<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد هاري غانينغ في تورنتو ونشأ فيها، وتلقى تعليمه المبكر في مدارسها المحلية. أظهر منذ صغره اهتمامًا كبيرًا بالعلوم، وخاصة الكيمياء. التحق بجامعة تورنتو، حيث حصل على درجة البكالوريوس في العلوم (BSc) بمرتبة الشرف في الكيمياء عام 1938. لم يكتفِ بذلك، بل واصل دراساته العليا في نفس الجامعة، وحصل على درجة الماجستير في العلوم (MSc) عام 1939. ثم انتقل إلى جامعة كامبريدج في إنجلترا، حيث أجرى أبحاثًا متقدمة في الكيمياء وحصل على درجة الدكتوراه (PhD) عام 1941.
مسيرته الأكاديمية
بعد حصوله على الدكتوراه، عاد غانينغ إلى كندا وانضم إلى المجلس الوطني للبحوث (National Research Council) كباحث. خلال فترة عمله في المجلس، تركزت أبحاثه على الكيمياء الضوئية، وهي دراسة التفاعلات الكيميائية التي تحدث نتيجة لامتصاص الضوء. أجرى غانينغ وفريقه العديد من الدراسات الرائدة التي ساهمت في فهم آليات التفاعلات الكيميائية الضوئية وتطبيقاتها في مجالات مختلفة، مثل البوليمرات والتحفيز الضوئي.
في عام 1947، انضم غانينغ إلى هيئة التدريس في قسم الكيمياء بجامعة ألبرتا. سرعان ما ارتقى في الرتب الأكاديمية، وأصبح أستاذًا مشاركًا في عام 1952 وأستاذًا كاملاً في عام 1956. خلال فترة عمله في جامعة ألبرتا، قام بتأسيس برنامج بحثي قوي في الكيمياء الضوئية، وجذب العديد من الطلاب والباحثين الموهوبين. أشرف على العديد من طلاب الدراسات العليا الذين أصبحوا فيما بعد قادة في مجالاتهم.
بالإضافة إلى أبحاثه وتدريسه، لعب غانينغ دورًا إداريًا مهمًا في جامعة ألبرتا. شغل منصب رئيس قسم الكيمياء من عام 1963 إلى عام 1969، وعميد كلية العلوم من عام 1969 إلى عام 1974. خلال فترة ولايته كعميد، قام بتوسيع وتنويع برامج الكلية، وعزز التعاون بين الأقسام المختلفة، وجذب التمويل اللازم لدعم البحث العلمي.
مساهماته العلمية
تعتبر مساهمات هاري غانينغ العلمية في مجال الكيمياء الضوئية كبيرة ومؤثرة. ركزت أبحاثه على دراسة آليات التفاعلات الكيميائية التي تحدث نتيجة لامتصاص الضوء، وتطبيقات هذه التفاعلات في مجالات مختلفة. من بين أبرز مساهماته:
- دراسة التفاعلات الكيميائية الضوئية للمركبات العضوية: قام غانينغ وفريقه بدراسة شاملة للتفاعلات الكيميائية الضوئية لمجموعة واسعة من المركبات العضوية، مثل الألكينات والألدهيدات والكيتونات. اكتشفوا آليات جديدة لهذه التفاعلات وحددوا العوامل التي تؤثر على سرعتها ونوعية النواتج.
- تطوير طرق جديدة للتحفيز الضوئي: قام غانينغ بتطوير طرق جديدة لاستخدام الضوء كحافز للتفاعلات الكيميائية. استخدم مواد حساسة للضوء لتحويل الطاقة الضوئية إلى طاقة كيميائية، مما أدى إلى تسريع التفاعلات وزيادة إنتاجية النواتج المرغوبة.
- تطبيق الكيمياء الضوئية في مجال البوليمرات: استكشف غانينغ استخدام الكيمياء الضوئية في مجال البوليمرات. قام بتطوير طرق جديدة لإنتاج بوليمرات ذات خصائص فريدة باستخدام التفاعلات الكيميائية الضوئية. كما درس استخدام الضوء لتعديل خصائص البوليمرات الموجودة.
