<![CDATA[
مقدمة
مقياس أساليب النزاع (CTS)، الذي ابتكره موراي أ. ستراوس عام 1979، هو أداة تستخدم في الأبحاث المتعلقة بالعنف الأسري. يعتبر هذا المقياس من بين الأدوات الأكثر استخدامًا في دراسة العنف بين الأزواج، وكذلك في دراسة الاعتداء على الأطفال وكبار السن. يهدف المقياس إلى قياس مدى استخدام الأفراد لتكتيكات مختلفة في التعامل مع الخلافات، بدءًا من التكتيكات العقلانية واللفظية وصولًا إلى التكتيكات العنيفة.
يهدف مقياس أساليب النزاع إلى توفير صورة شاملة عن طبيعة النزاعات داخل الأسرة، وذلك من خلال تحديد أنواع التكتيكات التي يتم استخدامها، وتكرار استخدامها. يساعد هذا المقياس الباحثين والأخصائيين الاجتماعيين على فهم ديناميكيات العنف الأسري بشكل أفضل، وتطوير استراتيجيات للتدخل والوقاية.
بنية المقياس
يتكون مقياس أساليب النزاع (CTS) عادةً من عدة بنود أو أسئلة، تُصنف ضمن ثلاث فئات رئيسية من التكتيكات:
- التكتيكات العقلانية (Reasoning): تتضمن هذه الفئة استخدام الحجج المنطقية، والمناقشات الهادئة، والتفاوض لحل الخلافات. يعتبر استخدام التكتيكات العقلانية مؤشرًا على محاولة الأفراد حل المشكلات بطرق سلمية وبناءة.
- التكتيكات اللفظية (Verbal Aggression): تشمل هذه الفئة استخدام الصراخ، والتهديدات، والإهانات، والتوبيخ اللفظي. تعتبر التكتيكات اللفظية مؤشرًا على وجود مستوى معين من العدوانية في العلاقة، وقد تكون مقدمة للعنف الجسدي.
- التكتيكات العنيفة (Violence): تتضمن هذه الفئة استخدام القوة الجسدية، مثل الضرب، والركل، والصفع، واستخدام الأسلحة. تعتبر التكتيكات العنيفة مؤشرًا على وجود عنف جسدي خطير في العلاقة، ويتطلب تدخلًا فوريًا لحماية الضحايا.
في بعض النسخ المعدلة من المقياس، قد يتم إضافة فئات أخرى من التكتيكات، مثل التكتيكات النفسية (Psychological Aggression) التي تشمل التلاعب العاطفي، والتهديد بالانتحار، والعزل الاجتماعي. يهدف إضافة هذه الفئات إلى توفير صورة أكثر دقة وشمولية عن طبيعة العنف في العلاقات الأسرية.
طريقة التطبيق
عادةً ما يتم تطبيق مقياس أساليب النزاع (CTS) عن طريق إجراء مقابلات شخصية مع الأفراد، أو عن طريق توزيع استبيانات عليهم لملئها بأنفسهم. يجب أن يكون التطبيق سريًا وخاصًا، لضمان حصول الباحثين على إجابات صادقة ودقيقة. غالبًا ما يُطلب من المشاركين الإجابة عن الأسئلة بناءً على تجاربهم خلال فترة زمنية محددة، مثل الأشهر الستة الماضية أو السنة الماضية.
عند تحليل البيانات التي يتم جمعها من خلال مقياس أساليب النزاع، يتم احتساب متوسط التكرار لكل نوع من التكتيكات، وذلك لتحديد مدى استخدام الأفراد للتكتيكات العقلانية، واللفظية، والعنيفة. يمكن أيضًا استخدام البيانات لمقارنة استخدام التكتيكات بين مجموعات مختلفة من الأفراد، مثل مقارنة استخدام التكتيكات بين الرجال والنساء، أو بين الأسر التي تعاني من العنف والأسر التي لا تعاني منه.
الاعتبارات الأخلاقية
يتطلب استخدام مقياس أساليب النزاع (CTS) مراعاة العديد من الاعتبارات الأخلاقية، وذلك لحماية حقوق وسلامة المشاركين في البحث. من أهم هذه الاعتبارات:
- الحصول على الموافقة المستنيرة: يجب على الباحثين الحصول على موافقة مستنيرة من المشاركين قبل البدء في جمع البيانات، وذلك عن طريق شرح طبيعة البحث، وأهدافه، والإجراءات التي سيتم اتباعها، والمخاطر المحتملة، وحقوق المشاركين.
