<![CDATA[
نشأته وحياته المبكرة
ولد بيتر هنري سكراتشلي في باريس في 24 أغسطس 1835، وهو الابن الوحيد لجيمس سكراتشلي، وهو شخصية بارزة في مجال الرياضيات، وزوجته آنيلي إيزابيلا، ابنة مايكل روبرتس ويسترو، وهو قنصل بريطاني عام في سانت مالو. تلقى سكراتشلي تعليمه في مدرسة تشورنهام ومدرسة بارنستابل، مما منحه أساسًا قويًا لمسيرته المهنية المستقبلية.
في عام 1852، دخل الأكاديمية العسكرية الملكية في وولويتش، حيث أظهر براعة استثنائية في الهندسة والعلوم العسكرية. أكمل دراسته بنجاح وتخرج في عام 1854، مما مهد الطريق لدخوله الجيش البريطاني كضابط مهندس.
مسيرته العسكرية المبكرة
بدأ سكراتشلي مسيرته العسكرية كضابط مهندس في عام 1854، في خضم حرب القرم. تم إرساله إلى شبه جزيرة القرم، حيث شارك في عمليات التحصين والبناء. على الرغم من أن الحرب انتهت قبل أن يتمكن من المشاركة في القتال الفعلي، إلا أن تجربته في القرم كانت لا تقدر بثمن، حيث زودته بخبرة عملية في الهندسة العسكرية وإدارة المشاريع تحت الضغط.
بعد حرب القرم، خدم سكراتشلي في عدد من المواقع في جميع أنحاء الإمبراطورية البريطانية. في عام 1856، تم إرساله إلى جنوب إفريقيا، حيث عمل في تحسين الدفاعات في كيب تاون. أمضى عدة سنوات في جنوب إفريقيا، حيث اكتسب خبرة قيمة في العمل في بيئات مختلفة والتعامل مع التحديات اللوجستية.
الخدمة في سنغافورة
في عام 1860، تم نقل سكراتشلي إلى سنغافورة، حيث لعب دورًا مهمًا في تطوير البنية التحتية للجزيرة. في ذلك الوقت، كانت سنغافورة مستعمرة بريطانية مهمة، وكانت تنمو بسرعة كمركز تجاري. كان سكراتشلي مسؤولاً عن تصميم والإشراف على بناء عدد من المشاريع الهامة، بما في ذلك التحصينات والموانئ والطرق.
أحد أبرز إنجازات سكراتشلي في سنغافورة كان تصميم وبناء Fort Canning، وهو حصن استراتيجي يطل على المدينة والميناء. كان Fort Canning جزءًا أساسيًا من الدفاعات السنغافورية، وقد لعب دورًا مهمًا في حماية الجزيرة من الهجوم. بالإضافة إلى Fort Canning، أشرف سكراتشلي أيضًا على بناء عدد من التحصينات الأخرى، بما في ذلك Fort Siloso و Fort Pasir Panjang.
لم يقتصر عمل سكراتشلي في سنغافورة على الدفاعات العسكرية. كما شارك في تحسين البنية التحتية المدنية للجزيرة. أشرف على بناء الطرق والجسور والمباني العامة، وساهم في تطوير نظام الصرف الصحي في سنغافورة. كان لعمل سكراتشلي تأثير كبير على نمو وتطور سنغافورة، ولا تزال مساهماته محسوسة حتى اليوم.
العودة إلى بريطانيا وتطوير الدفاعات الأسترالية
في عام 1867، عاد سكراتشلي إلى بريطانيا، حيث واصل مسيرته العسكرية. شغل عددًا من المناصب في وزارة الحرب، حيث شارك في التخطيط والتطوير للدفاعات البريطانية. في سبعينيات القرن التاسع عشر، أصبح مهتمًا بشكل متزايد بالدفاع عن المستعمرات الأسترالية.
في ذلك الوقت، كانت المستعمرات الأسترالية قلقة بشأن احتمال الغزو من قبل القوى الأجنبية. كان يُنظر إلى الإمبراطورية الروسية على أنها تهديد محتمل، وكانت هناك أيضًا مخاوف بشأن طموحات فرنسا وألمانيا في منطقة المحيط الهادئ. استجابة لهذه المخاوف، طلبت المستعمرات الأسترالية من الحكومة البريطانية المساعدة في تطوير دفاعاتها.
