حياته
لا تتوفر معلومات تفصيلية عن حياة يوستوس الطبري خارج ما ذكره يوسيفوس. من المفترض أنه ولد في طبريا بالجليل، وهي مدينة ذات أهمية كبيرة في التاريخ اليهودي. من المحتمل أنه كان من عائلة بارزة، مما سمح له بالحصول على تعليم جيد والانخراط في الشؤون العامة.
يُعتقد أن يوستوس كان معاصراً ليوسيفوس فلافيوس، وكلاهما شهدا الأحداث المضطربة التي شهدتها اليهودية في القرن الأول الميلادي، بما في ذلك الثورة اليهودية الكبرى ضد الإمبراطورية الرومانية (66-73 م). لعب يوسيفوس دوراً قيادياً في هذه الثورة، بينما يبدو أن يوستوس اتخذ موقفاً أكثر حذراً أو ربما معارضاً.
يذكر يوسيفوس أن يوستوس كان من سكان طبريا، وأنه شارك في بعض الأحداث السياسية في المدينة. يصفه يوسيفوس بأنه شخص طموح يسعى إلى السلطة والنفوذ. ومع ذلك، تبقى هذه التصريحات عرضة للتحيز، نظراً للعلاقة المتوترة بين الرجلين.
مؤلفاته
العمل الرئيسي الذي اشتهر به يوستوس هو كتابه عن تاريخ الحرب اليهودية ضد الرومان. وفقاً ليوسيفوس، كتب يوستوس هذا العمل لتقديم روايته الخاصة للأحداث، والتي كانت تختلف عن رواية يوسيفوس نفسه. يزعم يوسيفوس أن يوستوس تعمد تشويه الحقائق وتضليل القراء لخدمة مصالحه الخاصة.
يذكر يوسيفوس أيضاً أن يوستوس كتب تاريخاً موجزاً للعهد القديم، بدءاً من قصة موسى وانتهاءً بعصر الملك أغريباس الثاني. يُعتقد أن هذا العمل كان يهدف إلى تقديم سرد تاريخي لليهودية للجمهور اليوناني الروماني.
لسوء الحظ، لم يتبق أي من أعمال يوستوس الطبري حتى يومنا هذا. كل ما نعرفه عن كتاباته يأتي من الإشارات والانتقادات التي وجهها إليه يوسيفوس في كتاباته. هذا يجعل من الصعب تقييم مدى دقة أو موضوعية رواية يوستوس للأحداث.
انتقادات يوسيفوس
ينتقد يوسيفوس فلافيوس يوستوس الطبري بشدة في كتابه “الحياة”. يتهم يوسيفوس يوستوس بالكذب والتحريف والتآمر ضده. يزعم يوسيفوس أن يوستوس كان مدفوعاً بالحسد والطموح، وأنه سعى إلى تقويض سمعة يوسيفوس وتشويه صورته.
على سبيل المثال، يتهم يوسيفوس يوستوس بإخفاء الحقائق الهامة في كتابه عن الحرب اليهودية، وتقديم صورة مشوهة للأحداث. يزعم يوسيفوس أن يوستوس تعمد تبرئة نفسه وتشويه سمعة خصومه، بما في ذلك يوسيفوس نفسه.
ومع ذلك، من المهم أن نضع في الاعتبار أن انتقادات يوسيفوس ربما كانت مدفوعة بالعداوة الشخصية والغيرة المهنية. كان يوسيفوس ويوستوس منافسين، وكلاهما كان يسعى إلى كسب تأييد الجمهور وتقديم روايته الخاصة للتاريخ اليهودي. لذلك، من الضروري التعامل بحذر مع انتقادات يوسيفوس ليوستوس، والنظر في مصادر أخرى للمعلومات إن وجدت.
أهميته التاريخية
على الرغم من أن أعمال يوستوس الطبري لم تنجُ، إلا أنه لا يزال شخصية مهمة في التاريخ اليهودي في القرن الأول الميلادي. يمثل يوستوس صوتاً بديلاً عن صوت يوسيفوس، ويقدم لنا لمحة عن وجهات النظر المختلفة حول الأحداث المضطربة التي شهدتها اليهودية في تلك الفترة.