- ضمان السرية والخصوصية: يجب على الباحثين ضمان سرية وخصوصية البيانات التي يتم جمعها، وذلك عن طريق عدم الكشف عن هويات المشاركين، وتخزين البيانات في أماكن آمنة، واستخدام رموز تعريفية بدلاً من الأسماء.
- توفير الدعم النفسي: قد يثير مقياس أساليب النزاع مشاعر سلبية لدى المشاركين، خاصةً أولئك الذين تعرضوا للعنف الأسري. لذلك، يجب على الباحثين توفير الدعم النفسي للمشاركين، وتقديم معلومات حول الخدمات المتاحة لمساعدتهم.
- الإبلاغ عن العنف: في بعض الحالات، قد يكشف المشاركون عن تعرضهم للعنف الأسري أثناء إجراء المقابلات أو ملء الاستبيانات. في هذه الحالات، يجب على الباحثين الالتزام بالقوانين واللوائح المحلية المتعلقة بالإبلاغ عن العنف، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الضحايا.
المميزات والعيوب
يتمتع مقياس أساليب النزاع (CTS) بالعديد من المميزات، منها:
- السهولة في التطبيق: يعتبر المقياس سهل التطبيق والفهم، ويمكن استخدامه مع مجموعة واسعة من السكان.
- التوفر: يتوفر المقياس بترجمات عديدة، مما يجعله قابلاً للاستخدام في مختلف الثقافات والبلدان.
- الصلاحية والموثوقية: أظهرت العديد من الدراسات أن المقياس يتمتع بصلاحية وموثوقية عاليتين، مما يجعله أداة موثوقة لقياس أساليب النزاع.
ومع ذلك، يعاني المقياس أيضًا من بعض العيوب، منها:
- التحيز: قد يكون المقياس متحيزًا ضد بعض الفئات، مثل النساء، وذلك بسبب اختلاف تعريفات العنف بين الجنسين.
- الاعتماد على الذاكرة: يعتمد المقياس على ذاكرة المشاركين، مما قد يؤدي إلى حدوث أخطاء في الإجابات.
- عدم القدرة على قياس السياق: لا يأخذ المقياس في الاعتبار السياق الذي حدث فيه النزاع، مما قد يؤدي إلى تفسيرات غير دقيقة للنتائج.
التطبيقات البحثية
يستخدم مقياس أساليب النزاع (CTS) في مجموعة واسعة من الدراسات البحثية المتعلقة بالعنف الأسري، منها:
- دراسة انتشار العنف: يستخدم المقياس لتقدير مدى انتشار العنف بين الأزواج، والاعتداء على الأطفال، وكبار السن في مختلف المجتمعات.
- تحديد عوامل الخطر: يستخدم المقياس لتحديد عوامل الخطر التي تزيد من احتمالية وقوع العنف الأسري، مثل الفقر، والبطالة، والإدمان، والاضطرابات النفسية.
- تقييم فعالية التدخلات: يستخدم المقياس لتقييم فعالية البرامج والتدخلات التي تهدف إلى منع العنف الأسري، وتقديم الدعم للضحايا.
- دراسة تأثير العنف على الضحايا: يستخدم المقياس لدراسة تأثير العنف الأسري على الصحة النفسية والجسدية للضحايا، وعلى علاقاتهم الاجتماعية.
خاتمة
مقياس أساليب النزاع (CTS) هو أداة قيمة في مجال دراسة العنف الأسري. يوفر المقياس معلومات مهمة حول أنواع التكتيكات التي يستخدمها الأفراد في التعامل مع الخلافات، مما يساعد الباحثين والأخصائيين الاجتماعيين على فهم ديناميكيات العنف الأسري بشكل أفضل، وتطوير استراتيجيات للتدخل والوقاية. على الرغم من وجود بعض العيوب في المقياس، إلا أنه يظل أداة أساسية في هذا المجال، ويستخدم على نطاق واسع في مختلف الدراسات البحثية.
المراجع
- Straus, M. A. (1979). Measuring intrafamily conflict and violence: The Conflict Tactics (CT) scales. Journal of Marriage and Family, 41(1), 75-88.
- Straus, M. A., Hamby, S. L., Boney-McCoy, S., & Sugarman, D. B. (1996). The Revised Conflict Tactics Scales (CTS2): Development and preliminary psychometric data. Journal of Family Issues, 17(3), 283-316.
- Archer, J. (2000). Sex differences in aggression between heterosexual partners: A meta-analytic review. Psychological Bulletin, 126(5), 651-680.
- United Nations – Conflict Tactics Scales (CTS)