مقدمة
دميتري ميخائيلوفيتش (1298 – 15 سبتمبر 1326)، الملقب بـ “ذو العيون الرهيبة” أو “ذو العيون المرعبة”، كان أمير تفير منذ عام 1318 وحتى وفاته. لعب دورًا محوريًا في الصراع على منصب أمير فلاديمير الكبير، وهو منصب ذو أهمية بالغة في روسيا خلال فترة الهيمنة المغولية. تميزت فترة حكمه بصراعات مريرة مع أمراء آخرين، خاصةً يوري موسكو، والذي كان يسعى أيضًا إلى الحصول على لقب أمير فلاديمير الكبير.
خلفية تاريخية
في القرن الثالث عشر والرابع عشر، كانت روسيا مقسمة إلى عدد من الإمارات المستقلة، كل منها يحكمها أمير. كانت إمارة فلاديمير الكبرى تعتبر الأكثر أهمية، وكان أميرها يعتبر الحاكم الأعلى لبقية الأمراء الروس. ومع ذلك، كان على أمير فلاديمير الكبير الحصول على يارليك (مرسوم) من خان القبيلة الذهبية المغولية ليتم الاعتراف به رسميًا. هذا يعني أن الأمراء الروس كانوا يتنافسون ليس فقط على النفوذ والسلطة في روسيا، بل أيضًا على رضا خان المغول.
الصراع على منصب أمير فلاديمير الكبير
كان دميتري أميرًا طموحًا وقويًا، ورأى في منصب أمير فلاديمير الكبير فرصة لتعزيز سلطة تفير ورفع مكانتها بين الإمارات الروسية. ومع ذلك، لم يكن الوحيد الذي يسعى إلى هذا المنصب. كان يوري موسكو خصمه الرئيسي، وكان يتمتع بدعم قوي من القبيلة الذهبية بفضل سياساته الماكرة وتقديمه الجزية بانتظام. اشتدت المنافسة بين دميتري ويوري، وأصبحت أكثر حدة مع مرور الوقت.
في عام 1318، توفي الأمير ميخائيل تفير، والد دميتري، في القبيلة الذهبية بعد استدعائه من قبل الخان. اتهم يوري موسكو بتدبير موت ميخائيل، مما أدى إلى تفاقم العداء بينهما. حصل يوري على يارليك لمنصب أمير فلاديمير الكبير، لكن دميتري لم يستسلم. استمر في تحدي سلطة يوري والسعي للحصول على دعم من الأمراء الروس الآخرين.
معركة بورتنيفا
في عام 1317، اندلعت معركة بورتنيفا بين قوات تفير وموسكو. هزم دميتري قوات يوري، وأسر زوجة يوري، كونشاك، وهي أخت الخان أوزبك. توفيت كونشاك في وقت لاحق أثناء احتجازها لدى دميتري، واتهم يوري دميتري بتسميمها. أدى ذلك إلى مزيد من التعقيد في العلاقة بينهما وزيادة غضب الخان أوزبك.
الذهاب إلى القبيلة الذهبية والموت
في عام 1322، استدعي دميتري ويوري إلى القبيلة الذهبية من قبل الخان أوزبك لتسوية خلافاتهما. قدم كل منهما حججه، وحاول كل منهما تشويه سمعة الآخر في عيون الخان. تمكن دميتري من إقناع الخان بأن يوري كان يختلس الجزية المخصصة للقبيلة الذهبية. نتيجة لذلك، تم سحب يارليك من يوري ومنح لدميتري في عام 1322.
ومع ذلك، لم تدم انتصارات دميتري طويلاً. في عام 1326، استدعي دميتري مرة أخرى إلى القبيلة الذهبية. هذه المرة، اتهم دميتري بقتل يوري موسكو، الذي كان قد عاد إلى القبيلة الذهبية. على الرغم من أن دميتري ربما كان يعتقد أنه يتصرف بحق، إلا أن الخان أوزبك غضب من قتله لأمير آخر دون إذنه. أمر الخان بإعدام دميتري في 15 سبتمبر 1326.
تداعيات وفاة دميتري
كان لوفاة دميتري تفير عواقب وخيمة على إمارة تفير. أضعفت وفاته قوة الإمارة، وسمحت لإمارة موسكو بالصعود كقوة مهيمنة في روسيا. بعد وفاة دميتري، انتقل يارليك لمنصب أمير فلاديمير الكبير إلى شقيق يوري، إيفان كاليتا، الذي استخدم منصبه لتعزيز سلطة موسكو. في نهاية المطاف، تمكن أمراء موسكو من توحيد الأراضي الروسية تحت حكمهم، مما أدى إلى إنشاء الدولة الروسية المركزية.
شخصية دميتري
كان دميتري شخصية معقدة ومثيرة للجدل. كان أميرًا طموحًا وقويًا، لكنه كان أيضًا متهورًا وعنيفًا. سعى إلى تعزيز سلطة تفير، لكنه أخطأ في تقدير قوة خصومه، وخاصة أمراء موسكو والقبيلة الذهبية. يُذكر دميتري بشكل أساسي بسبب صراعه مع يوري موسكو وموته المأساوي في القبيلة الذهبية.
على الرغم من أخطائه، يُنظر إلى دميتري أيضًا على أنه مدافع عن المصالح الروسية ضد الهيمنة المغولية. كان مستعدًا لتحدي سلطة القبيلة الذهبية، ودفع ثمن ذلك بحياته. يعتبره البعض بطلاً روسيًا ضحى بحياته من أجل بلاده.
- الصفات القيادية: أظهر دميتري مهارات قيادية في الدفاع عن إمارته وتنظيم حملات عسكرية.
- الطموح السياسي: سعى جاهداً للوصول إلى منصب أمير فلاديمير الكبير، مما يعكس طموحه السياسي ورغبته في السلطة.
- الشجاعة: واجه خصومه بشجاعة، بما في ذلك يوري موسكو وخان القبيلة الذهبية.
إرث دميتري تفير
على الرغم من أن دميتري لم يتمكن من تحقيق طموحاته في أن يصبح أمير فلاديمير الكبير وتوحيد الأراضي الروسية تحت حكم تفير، إلا أنه ترك إرثًا دائمًا في التاريخ الروسي. يُذكر دميتري كمثال على الأمير الروسي الذي كان على استعداد لتحدي سلطة القبيلة الذهبية والدفاع عن مصالح بلاده. كما أن صراعه مع يوري موسكو لعب دورًا مهمًا في تشكيل مستقبل روسيا، حيث مهد الطريق لصعود موسكو كقوة مهيمنة.
خاتمة
كان دميتري تفير شخصية محورية في تاريخ روسيا في القرن الرابع عشر. تميزت فترة حكمه بصراعات مريرة على السلطة، وخاصة مع يوري موسكو. على الرغم من موته المأساوي، ترك دميتري إرثًا دائمًا كمدافع عن المصالح الروسية وأحد الشخصيات الرئيسية في الصراع على السلطة الذي شكل مستقبل روسيا.