حقيقة أن يوسيفوس شعر بالحاجة إلى انتقاد يوستوس بشدة تشير إلى أن يوستوس كان له تأثير كبير على الجمهور. ربما كان يوستوس يتمتع بشعبية كبيرة بين اليهود في الجليل، وكان لكتاباته تأثير كبير على تصورهم للأحداث.
بالإضافة إلى ذلك، يذكرنا يوستوس بأهمية وجود وجهات نظر متعددة حول الأحداث التاريخية. غالباً ما تكون الروايات التاريخية متحيزة، وتعكس وجهة نظر المؤلف ومصالحه. من خلال دراسة وجهات النظر المختلفة، يمكننا الحصول على فهم أكثر اكتمالاً وتعقيداً للتاريخ.
الجدل حول شخصيته
تبقى شخصية يوستوس الطبري مثيرة للجدل، وذلك بسبب الاعتماد الكبير على رواية يوسيفوس فلافيوس التي تتسم بالتحيز. يرى البعض أن يوستوس كان مؤرخاً موضوعياً يسعى إلى تقديم رواية دقيقة للأحداث، بينما يرى آخرون أنه كان شخصاً طموحاً ومخادعاً يسعى إلى تحقيق مصالحه الخاصة.
من الصعب تحديد الحقيقة بشكل قاطع، نظراً لعدم وجود مصادر مستقلة للمعلومات حول يوستوس. ومع ذلك، من خلال دراسة انتقادات يوسيفوس بعناية، ومحاولة فهم السياق التاريخي الذي عاش فيه يوستوس، يمكننا تكوين صورة أكثر دقة لشخصيته ودوره في التاريخ اليهودي.
- الرأي المؤيد: يرى أصحاب هذا الرأي أن يوستوس كان يحاول تقديم رواية تاريخية بديلة لرواية يوسيفوس، وأنه كان يسعى إلى تصحيح الأخطاء والتحريفات التي ارتكبها يوسيفوس. قد يكون يوستوس قد رأى أن يوسيفوس قد خان القضية اليهودية من خلال تعاونه مع الرومان، وأنه كان يسعى إلى تقديم رواية أكثر وطنية وأكثر دفاعاً عن المصالح اليهودية.
- الرأي المعارض: يرى أصحاب هذا الرأي أن يوستوس كان مدفوعاً بالطموح الشخصي والحسد، وأنه كان يسعى إلى تقويض سمعة يوسيفوس وتشويه صورته. قد يكون يوستوس قد رأى في يوسيفوس منافساً له، وأنه كان يسعى إلى الحصول على المزيد من السلطة والنفوذ في المجتمع اليهودي.
تأثيره على التاريخ
على الرغم من عدم بقاء أي من أعماله، إلا أن يوستوس الطبري ترك بصمة واضحة في التاريخ من خلال الجدل الذي أثاره مع يوسيفوس فلافيوس. هذا الجدل يلقي الضوء على التحديات التي تواجه المؤرخين في محاولتهم إعادة بناء الماضي، وأهمية النظر إلى مصادر متعددة وتقييمها بشكل نقدي.
يذكرنا يوستوس أيضاً بأهمية وجود وجهات نظر مختلفة حول الأحداث التاريخية. غالباً ما تكون الروايات التاريخية متحيزة، وتعكس وجهة نظر المؤلف ومصالحه. من خلال دراسة وجهات النظر المختلفة، يمكننا الحصول على فهم أكثر اكتمالاً وتعقيداً للتاريخ.
خاتمة
يوستوس الطبري هو مؤرخ يهودي من القرن الأول الميلادي، اشتهر بكونه خصماً ليوسيفوس فلافيوس. على الرغم من أن أعماله قد فقدت، إلا أن ذكره في كتابات يوسيفوس يقدم لنا لمحة عن وجهة نظر بديلة للأحداث الهامة في تلك الفترة. شخصيته تبقى موضع جدل بسبب التحيز المحتمل في المصادر المتاحة، لكنه يظل شخصية مهمة في فهم التاريخ اليهودي في ظل الإمبراطورية الرومانية.