نشأتها وحياتها المبكرة
ولدت فيولا إيرين ديزموند في هاليفاكس، نوفا سكوشا، في 6 يوليو 1914. كانت واحدة من عشرة أطفال ولدوا لجيمس ألبرت ديفيس وزوجته جيني روز (ني وايتي). كان والدها يعمل حلاقًا بينما كانت والدتها ربة منزل. نشأت ديزموند في مجتمع أسود نشط ومتماسك في هاليفاكس، لكنها كانت مدركة تمامًا للتمييز العنصري الذي كان سائدًا في ذلك الوقت.
على الرغم من العقبات التي واجهتها بسبب لون بشرتها، كانت ديزموند مصممة على الحصول على تعليم جيد. بعد الانتهاء من المدرسة الثانوية المحلية، درست في كلية سيتي في مونتريال لتتخصص في مجال الأعمال. بعد ذلك، التحقت بمدرسة التجميل في الولايات المتحدة، حيث تلقت تدريبًا متقدمًا في فن التجميل.
مسيرتها المهنية كرائدة أعمال
بعد إكمال تعليمها، عادت ديزموند إلى هاليفاكس وأسست صالون تجميل خاص بها باسم “Vi’s Studio of Beauty Culture”. كان صالونها ناجحًا للغاية، وسرعان ما اكتسبت سمعة طيبة كخبيرة تجميل موهوبة ومبتكرة. بالإضافة إلى إدارة صالونها، قامت ديزموند بتدريب العديد من النساء السوداوات الأخريات في مجال التجميل، مما ساهم في تمكينهن اقتصاديًا واجتماعيًا.
لم تكتف ديزموند بإدارة صالونها، بل قامت أيضًا بتأسيس “أكاديمية ديزموند للتجميل الثقافي”. كانت هذه الأكاديمية تهدف إلى توفير فرص تعليمية متقدمة للنساء السوداوات اللاتي لم يتمكن من الالتحاق بالمدارس الأخرى بسبب التمييز العنصري. من خلال أكاديميتها، ساهمت ديزموند في تعزيز مكانة المرأة السوداء في المجتمع ومنحها الأدوات اللازمة لتحقيق النجاح المهني.
حادثة السينما والتحرك الحقوقي
في 8 نوفمبر 1946، كانت فيولا ديزموند في رحلة عمل إلى نيو غلاسكو، نوفا سكوشا. تعطلت سيارتها، واضطرت إلى الانتظار حتى يتم إصلاحها. لتمضية الوقت، قررت الذهاب إلى مسرح “روسلاند” لمشاهدة فيلم.
عندما اشترت ديزموند تذكرة، تم إعطاؤها تذكرة للمقاعد المخصصة لذوي البشرة الملونة في الشرفة. ومع ذلك، جلست ديزموند في مقعد في الطابق السفلي، وهو مخصص عادةً للبيض فقط. عندما طلب منها أحد موظفي المسرح الانتقال إلى الشرفة، رفضت ديزموند، موضحة أنها طلبت مقعدًا في الطابق السفلي وأنها مستعدة لدفع الفرق في السعر.
بعد رفضها مغادرة المقعد، تم استدعاء الشرطة، وتم اعتقال ديزموند وسجنها طوال الليل. في اليوم التالي، تم تغريمها بتهمة التهرب الضريبي بدولار واحد، حيث زُعم أنها لم تدفع الضريبة الكاملة على سعر التذكرة. لم تدرك ديزموند في البداية خطورة الموقف، لكنها سرعان ما أدركت أن اعتقالها كان مدفوعًا بالتمييز العنصري.
بعد إطلاق سراحها، قررت ديزموند استئناف الحكم الصادر ضدها. استعانت بمحامٍ، وقامت برفع قضية إلى المحكمة العليا في نوفا سكوشا. ومع ذلك، رفضت المحكمة القضية، بحجة أن ديزموند انتهكت سياسة المسرح وليس قانونًا.
على الرغم من خسارتها في المحكمة، لم تستسلم ديزموند. واصلت النضال من أجل المساواة العرقية، وأصبحت رمزًا للإلهام للعديد من الكنديين السود. لعبت قضيتها دورًا حاسمًا في حركة الحقوق المدنية في كندا، وساهمت في تغيير القوانين والمواقف التمييزية.
