مقدمة
عمّون (بالعمّونية: 𐤏𐤌𐤍 ʻAmān) مملكة سامية قديمة كانت تقع شرق نهر الأردن، بين الوديان والسهول الصحراوية. عاصمتها كانت ربة عمّون (الآن عمّان، عاصمة الأردن الحديثة). لعب العمونيون دورًا مهمًا في تاريخ المنطقة، وغالبًا ما ورد ذكرهم في الكتاب المقدس العبري (العهد القديم) وفي المصادر الآشورية والمصرية القديمة.
الأصول والتاريخ المبكر
يعود أصل العمونيين إلى قبائل سامية هاجرت إلى المنطقة شرق نهر الأردن في الألفية الثانية قبل الميلاد. يُعتقد أنهم مرتبطون بالمؤابيين والآراميين. وفقًا للكتاب المقدس العبري، فإن العمونيين ينحدرون من عمون بن لوط، ابن أخي إبراهيم.
في البداية، كانت المنطقة التي استقر فيها العمونيون خاضعة للسيطرة المصرية. ومع ذلك، في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، تمكن العمونيون من تأسيس مملكة مستقلة. ازدهرت المملكة العمونية في القرون اللاحقة، وأصبحت قوة إقليمية مهمة.
تميزت العلاقة بين العمونيين وجيرانهم، وخاصة الإسرائيليين، بالتوتر والصراع. غالبًا ما كان العمونيون يشنون غارات على الأراضي الإسرائيلية، وكان الإسرائيليون يردون بالمثل. في الكتاب المقدس العبري، توجد العديد من القصص التي تصف هذه الصراعات.
الدين والثقافة
كان الدين العموني وثنيًا، حيث عبد العمونيون مجموعة متنوعة من الآلهة. كان الإله الرئيسي للعمونيين هو مولوك، الذي غالبًا ما كان يُعبد من خلال التضحية بالأطفال. تشير الأدلة الأثرية إلى أن العمونيين كانوا يمارسون أيضًا عبادة آلهة أخرى، مثل عشتروت وبعل.
كانت الثقافة العمونية متأثرة بالثقافات الأخرى في المنطقة، مثل الثقافات المصرية والآرامية والإسرائيلية. كان العمونيون ماهرين في الزراعة والتجارة، وقاموا بتطوير نظام كتابة خاص بهم.
تعتبر الآثار المتبقية من الحضارة العمونية قليلة نسبياً مقارنة بحضارات أخرى في المنطقة، ويرجع ذلك جزئياً إلى استخدامهم المكثف للطوب اللبن في البناء، وهو مادة أقل متانة من الحجر. ومع ذلك، تكشف الاكتشافات الأثرية عن جوانب مهمة من حياتهم وثقافتهم.
- الفخار: تم العثور على مجموعة متنوعة من الأواني الفخارية العمونية، والتي تعكس تطور أساليبهم وتقنياتهم.
- الأختام: تعتبر الأختام العمونية ذات أهمية خاصة، حيث تحمل نقوشًا وكتابات تقدم معلومات حول أسماء الأشخاص والمناصب والآلهة التي كانوا يعبدونها.
- التحصينات: تشير بقايا التحصينات، مثل الأسوار والأبراج، إلى اهتمام العمونيين بالدفاع عن مدنهم وقراهم.
العلاقات مع إسرائيل
شكلت العلاقة بين العمونيين والإسرائيليين جزءًا كبيرًا من تاريخهم المشترك. كانت هذه العلاقة في الغالب متوترة وعدائية، مع فترات قصيرة من السلام النسبي.
تذكر النصوص الدينية اليهودية العديد من الصراعات بين العمونيين والإسرائيليين. على سبيل المثال، في سفر صموئيل الأول، يحاصر ناحاش العموني يابيش جلعاد ويهدد باستعباد سكانها، مما يدفع شاول لتوحيد القبائل الإسرائيلية لإنقاذهم. كما يذكر الكتاب المقدس أن العمونيين تحالفوا مع أعداء آخرين لإسرائيل، مثل المؤابيين والآراميين، لشن هجمات مشتركة.
على الرغم من هذه الصراعات، كانت هناك أيضًا فترات من التعاون والتجارة بين العمونيين والإسرائيليين. تشير بعض الأدلة الأثرية إلى وجود تبادل ثقافي وتجاري بين المملكتين.
الاحتلال الآشوري والبابلي
في القرن الثامن قبل الميلاد، أصبحت المملكة العمونية خاضعة للسيطرة الآشورية. دفع العمونيون الجزية للآشوريين، وكانوا مطالبين بتقديم الدعم العسكري للحملات الآشورية.
في القرن السادس قبل الميلاد، سقطت المملكة العمونية تحت سيطرة الإمبراطورية البابلية الحديثة. دمر البابليون مدينة ربة عمّون، ونُفي العديد من العمونيين إلى بابل.
الفترة الفارسية والهيلينستية
بعد سقوط الإمبراطورية البابلية، أصبحت المنطقة جزءًا من الإمبراطورية الفارسية. سمح الفرس للعمونيين بالعودة إلى أراضيهم، لكنهم لم يستعيدوا استقلالهم الكامل.
في الفترة الهيلينستية، أصبحت المنطقة جزءًا من الإمبراطورية السلوقية. تأثر العمونيون بالثقافة الهيلينستية، وتبنوا العديد من العادات والتقاليد اليونانية.
الاندماج في التاريخ
مع مرور الوقت، اندمج العمونيون في المجتمعات المحيطة بهم واختفوا كمجموعة عرقية متميزة. خلال العصر الروماني، أصبحت المنطقة جزءًا من مقاطعة العربية البترائية الرومانية، وفقد العمونيون هويتهم المميزة. ومع ذلك، لا تزال ذكراهم باقية في الكتاب المقدس وفي المصادر التاريخية الأخرى.
أهمية العمونيين
على الرغم من أن العمونيين لم يتركوا وراءهم إمبراطورية واسعة أو آثارًا معمارية ضخمة مثل بعض الحضارات الأخرى في الشرق الأدنى القديم، إلا أنهم لعبوا دورًا مهمًا في تاريخ المنطقة. كان لصراعهم مع الإسرائيليين تأثير كبير على تشكيل الهوية الإسرائيلية، وتوفر آثارهم المادية والثقافية نظرة ثاقبة على الحياة في العصر الحديدي في الشرق الأدنى.
ربة عمون (عمان)
كانت ربة عمون، عاصمة المملكة العمونية، تقع في موقع مدينة عمان الحديثة. كانت المدينة مركزًا سياسيًا ودينيًا وتجاريًا مهمًا. على الرغم من أن الكثير من الآثار العمونية في عمان قد دُمرت أو دُفنت تحت طبقات من البناء الحديث، إلا أن بعض المواقع الأثرية لا تزال قائمة، مثل القلعة التي تعود إلى العصر الحديدي، والتي تقدم لمحة عن عظمة المدينة في الماضي.
خاتمة
كان العمونيون شعبًا ساميًا قديمًا عاش شرق نهر الأردن. أسسوا مملكة قوية ازدهرت لعدة قرون، ولكنها سقطت في النهاية تحت سيطرة القوى الأجنبية. لعب العمونيون دورًا مهمًا في تاريخ المنطقة، ولا تزال ذكراهم باقية في الكتاب المقدس وفي المصادر التاريخية الأخرى. على الرغم من أنهم اختفوا كمجموعة عرقية متميزة، إلا أن تأثيرهم على التاريخ والثقافة في المنطقة لا يزال محسوسًا حتى اليوم.