<![CDATA[
التأسيس والأهداف
تأسست اليد البيضاء في عام 1912 على يد مجموعة من الضباط الصرب بقيادة دراغوتين ديميترييفيتش المعروف بـ “أبيس”. كان الهدف الرئيسي للمنظمة في البداية هو توحيد جميع الأراضي التي يسكنها الصرب، بما في ذلك تلك التي كانت تحت سيطرة الإمبراطورية النمساوية المجرية. وقد تبنت المنظمة أساليب عنيفة لتحقيق أهدافها، بما في ذلك الاغتيالات والتخريب.
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وتأسيس مملكة الصرب والكروات والسلوفينيين، تغيرت أهداف اليد البيضاء. بدلاً من السعي إلى توحيد الأراضي الصربية، ركزت المنظمة على الحفاظ على وحدة المملكة الجديدة وتعزيز النفوذ الصربي فيها. كما سعت اليد البيضاء إلى مكافحة الحركات الانفصالية التي كانت تهدد وحدة يوغوسلافيا.
الهيكل والتنظيم
كانت اليد البيضاء منظمة سرية ذات هيكل هرمي. كان على رأس المنظمة لجنة مركزية تتخذ القرارات الرئيسية. وكانت اللجنة المركزية مسؤولة أمامها لجان إقليمية في مختلف أنحاء يوغوسلافيا. كان أعضاء المنظمة ملزمين بالولاء المطلق لقادتهم وبالحفاظ على سرية أنشطتهم.
اعتمدت اليد البيضاء على التمويل الذاتي من خلال تبرعات الأعضاء والمتعاطفين معها. كما تلقت المنظمة دعمًا سريًا من بعض المسؤولين الحكوميين والعسكريين الصرب.
الأنشطة والتأثير
لعبت اليد البيضاء دورًا هامًا في السياسة اليوغوسلافية خلال فترة ما بين الحربين العالميتين. شاركت المنظمة في العديد من المؤامرات والانقلابات، وكان لها تأثير كبير على القرارات السياسية والعسكرية. من أبرز أنشطة اليد البيضاء:
- اغتيال الأرشيدوق النمساوي فرانز فرديناند: في عام 1914، نفذت مجموعة من الشباب الصرب البوسنيين، بتشجيع ودعم من اليد السوداء (الاسم السابق لـ اليد البيضاء)، عملية اغتيال الأرشيدوق النمساوي فرانز فرديناند في سراييفو. كان هذا الاغتيال الشرارة التي أشعلت الحرب العالمية الأولى.
- انقلاب عام 1917: في عام 1917، شاركت اليد البيضاء في انقلاب أطاح برئيس الوزراء الصربي نيكولا باشيتش. كان باشيتش معارضًا لسياسات اليد البيضاء، وسعت المنظمة إلى إزاحته من السلطة.
- محاولة اغتيال الأمير ألكسندر: في عام 1920، حاولت اليد البيضاء اغتيال الأمير ألكسندر، الذي أصبح فيما بعد ملك يوغوسلافيا. فشلت المحاولة، لكنها أدت إلى تفاقم التوتر بين اليد البيضاء والحكومة اليوغوسلافية.
- دعم الانقلابات العسكرية: دعمت اليد البيضاء العديد من الانقلابات العسكرية في يوغوسلافيا، بما في ذلك انقلاب عام 1929 الذي أدى إلى إقامة الدكتاتورية الملكية.
أثرت اليد البيضاء بشكل كبير على السياسة اليوغوسلافية. ساهمت المنظمة في زعزعة الاستقرار السياسي في البلاد وتعزيز النزعة القومية الصربية. كما لعبت اليد البيضاء دورًا في تفاقم التوترات العرقية بين الصرب والكروات والسلوفينيين.
حل المنظمة
في عام 1917، تم حل منظمة “الاتحاد أو الموت” رسميًا، ولكن استمر أعضاؤها في العمل تحت أسماء مختلفة، بما في ذلك اليد البيضاء. وبعد تولي الملك ألكسندر السلطة، سعى إلى الحد من نفوذ اليد البيضاء، خوفًا من طموحاتها وتدخلها في شؤون الدولة. في عام 1929، قام الملك ألكسندر بحظر جميع المنظمات السياسية السرية، بما في ذلك اليد البيضاء. تم اعتقال العديد من قادة المنظمة وإعدامهم أو سجنهم.
على الرغم من حلها، استمرت اليد البيضاء في التأثير على السياسة اليوغوسلافية حتى الحرب العالمية الثانية. لعب بعض أعضاء المنظمة السابقين دورًا في الحركة التشيتنيكية، وهي حركة قومية صربية قاتلت ضد الاحتلال الألماني ليوغوسلافيا.
الجدل والإرث
تعتبر اليد البيضاء من أكثر المنظمات إثارة للجدل في تاريخ يوغوسلافيا. يرى البعض أنها منظمة وطنية سعت إلى حماية المصالح الصربية والحفاظ على وحدة يوغوسلافيا. بينما يرى البعض الآخر أنها منظمة إرهابية مسؤولة عن العديد من أعمال العنف والمؤامرات التي زعزعت استقرار البلاد.
لا يزال إرث اليد البيضاء مثار جدل في صربيا والبلقان. تستخدم بعض الجماعات القومية الصربية رموز اليد البيضاء كرمز للهوية الوطنية. بينما ينتقد آخرون المنظمة بسبب تاريخها العنيف ودورها في تفاقم التوترات العرقية.
خاتمة
كانت اليد البيضاء منظمة عسكرية سرية ذات تأثير كبير على السياسة اليوغوسلافية خلال فترة ما بين الحربين العالميتين. لعبت المنظمة دورًا في العديد من الأحداث الهامة، بما في ذلك اغتيال الأرشيدوق فرانز فرديناند، والانقلابات العسكرية، ومحاولات الاغتيال. على الرغم من حلها، استمرت اليد البيضاء في التأثير على السياسة اليوغوسلافية حتى الحرب العالمية الثانية. لا يزال إرث اليد البيضاء مثار جدل في صربيا والبلقان.