مقدمة
أبيدينوس (باليونانية: Ἀβυδηνός) هو مؤرخ يوناني عاش على الأرجح في القرن الثاني أو الثالث الميلادي. اشتهر بكتابة تاريخ عن آشور وبابل بعنوان “عن الآشوريين” (On the Assyrians)، ولكن لم يبق منه سوى أجزاء قليلة محفوظة في كتابات مؤرخين لاحقين مثل يوسابيوس القيصري وسينسيلوس وجورجيوس سينسيلوس. على الرغم من أن هذه الأجزاء المتبقية قليلة، إلا أنها تعتبر ذات قيمة كبيرة لفهم التاريخ القديم لمنطقة ما بين النهرين، خاصة وأنها تعكس وجهة نظر مؤرخ يوناني اعتمد على مصادر ربما لم تعد متاحة لنا اليوم.
حياته
لا تتوفر معلومات دقيقة ومفصلة عن حياة أبيدينوس. لا نعرف تاريخ ميلاده أو وفاته على وجه اليقين، ولا توجد تفاصيل موثوقة عن خلفيته العائلية أو تعليمه أو الأماكن التي زارها. معظم ما نعرفه عنه يأتي من الإشارات القليلة التي وردت في كتابات المؤرخين الآخرين الذين استشهدوا به أو نقلوا عنه.
يشير بعض الباحثين إلى أنه ربما عاش في الفترة الهلنستية المتأخرة أو في العصر الروماني، بناءً على طبيعة كتاباته والمصادر التي اعتمد عليها. من المرجح أنه كان شخصًا متعلمًا ومثقفًا، ملمًا بالتاريخ والأساطير المتعلقة بآشور وبابل. تشير كتاباته إلى أنه كان على دراية بالمصادر اليونانية والشرقية المتعلقة بهذه الحضارات القديمة.
نظرًا لقلة المعلومات المتوفرة، يبقى أبيدينوس شخصية غامضة إلى حد كبير في التاريخ. ومع ذلك، فإن أهمية عمله تكمن في الحفاظ على أجزاء من تاريخ آشور وبابل التي ربما فقدت لولا استشهاداته واقتباساته في كتابات المؤرخين اللاحقين.
كتابه “عن الآشوريين”
كان كتاب أبيدينوس “عن الآشوريين” (On the Assyrians) عملاً تاريخيًا شاملاً يهدف إلى سرد تاريخ آشور وبابل منذ أقدم العصور وحتى فترة كتابة أبيدينوس. للأسف، لم يصلنا الكتاب كاملاً، وكل ما لدينا هو مقتطفات وأجزاء محفوظة في كتابات مؤرخين آخرين. ومع ذلك، يمكننا من خلال هذه الأجزاء أن نكون فكرة عامة عن محتوى الكتاب ومنهجه.
تشير الأجزاء المتبقية إلى أن أبيدينوس قد تناول في كتابه موضوعات متنوعة، بما في ذلك:
- الأساطير المؤسسة: يبدو أنه بدأ كتابه بسرد الأساطير القديمة المتعلقة بتأسيس آشور وبابل، بما في ذلك قصص الآلهة والأبطال الذين لعبوا دورًا في تشكيل هذه الحضارات.
- تاريخ الملوك والسلالات الحاكمة: قدم أبيدينوس سردًا لتاريخ الملوك والسلالات الحاكمة التي تعاقبت على حكم آشور وبابل، مع التركيز على الأحداث الهامة والمعارك والفتوحات.
- العادات والتقاليد: وصف أبيدينوس بعض العادات والتقاليد التي كانت سائدة في المجتمع الآشوري والبابلي، مثل الطقوس الدينية والممارسات الاجتماعية والقوانين.
- العلاقات مع الحضارات الأخرى: تناول أبيدينوس العلاقات التي كانت تربط آشور وبابل بالحضارات الأخرى في المنطقة، مثل الحضارة المصرية والحضارة الفارسية والحضارات اليونانية.
من الواضح أن أبيدينوس قد اعتمد في كتابة كتابه على مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك الكتابات اليونانية والشرقية. تشير بعض الأجزاء المتبقية إلى أنه كان على دراية بالكتابات المسمارية البابلية، وأنه ربما استعان بها في كتابة تاريخه. ومع ذلك، يبقى من الصعب تحديد المصادر التي اعتمد عليها أبيدينوس بدقة، نظرًا لقلة المعلومات المتوفرة.
