مقاطعة مارتاكيرت (ناغورنو كاراباخ أوبلاست ذاتية الحكم)
كانت مقاطعة مارتاكيرت (بالأرمنية: Մարտակերտի շրջան؛ بالأذرية: Ağdərə rayonu) وحدة إدارية داخل إقليم ناغورنو كاراباخ ذاتي الحكم التابع لجمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفياتية. تأسست المقاطعة في عام 1930، وتم إلغاؤها في عام 1992. كانت تقع في الجزء الشمالي من ناغورنو كاراباخ، وتحدها من الشمال جمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفياتية. كانت مدينة مارتاكيرت (أغدَرة) مركزها الإداري.
في عام 1991، أعلنت ناغورنو كاراباخ استقلالها، وأصبحت مقاطعة مارتاكيرت جزءًا من جمهورية آرتساخ غير المعترف بها. خلال حرب ناغورنو كاراباخ الأولى (1992-1994)، سيطرت القوات الأرمينية على معظم أراضي المقاطعة. بعد الحرب، تم تقسيم المقاطعة بين جمهورية آرتساخ وأذربيجان. تقع الأجزاء التي تسيطر عليها جمهورية آرتساخ داخل منطقة مارتاكيرت التابعة لها.
في عام 2020، خلال حرب ناغورنو كاراباخ الثانية، استعادت أذربيجان السيطرة على جزء كبير من مقاطعة مارتاكيرت.
تاريخ مقاطعة مارتاكيرت
تعود جذور تاريخ مقاطعة مارتاكيرت إلى العصور القديمة. كانت المنطقة جزءًا من مملكة أرمينيا القديمة، ثم خضعت لحكم مختلف الإمبراطوريات، بما في ذلك الإمبراطورية الرومانية والإمبراطورية الفارسية والإمبراطورية العربية. في العصور الوسطى، كانت المنطقة جزءًا من مملكة أرمينيا الكيليكية.
في القرن السادس عشر، أصبحت المنطقة جزءًا من الدولة الصفوية الفارسية. في القرن الثامن عشر، أصبحت جزءًا من خانات كاراباخ، وهي دولة شبه مستقلة تحت السيادة الفارسية. في عام 1805، تم ضم خانات كاراباخ إلى الإمبراطورية الروسية.
بعد الثورة الروسية عام 1917، أصبحت المنطقة جزءًا من جمهورية أرمينيا الديمقراطية قصيرة الأجل. في عام 1920، استولت القوات البلشفية على المنطقة، وأصبحت جزءًا من جمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفياتية.
في عام 1923، تم إنشاء إقليم ناغورنو كاراباخ ذاتي الحكم داخل جمهورية أذربيجان الاشتراكية السوفياتية. كانت مقاطعة مارتاكيرت إحدى المقاطعات الخمس التي شكلت الإقليم.
خلال الحقبة السوفيتية، شهدت مقاطعة مارتاكيرت تطورًا اقتصاديًا وثقافيًا. تم بناء العديد من المصانع والمدارس والمستشفيات في المنطقة. كما تم تطوير الزراعة.
في أواخر الثمانينيات، تصاعد التوتر بين الأرمن والأذربيجانيين في ناغورنو كاراباخ. في عام 1988، طالب المجلس الإقليمي لناغورنو كاراباخ بضم الإقليم إلى جمهورية أرمينيا الاشتراكية السوفياتية. رفضت أذربيجان هذا الطلب، وتصاعدت التوترات إلى صراع مسلح.
حرب ناغورنو كاراباخ الأولى
اندلعت حرب ناغورنو كاراباخ الأولى في عام 1992 واستمرت حتى عام 1994. خلال الحرب، سيطرت القوات الأرمينية على معظم أراضي مقاطعة مارتاكيرت. بعد الحرب، تم تقسيم المقاطعة بين جمهورية آرتساخ وأذربيجان.
