مقدمة
جمعية أساترو الشعبية (AFA) هي منظمة دولية تتبع معتقدات الأساترو، تأسست على يد ستيفن أ. ماكنالن في عام 1994. وقد أثارت الجمعية جدلاً واسعاً بسبب ارتباطها بتوجهات تفوق العرق الأبيض، وهو ما تنفيه الجمعية رسمياً مع الاعتراف بأنها تركز على ممارسة الأساترو بين الشعوب ذات الأصل الأوروبي الشمالي.
تاريخ التأسيس والنشأة
تعود جذور جمعية أساترو الشعبية إلى “حلقة الأساترو” (Asatru Ring) التي تأسست أيضاً على يد ستيفن ماكنالن في سبعينيات القرن الماضي. بعد فترة من النشاط، تم حل حلقة الأساترو في أواخر الثمانينيات. وفي عام 1994، قام ماكنالن بإعادة إحياء الفكرة تحت اسم جديد وهو جمعية أساترو الشعبية. كان الهدف المعلن للجمعية هو توفير إطار مؤسسي قوي وفعال لممارسة معتقدات الأساترو، مع التركيز على الجوانب الثقافية والإثنية التي يعتبرها ماكنالن جوهرية في هذا الدين.
معتقدات وممارسات الجمعية
تتبنى جمعية أساترو الشعبية مجموعة من المعتقدات والممارسات المستمدة من الديانة الجرمانية الوثنية القديمة، مع بعض التعديلات والتفسيرات الحديثة. من بين أبرز هذه المعتقدات والممارسات:
- عبادة الآلهة النوردية: تعتبر الآلهة مثل أودين وثور وفريا من بين الكائنات المقدسة التي يتم تبجيلها وتقديم القرابين لها.
- الاحتفال بالمواسم: تحتفل الجمعية بالمناسبات الموسمية الهامة في التقويم النوردي، مثل الاعتدالين الشمسيين والانقلابين الشتوي والصيفي.
- إحياء التقاليد القديمة: تسعى الجمعية إلى إحياء التقاليد والعادات الجرمانية القديمة، بما في ذلك الطقوس الدينية والفنون والحرف اليدوية.
- التركيز على القيم الأخلاقية: تشدد الجمعية على أهمية القيم الأخلاقية النوردية القديمة، مثل الشجاعة والصدق والولاء والكرم.
الجدل والانتقادات
واجهت جمعية أساترو الشعبية انتقادات حادة بسبب مواقفها المثيرة للجدل وارتباطها المحتمل بجماعات تفوق العرق الأبيض. تتضمن بعض الانتقادات الرئيسية ما يلي:
- اتهامات بالعنصرية: يرى منتقدو الجمعية أن تركيزها على الأصل العرقي الأوروبي الشمالي يمثل شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز ضد الأشخاص من أصول أخرى.
- الصلات بجماعات يمينية متطرفة: تزعم بعض التقارير وجود صلات بين أعضاء الجمعية وجماعات يمينية متطرفة تؤمن بتفوق العرق الأبيض.
- المواقف المعادية للمهاجرين: تتهم الجمعية باتخاذ مواقف معادية للمهاجرين واللاجئين، وترويج أفكار تروج للخوف والكراهية ضدهم.
ترفض جمعية أساترو الشعبية هذه الاتهامات وتؤكد أنها لا تروج للعنصرية أو الكراهية ضد أي شخص. وتدعي أنها تركز فقط على الحفاظ على التراث الثقافي والديني للشعوب ذات الأصل الأوروبي الشمالي.
مع ذلك، لا تزال الشكوك تحوم حول الجمعية بسبب تصريحات بعض قادتها وأعضائها، وكذلك بسبب تاريخها المثير للجدل. وقد أدى هذا الجدل إلى انقسامات داخل مجتمع الأساترو الأوسع، حيث يعارض العديد من أتباع الأساترو بشدة مواقف جمعية أساترو الشعبية ويعتبرونها تشوه صورة هذا الدين.