أهمية الأجزاء المتبقية من كتابه
على الرغم من أن الأجزاء المتبقية من كتاب “عن الآشوريين” لأبيدينوس قليلة، إلا أنها تعتبر ذات قيمة كبيرة لفهم التاريخ القديم لمنطقة ما بين النهرين. تعود أهمية هذه الأجزاء إلى عدة أسباب:
- وجهة نظر مؤرخ يوناني: تقدم كتابات أبيدينوس وجهة نظر مؤرخ يوناني للحضارة الآشورية والبابلية. هذا مهم لأنه يسمح لنا برؤية هذه الحضارات من منظور مختلف عن المنظور الذي تقدمه المصادر الشرقية.
- الاعتماد على مصادر مفقودة: من المحتمل أن أبيدينوس قد اعتمد في كتابة تاريخه على مصادر ربما لم تعد متاحة لنا اليوم. هذا يعني أن الأجزاء المتبقية من كتابه قد تحتوي على معلومات قيمة لا يمكن العثور عليها في أي مصدر آخر.
- تأكيد المعلومات التاريخية: في بعض الحالات، تؤكد كتابات أبيدينوس المعلومات التاريخية التي وردت في مصادر أخرى، مما يزيد من مصداقيتها.
- تقديم تفاصيل فريدة: في حالات أخرى، تقدم كتابات أبيدينوس تفاصيل فريدة حول التاريخ الآشوري والبابلي لا يمكن العثور عليها في أي مصدر آخر.
على سبيل المثال، يذكر أبيدينوس قصة عن طوفان عظيم حدث في بلاد ما بين النهرين، وهي قصة مشابهة لقصة الطوفان التي وردت في الكتاب المقدس وفي الأساطير السومرية والبابلية. تشير هذه القصة إلى أن أبيدينوس كان على دراية بالأساطير القديمة المتعلقة ببلاد ما بين النهرين، وأن هذه الأساطير لعبت دورًا في تشكيل فهمه لتاريخ المنطقة.
بشكل عام، تعتبر الأجزاء المتبقية من كتاب “عن الآشوريين” لأبيدينوس مصدرًا قيمًا لفهم التاريخ القديم لمنطقة ما بين النهرين. على الرغم من أنها قليلة، إلا أنها تقدم لنا لمحة عن وجهة نظر مؤرخ يوناني للحضارة الآشورية والبابلية، وتحتوي على معلومات قيمة لا يمكن العثور عليها في أي مصدر آخر.
تأثيره وإرثه
على الرغم من أن كتاب أبيدينوس لم يصلنا كاملاً، إلا أن الأجزاء المتبقية منه كان لها تأثير كبير على فهمنا للتاريخ القديم لمنطقة ما بين النهرين. لقد استشهد به العديد من المؤرخين والعلماء اللاحقين، ولا تزال كتاباته تعتبر مصدرًا قيمًا للباحثين والمهتمين بالتاريخ الآشوري والبابلي.
لقد ساهمت كتابات أبيدينوس في الحفاظ على أجزاء من تاريخ آشور وبابل التي ربما فقدت لولا استشهاداته واقتباساته في كتابات المؤرخين اللاحقين. كما أنها قدمت وجهة نظر يونانية فريدة للحضارة الآشورية والبابلية، مما ساعد على توسيع فهمنا لهذه الحضارات القديمة.
بالإضافة إلى ذلك، ألهمت كتابات أبيدينوس العديد من المؤرخين والعلماء لإجراء المزيد من البحوث والدراسات حول تاريخ آشور وبابل. لقد ساهمت هذه البحوث والدراسات في الكشف عن المزيد من المعلومات حول هذه الحضارات القديمة، وفي فهم دورها في التاريخ العالمي.
بشكل عام، يمكن القول إن أبيدينوس قد ترك إرثًا هامًا في مجال الدراسات التاريخية. على الرغم من أننا لا نعرف الكثير عن حياته أو عن كتابه، إلا أن الأجزاء المتبقية من كتابه لا تزال تعتبر مصدرًا قيمًا لفهم التاريخ القديم لمنطقة ما بين النهرين.
خاتمة
أبيدينوس مؤرخ يوناني قديم، اشتهر بكتابة تاريخ عن آشور وبابل بعنوان “عن الآشوريين”. على الرغم من أن الكتاب لم يصلنا كاملاً، إلا أن الأجزاء المتبقية منه تعتبر ذات قيمة كبيرة لفهم التاريخ القديم لمنطقة ما بين النهرين. تقدم كتابات أبيدينوس وجهة نظر مؤرخ يوناني للحضارة الآشورية والبابلية، وتحتوي على معلومات قيمة لا يمكن العثور عليها في أي مصدر آخر. لقد كان لكتابات أبيدينوس تأثير كبير على فهمنا للتاريخ القديم لمنطقة ما بين النهرين، ولا تزال تعتبر مصدرًا قيمًا للباحثين والمهتمين بالتاريخ الآشوري والبابلي.