تم تكليف سكراتشلي بتقييم الدفاعات الأسترالية وتقديم توصيات للتحسينات. قام بزيارة جميع المستعمرات الأسترالية الرئيسية في عام 1877، وقدم تقريرًا شاملاً إلى الحكومة البريطانية. أوصى سكراتشلي ببناء عدد من التحصينات الساحلية، بالإضافة إلى تطوير قوة عسكرية متنقلة يمكنها الاستجابة بسرعة للتهديدات.
تم قبول توصيات سكراتشلي من قبل الحكومة البريطانية، وتم تعيينه للإشراف على تنفيذها. أمضى عدة سنوات في أستراليا، حيث عمل عن كثب مع الحكومات الاستعمارية لتطوير دفاعاتها. أشرف سكراتشلي على بناء عدد من التحصينات الساحلية الرئيسية، بما في ذلك Fort Nepean و Fort Queenscliff في فيكتوريا، و Fort Denison في نيو ساوث ويلز. كما ساعد في تطوير القوات العسكرية الاستعمارية، وقدم المشورة بشأن التدريب والتجهيز.
كان لعمل سكراتشلي في أستراليا تأثير كبير على تطوير الدفاعات الأسترالية. ساعد في تحويل المستعمرات الأسترالية إلى قوة عسكرية قادرة على الدفاع عن نفسها ضد الهجوم. كما ساهم في تعزيز الشعور بالهوية الوطنية الأسترالية.
مفوضًا خاصًا لغينيا الجديدة
في عام 1884، تم تعيين سكراتشلي مفوضًا خاصًا لغينيا الجديدة. في ذلك الوقت، كانت غينيا الجديدة مقسمة بين هولندا وبريطانيا وألمانيا. كانت بريطانيا مهتمة بتأسيس محمية في الجزء الجنوبي من غينيا الجديدة، وكان سكراتشلي مسؤولاً عن التفاوض مع السكان الأصليين وإقامة إدارة بريطانية.
وصل سكراتشلي إلى غينيا الجديدة في عام 1885، وبدأ على الفور في مهمته. سافر على نطاق واسع في جميع أنحاء الإقليم، وتفاوض مع عدد من القبائل الأصلية. سعى سكراتشلي إلى إقامة علاقات ودية مع السكان الأصليين، وأكد لهم أن البريطانيين لن يتدخلوا في شؤونهم الداخلية.
ومع ذلك، واجه سكراتشلي عددًا من التحديات في غينيا الجديدة. كان الإقليم شاسعًا ووعرًا، وكان التواصل صعبًا. كان السكان الأصليون متنوعين ومنقسمين، وكان من الصعب إرضاء الجميع. بالإضافة إلى ذلك، واجه سكراتشلي مقاومة من القوى الأوروبية الأخرى، التي كانت حريصة على توسيع نفوذها في المنطقة.
وفاته وإرثه
توفي السير بيتر سكراتشلي في 2 ديسمبر 1885 على متن السفينة “Lucinda” قبالة سواحل غينيا الجديدة، بعد إصابته بالملاريا. كان عمره 50 عامًا فقط. تم دفنه في جزيرة بورت مورسبي، تاركًا وراءه إرثًا كبيرًا من الخدمة العامة والإنجازات الهندسية والعسكرية.
تم تذكر سكراتشلي لعمله الدؤوب وتفانيه في خدمة الإمبراطورية البريطانية. كان يتمتع باحترام كبير لخبرته الهندسية العسكرية وقدرته على العمل بفعالية في البيئات الصعبة. تركت مساهماته في تطوير الدفاعات الأسترالية وتحسين البنية التحتية لسنغافورة بصمة دائمة. لا يزال إرثه باقياً حتى اليوم، حيث يتم تذكره كشخصية بارزة في التاريخ الاستعماري البريطاني.
خاتمة
كان السير بيتر سكراتشلي شخصية بارزة في التاريخ الاستعماري البريطاني، حيث لعب دورًا حاسمًا في تطوير الدفاعات الأسترالية وتحسين البنية التحتية لسنغافورة. بصفته مفوضًا خاصًا لغينيا الجديدة، سعى إلى إقامة علاقات ودية مع السكان الأصليين ووضع الأساس للإدارة البريطانية. على الرغم من وفاته المبكرة، ترك سكراتشلي وراءه إرثًا كبيرًا من الخدمة العامة والإنجازات الهندسية والعسكرية، مما جعله شخصية محورية في تاريخ الإمبراطورية البريطانية.