مقدمة
التصويت التكميلي (SV) هو نظام انتخابي مصمم لانتخاب مرشح واحد في دائرة انتخابية. يهدف هذا النظام إلى ضمان حصول الفائز على أغلبية حقيقية من الأصوات، مما يعزز شرعيته وقبوله من قبل الناخبين. يتميز التصويت التكميلي بأسلوب فريد يجمع بين بساطة التصويت المباشر وبعض مزايا الأنظمة الانتخابية الأكثر تعقيدًا.
آلية التصويت التكميلي
في نظام التصويت التكميلي، يُطلب من الناخبين تحديد مرشحين اثنين يعتبرونهما الأفضل. يُعرف المرشح الأول الذي يختاره الناخب بـ “التفضيل الأول”، بينما يُعرف المرشح الثاني بـ “التفضيل الثاني”. لا يُطلب من الناخبين ترتيب جميع المرشحين، بل فقط تحديد أفضل اثنين بالنسبة لهم. هذه البساطة تجعل النظام سهل الفهم والاستخدام من قبل الناخبين.
كيفية احتساب الأصوات
تتم عملية احتساب الأصوات في جولتين:
- الجولة الأولى: في البداية، يتم احتساب أصوات التفضيل الأول لكل مرشح. إذا حصل أي مرشح على أكثر من 50% من الأصوات في هذه الجولة، يُعلن فوزه مباشرةً.
- الجولة الثانية: إذا لم يحصل أي مرشح على الأغلبية في الجولة الأولى، يتم استبعاد جميع المرشحين باستثناء المرشحين اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات (عادةً المرشحين الأول والثاني). ثم، يتم توزيع أصوات التفضيل الثاني من أوراق الاقتراع التي صوتت للمرشحين المستبعدين على المرشحين المتبقيين. بمعنى آخر، إذا كان الناخب قد صوّت لمرشح تم استبعاده في الجولة الأولى، يتم نقل صوته إلى المرشح الذي اختاره كتفضيل ثانٍ.
بعد توزيع أصوات التفضيل الثاني، يتم جمع الأصوات الجديدة للمرشحين المتبقيين. المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات في هذه المرحلة يُعلن فوزه بالانتخابات.
مثال توضيحي
لنفترض أن لدينا انتخابات بمشاركة أربعة مرشحين: أحمد، وباسم، وخالد، وداليا. بعد الجولة الأولى من احتساب الأصوات، كانت النتائج كالتالي:
- أحمد: 35%
- باسم: 30%
- خالد: 20%
- داليا: 15%
بما أنه لم يحصل أي مرشح على أكثر من 50% من الأصوات، يتم استبعاد خالد وداليا. ثم، يتم توزيع أصوات التفضيل الثاني من أوراق الاقتراع التي صوتت لخالد وداليا على أحمد وباسم. لنفترض أن بعد توزيع الأصوات، أصبحت النتائج كالتالي:
- أحمد: 48%
- باسم: 52%
في هذه الحالة، يُعلن باسم فائزًا بالانتخابات لأنه حصل على أغلبية الأصوات بعد توزيع أصوات التفضيل الثاني.
مزايا التصويت التكميلي
يتميز نظام التصويت التكميلي بالعديد من المزايا التي تجعله خيارًا جذابًا للعديد من الدول:
- ضمان الأغلبية: يضمن هذا النظام أن الفائز يحصل على أغلبية حقيقية من الأصوات، مما يعزز شرعيته ويقلل من احتمالية فوز مرشح لا يحظى بشعبية واسعة.
- تشجيع التصويت الاستراتيجي: يشجع الناخبين على التفكير مليًا في خياراتهم والتصويت لمرشحين لديهم فرصة حقيقية للفوز. يمكن للناخبين دعم مرشحهم المفضل في التفضيل الأول، ثم اختيار مرشح آخر كخيار احتياطي في التفضيل الثاني.
- تقليل تأثير الأصوات الضائعة: يقلل هذا النظام من تأثير الأصوات الضائعة، حيث أن أصوات الناخبين الذين صوتوا لمرشحين تم استبعادهم لا تضيع، بل يتم نقلها إلى مرشحيهم المفضلين الآخرين.
- سهولة الفهم: يعتبر نظام التصويت التكميلي سهل الفهم والاستخدام من قبل الناخبين، مما يشجع على المشاركة الفعالة في العملية الانتخابية.
- الحد من التطرف: يميل هذا النظام إلى تشجيع المرشحين على تبني مواقف معتدلة، حيث أنهم بحاجة إلى جذب أصوات التفضيل الثاني من ناخبي المرشحين الآخرين.
عيوب التصويت التكميلي
على الرغم من المزايا العديدة، إلا أن نظام التصويت التكميلي له بعض العيوب التي يجب أخذها في الاعتبار:
- التعقيد النسبي: على الرغم من بساطته مقارنة ببعض الأنظمة الانتخابية الأخرى، إلا أنه قد يكون أكثر تعقيدًا من نظام التصويت المباشر البسيط.