- دراسة التفاعلات الكيميائية الضوئية في الغلاف الجوي: أجرى غانينغ أبحاثًا حول التفاعلات الكيميائية الضوئية التي تحدث في الغلاف الجوي، وخاصة التفاعلات التي تؤثر على تكوين الأوزون وتلوث الهواء. ساهمت هذه الأبحاث في فهم أفضل للعمليات الكيميائية التي تحدث في الغلاف الجوي وتأثيرها على البيئة.
الجوائز والتكريمات
تقديرًا لمساهماته العلمية والإدارية، حصل هاري غانينغ على العديد من الجوائز والتكريمات المرموقة، بما في ذلك:
- زمالة الجمعية الملكية الكندية: انتخب غانينغ زميلًا في الجمعية الملكية الكندية عام 1962، وهي أعلى هيئة علمية في كندا.
- جائزة الكيمياء من المعهد الكندي للكيمياء: حصل غانينغ على جائزة الكيمياء من المعهد الكندي للكيمياء عام 1978، تقديرًا لمساهماته البارزة في مجال الكيمياء.
- الدكتوراه الفخرية من جامعة كالغاري: منحته جامعة كالغاري درجة الدكتوراه الفخرية عام 1982، تقديرًا لإنجازاته العلمية والإدارية.
- وسام كندا: تم تعيين غانينغ عضوًا في وسام كندا عام 1984، وهو أعلى وسام مدني في كندا.
إسهاماته في السياسة العلمية
لم تقتصر مساهمات هاري غانينغ على البحث العلمي والإدارة الأكاديمية، بل امتدت لتشمل السياسة العلمية. لعب دورًا فعالًا في تطوير السياسات العلمية في كندا، وقدم المشورة للحكومة بشأن القضايا المتعلقة بالبحث العلمي والابتكار. شارك في العديد من اللجان والمجالس الحكومية التي تهدف إلى تعزيز البحث العلمي وتطوير التكنولوجيا في كندا. كان يؤمن بأهمية الاستثمار في البحث العلمي لخلق فرص اقتصادية جديدة وتحسين نوعية الحياة للمواطنين.
كما دافع غانينغ عن أهمية التعاون الدولي في مجال البحث العلمي. شارك في العديد من المؤتمرات والندوات الدولية، وتبادل الخبرات والمعرفة مع العلماء والباحثين من مختلف أنحاء العالم. كان يؤمن بأن التعاون الدولي يمكن أن يؤدي إلى حل المشكلات العالمية المعقدة، مثل تغير المناخ والأمن الغذائي.
حياته الشخصية
كان هاري غانينغ شخصًا متواضعًا ومحبًا للخير. كان يتمتع بشخصية جذابة وقدرة على التواصل الفعال مع الآخرين. كان يحظى باحترام وتقدير زملائه وطلابه. كان متزوجًا من مارغريت غانينغ، ولديهما ثلاثة أطفال. كان يقضي وقت فراغه في القراءة والسفر والاستمتاع بالطبيعة.
إرثه
ترك هاري غانينغ إرثًا دائمًا في مجال الكيمياء والبحث العلمي والإدارة الأكاديمية والسياسة العلمية. ساهمت أبحاثه في فهم أفضل للعمليات الكيميائية الضوئية وتطبيقاتها في مجالات مختلفة. قام بتدريب وتوجيه العديد من الطلاب والباحثين الذين أصبحوا فيما بعد قادة في مجالاتهم. لعب دورًا مهمًا في تطوير السياسات العلمية في كندا وتعزيز البحث العلمي والابتكار. سيظل اسمه محفورًا في تاريخ العلم في كندا.
خاتمة
كان هاري غانينغ عالمًا وإداريًا كنديًا متميزًا. قدم مساهمات كبيرة في مجال الكيمياء الضوئية والإدارة الأكاديمية والسياسة العلمية. يعتبر شخصية مؤثرة في تاريخ العلم في كندا، وسيظل إرثه مصدر إلهام للأجيال القادمة من العلماء والباحثين.