تسببت الحرب في دمار واسع النطاق في مقاطعة مارتاكيرت. تم تدمير العديد من المنازل والمباني والبنية التحتية. نزح عشرات الآلاف من الأشخاص من المنطقة.
ما بعد حرب ناغورنو كاراباخ الأولى
بعد حرب ناغورنو كاراباخ الأولى، استمرت التوترات بين أرمينيا وأذربيجان. وقعت العديد من الاشتباكات المسلحة على طول خط التماس.
في عام 2016، اندلعت اشتباكات عنيفة بين القوات الأرمينية والأذربيجانية في ناغورنو كاراباخ. أسفرت الاشتباكات عن مقتل العشرات من الجنود والمدنيين.
حرب ناغورنو كاراباخ الثانية
اندلعت حرب ناغورنو كاراباخ الثانية في عام 2020. خلال الحرب، استعادت أذربيجان السيطرة على جزء كبير من مقاطعة مارتاكيرت.
انتهت الحرب بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين أرمينيا وأذربيجان. بموجب الاتفاق، احتفظت أذربيجان بالسيطرة على الأراضي التي استعادتها خلال الحرب.
الوضع الحالي
لا تزال مقاطعة مارتاكيرت مقسمة بين جمهورية آرتساخ وأذربيجان. تقع الأجزاء التي تسيطر عليها جمهورية آرتساخ داخل منطقة مارتاكيرت التابعة لها.
يعيش في مقاطعة مارتاكيرت عدد كبير من الأرمن والأذربيجانيين. لا يزال الوضع في المنطقة متوترًا.
اقتصاد مقاطعة مارتاكيرت
يعتمد اقتصاد مقاطعة مارتاكيرت بشكل أساسي على الزراعة. تشمل المحاصيل الرئيسية القمح والشعير والذرة والعنب والفواكه والخضروات.
توجد أيضًا بعض الصناعات الخفيفة في المنطقة، مثل معالجة الأغذية والمنسوجات.
عانى اقتصاد مقاطعة مارتاكيرت بشدة من جراء الحروب والصراعات. هناك حاجة إلى استثمارات كبيرة لإعادة بناء الاقتصاد وتوفير فرص العمل.
السياحة في مقاطعة مارتاكيرت
تتمتع مقاطعة مارتاكيرت بإمكانيات سياحية كبيرة. توجد في المنطقة العديد من المواقع التاريخية والثقافية، فضلاً عن المناظر الطبيعية الخلابة.
تشمل بعض المواقع السياحية الرئيسية في المنطقة:
- دير غاندزاسار: دير أرمني من القرون الوسطى.
- قلعة خاغاتش: قلعة تاريخية.
- مدينة تيكران الكبير: مدينة قديمة.
تتطلب السياحة في مقاطعة مارتاكيرت تطوير البنية التحتية وتوفير الأمن والاستقرار.
التحديات التي تواجه مقاطعة مارتاكيرت
تواجه مقاطعة مارتاكيرت العديد من التحديات، بما في ذلك:
- الوضع السياسي غير المستقر: لا تزال المنطقة متنازع عليها بين أرمينيا وأذربيجان.
- الدمار الذي خلفته الحروب: تسببت الحروب والصراعات في دمار واسع النطاق في المنطقة.
- الفقر والبطالة: يعاني العديد من الأشخاص في المنطقة من الفقر والبطالة.
- نقص البنية التحتية: تحتاج البنية التحتية في المنطقة إلى تطوير.
هناك حاجة إلى جهود مشتركة من جانب أرمينيا وأذربيجان والمجتمع الدولي لمعالجة هذه التحديات وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
خاتمة
مارتاكيرت منطقة ذات تاريخ طويل ومعقد. شهدت المنطقة العديد من الحروب والصراعات، ولا تزال تعاني من آثارها. على الرغم من التحديات التي تواجهها، تتمتع مارتاكيرت بإمكانيات كبيرة للتنمية الاقتصادية والسياحية. تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة أمر ضروري لتحقيق هذه الإمكانات.