- احتمالية عدم استخدام التفضيل الثاني: قد يختار بعض الناخبين التصويت لمرشح واحد فقط، مما يعني أن أصواتهم قد لا يتم احتسابها بالكامل إذا تم استبعاد المرشح الذي اختاروه.
- إمكانية التلاعب الاستراتيجي: على الرغم من أنه يشجع على التصويت الاستراتيجي، إلا أنه يمكن أن يؤدي أيضًا إلى التلاعب، حيث قد يحاول بعض الناخبين التصويت لمرشح ضعيف في التفضيل الأول بهدف التأثير على نتائج الجولة الثانية.
- نتائج غير متوقعة: في بعض الحالات، قد يؤدي هذا النظام إلى نتائج غير متوقعة، حيث قد يفوز مرشح لم يحصل على دعم كبير في الجولة الأولى ولكنه تمكن من الحصول على أصوات التفضيل الثاني.
دول تستخدم التصويت التكميلي
يستخدم نظام التصويت التكميلي في عدد قليل من الدول والمناطق حول العالم. من بين الأمثلة البارزة:
- لندن (بريطانيا): يستخدم هذا النظام لانتخاب عمدة لندن.
- فيجي: استخدمت فيجي هذا النظام في الماضي لانتخاب أعضاء البرلمان.
- بعض الانتخابات المحلية في أستراليا: يتم استخدامه في بعض الانتخابات المحلية في أستراليا.
يعتبر استخدام هذا النظام محدودًا نسبيًا مقارنة بالأنظمة الانتخابية الأخرى الأكثر شيوعًا.
مقارنة بين التصويت التكميلي وأنظمة انتخابية أخرى
من المهم مقارنة التصويت التكميلي بالأنظمة الانتخابية الأخرى لفهم مكانته وميزاته الفريدة. إليكم مقارنة موجزة بينه وبين بعض الأنظمة الأخرى:
- التصويت المباشر (First-Past-The-Post): في هذا النظام، يفوز المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات، حتى لو لم يحصل على الأغلبية. التصويت التكميلي يختلف عن ذلك لأنه يضمن حصول الفائز على الأغلبية.
- التصويت البديل (Alternative Vote): في هذا النظام، يقوم الناخبون بترتيب جميع المرشحين حسب تفضيلهم. التصويت التكميلي أبسط من ذلك، حيث يُطلب من الناخبين فقط تحديد مرشحين اثنين.
- نظام التمثيل النسبي (Proportional Representation): في هذا النظام، يتم توزيع المقاعد في البرلمان بناءً على نسبة الأصوات التي حصل عليها كل حزب. التصويت التكميلي لا يهدف إلى تحقيق التمثيل النسبي، بل يهدف إلى انتخاب مرشح واحد بأغلبية الأصوات.
التصويت التكميلي في العالم العربي
لم يتم استخدام نظام التصويت التكميلي على نطاق واسع في العالم العربي. ومع ذلك، يمكن أن يكون هذا النظام خيارًا جذابًا لبعض الدول التي تسعى إلى إصلاح أنظمتها الانتخابية وتعزيز شرعية الانتخابات. يمكن أن يساعد هذا النظام في تقليل تأثير الأصوات الضائعة وتشجيع المرشحين على تبني مواقف معتدلة، مما قد يساهم في تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي.
تحديات تطبيق التصويت التكميلي
قد تواجه الدول التي تفكر في تطبيق نظام التصويت التكميلي بعض التحديات. من بين هذه التحديات:
- التوعية والتثقيف: يجب على السلطات بذل جهود كبيرة لتوعية الناخبين بآلية التصويت التكميلي وكيفية استخدامه بشكل صحيح.
- تدريب العاملين في الانتخابات: يجب تدريب العاملين في الانتخابات على كيفية احتساب الأصوات وتوزيعها بشكل صحيح.
- تحديث القوانين الانتخابية: يجب تحديث القوانين الانتخابية لتشمل أحكامًا خاصة بنظام التصويت التكميلي.
- مواجهة المعارضة السياسية: قد يواجه تطبيق هذا النظام معارضة من بعض الأحزاب السياسية التي ترى أنه يهدد مصالحها.
خاتمة
التصويت التكميلي هو نظام انتخابي يهدف إلى ضمان حصول الفائز على أغلبية حقيقية من الأصوات. يتميز هذا النظام ببعض المزايا، مثل تشجيع التصويت الاستراتيجي وتقليل تأثير الأصوات الضائعة. ومع ذلك، له أيضًا بعض العيوب، مثل التعقيد النسبي وإمكانية التلاعب الاستراتيجي. على الرغم من أن استخدامه محدود نسبيًا، إلا أنه يمكن أن يكون خيارًا جذابًا لبعض الدول التي تسعى إلى إصلاح أنظمتها الانتخابية.