الانتشار والتواجد
تتواجد جمعية أساترو الشعبية في عدة دول حول العالم، وخاصة في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا. وعلى الرغم من أن عدد أعضائها ليس كبيراً مقارنة بالديانات الأخرى، إلا أنها تعتبر من بين أبرز المنظمات التي تروج لمعتقدات الأساترو في العصر الحديث.
تمتلك الجمعية مواقع إلكترونية وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي تنشر من خلالها معلومات عن معتقداتها وممارساتها، وتنظم فعاليات ومؤتمرات لأعضائها وأنصارها. كما تقوم الجمعية بنشر الكتب والمقالات التي تروج لأفكارها وتعرض وجهة نظرها حول القضايا المختلفة.
على الرغم من الجدل المحيط بها، تمكنت جمعية أساترو الشعبية من الحفاظ على وجودها ونشاطها على مر السنين. ولا يزال لديها قاعدة من المؤيدين الذين يؤمنون بأهدافها ورؤيتها.
موقف الجمعية من القضايا الاجتماعية
تتخذ جمعية أساترو الشعبية مواقف محافظة بشأن العديد من القضايا الاجتماعية. على سبيل المثال، تعارض الجمعية زواج المثليين وترى أن الزواج يجب أن يكون بين رجل وامرأة فقط. كما تعارض الجمعية الإجهاض وتعتبره اعتداء على الحياة.
تدعم الجمعية حق حمل السلاح وتعتبره حقاً أساسياً يجب حمايته. كما تدعم الجمعية سياسات الهجرة التي تركز على حماية الحدود الوطنية وتقييد الهجرة غير الشرعية.
تعكس هذه المواقف المحافظة القيم التقليدية التي تعتبرها الجمعية جزءاً أساسياً من التراث الثقافي والديني للشعوب ذات الأصل الأوروبي الشمالي.
ردود الفعل المجتمعية والإعلامية
تتلقى جمعية أساترو الشعبية ردود فعل متباينة من المجتمع ووسائل الإعلام. فمن ناحية، هناك من ينتقدها بشدة ويتهمها بالعنصرية والترويج للكراهية. ومن ناحية أخرى، هناك من يدافع عنها ويرى أنها تمارس حقها في حرية التعبير والمعتقد.
غالباً ما تصور وسائل الإعلام الجمعية على أنها منظمة يمينية متطرفة تروج لأفكار التفوق العرقي الأبيض. وقد أدت هذه الصورة السلبية إلى زيادة الجدل والانتقادات الموجهة للجمعية.
ترد الجمعية على هذه الانتقادات بالقول إنها تتعرض لحملة تشويه من قبل وسائل الإعلام الليبرالية التي تسعى إلى إسكات أي صوت يخالف توجهاتها.
مستقبل جمعية أساترو الشعبية
من الصعب التكهن بمستقبل جمعية أساترو الشعبية. فمن ناحية، تواجه الجمعية تحديات كبيرة بسبب الجدل والانتقادات المحيطة بها. ومن ناحية أخرى، لديها قاعدة من المؤيدين المخلصين الذين يؤمنون بأهدافها ورؤيتها.
قد يعتمد مستقبل الجمعية على قدرتها على تغيير صورتها السلبية في نظر الجمهور، وإقناع الناس بأنها لا تروج للعنصرية أو الكراهية. وقد يعتمد أيضاً على التطورات السياسية والاجتماعية التي قد تؤثر على مواقفها وقدرتها على جذب المزيد من الأعضاء.
خاتمة
تظل جمعية أساترو الشعبية منظمة مثيرة للجدل في عالم معتقدات الأساترو. بينما تسعى للحفاظ على التراث الثقافي والديني للشعوب ذات الأصل الأوروبي الشمالي، تواجه اتهامات بالعنصرية والترويج للكراهية. مستقبل هذه الجمعية يعتمد على قدرتها على تجاوز هذه الانتقادات وإعادة تعريف نفسها في نظر الجمهور.