه لا يزالان حيين، مما يلهم الأجيال القادمة من النشطاء والمفكرين.
انتقادات
على الرغم من تأثيره، لم يكن جون بابوورث بمنأى عن الانتقادات. جادل بعض النقاد بأن أفكاره حول اللامركزية والاكتفاء الذاتي غير واقعية أو مثالية للغاية. يجادلون بأن المجتمعات الحديثة معقدة للغاية بحيث لا يمكن تنظيمها على نطاق صغير، وأن التجارة الدولية ضرورية للرخاء الاقتصادي.
انتقد آخرون تركيزه على الروحانية، بحجة أنها قد تكون إقصائية أو غير ذات صلة بغير المؤمنين. ومع ذلك، دافع بابوورث عن نفسه، مؤكدًا أن الروحانية لا ينبغي أن تكون حكرًا على أي دين معين، وأنها يمكن أن تلعب دورًا إيجابيًا في توفير أساس أخلاقي للمجتمع.
خاتمة
كان جون بابوورث شخصية بارزة في القرن العشرين، اشتهر بدعوته إلى اللامركزية، والاكتفاء الذاتي، والعيش على نطاق صغير. كان رجل دين وكاتب وناشطًا، أسس مجلة “Resurgence” المؤثرة. ألهمت أفكاره عددًا لا يحصى من الأشخاص لتحدي الوضع الراهن، والعمل من أجل مجتمعات أكثر استدامة وعدالة. على الرغم من بعض الانتقادات، ترك بابوورث إرثًا دائمًا كمفكر وناشط رؤيوي. تظل أفكاره ذات صلة اليوم، حيث يقدم رؤية بديلة لمستقبل أكثر استدامة وعدالة.