التأثير والإرث
توفيت فيولا ديزموند في 7 فبراير 1965، في نيويورك، عن عمر يناهز الخمسين عامًا. لم تشهد ديزموند بنفسها التغييرات الإيجابية التي ساهمت في تحقيقها، لكن إرثها استمر في إلهام الأجيال القادمة من الكنديين.
بعد وفاتها، بدأت قصة ديزموند في الانتشار على نطاق أوسع، وأصبحت رمزًا وطنيًا للنضال ضد العنصرية والتمييز. في عام 2010، منحت حكومة نوفا سكوشا ديزموند عفوًا بعد وفاتها، واعتذرت رسميًا عن الظلم الذي تعرضت له. في عام 2012، أصدرت الحكومة الكندية طابعًا بريديًا تكريمًا لديزموند.
في عام 2018، تم اختيار فيولا ديزموند لتكون أول امرأة كندية من أصول أفريقية تظهر على ورقة نقدية كندية. تم إصدار ورقة الـ 10 دولارات الجديدة التي تحمل صورة ديزموند في نوفمبر 2018، مما يمثل اعترافًا رسميًا بمساهماتها في المجتمع الكندي.
اليوم، يتم تذكر فيولا ديزموند كبطلة من أبطال الحقوق المدنية في كندا. قصتها هي تذكير بأهمية النضال من أجل المساواة والعدالة للجميع، بغض النظر عن لون البشرة أو الأصل العرقي.
الجوائز والتكريمات
- 2010: عفو بعد الوفاة من حكومة نوفا سكوشا.
- 2012: إصدار طابع بريدي تكريمًا لها من قبل الحكومة الكندية.
- 2018: ظهورها على ورقة الـ 10 دولارات الكندية.
- العديد من المدارس والشوارع تحمل اسمها في كندا.
أهمية قضية فيولا ديزموند
تكمن أهمية قضية فيولا ديزموند في عدة جوانب:
- رمز للنضال ضد التمييز العنصري: أصبحت ديزموند رمزًا للمقاومة السلمية ضد التمييز العنصري في كندا. تحديها للفصل العنصري في السينما ألهم الكثيرين للدفاع عن حقوقهم.
- نقطة تحول في حركة الحقوق المدنية في كندا: ساهمت قضيتها في تسليط الضوء على التمييز العنصري الذي كان موجودًا في كندا، ودفعت إلى إجراء تغييرات في القوانين والمواقف.
- إلهام للأجيال القادمة: قصة ديزموند تُلهم الأجيال الجديدة لمكافحة الظلم والدفاع عن المساواة والعدالة.
- اعتراف رسمي بمساهماتها: من خلال العفو بعد الوفاة وظهورها على الورقة النقدية، اعترفت الحكومة الكندية رسميًا بمساهمات ديزموند في المجتمع الكندي.
تأثيرها على حقوق المرأة
بالإضافة إلى نضالها من أجل الحقوق المدنية، كان لفيولا ديزموند تأثير كبير على حقوق المرأة في كندا. من خلال تأسيس صالون التجميل وأكاديمية التجميل الخاصة بها، ساهمت ديزموند في تمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا. منحت النساء السوداوات فرصًا للتعليم والتدريب والتوظيف، مما ساعدهن على تحقيق الاستقلال المالي والمساهمة في المجتمع.
بالإضافة إلى ذلك، تحدت ديزموند الأدوار التقليدية للمرأة في المجتمع. كانت امرأة أعمال ناجحة في وقت كان فيه يُنظر إلى المرأة على أنها ربة منزل بشكل أساسي. من خلال تحقيق النجاح في مجال الأعمال، أثبتت ديزموند أن المرأة يمكن أن تكون قوية ومستقلة وقادرة على تحقيق أهدافها.
يمكن اعتبار فيولا ديزموند مثالًا للمرأة القوية التي تحدت التمييز ودافعت عن حقوقها وحقوق الآخرين. إرثها يلهم النساء في جميع أنحاء العالم لمواصلة النضال من أجل المساواة والعدالة.
دروس مستفادة من قصة فيولا ديزموند
تقدم قصة فيولا ديزموند العديد من الدروس القيمة التي يمكننا تطبيقها في حياتنا:
- أهمية الدفاع عن الحق: يجب علينا جميعًا أن نكون على استعداد للدفاع عن حقوقنا وحقوق الآخرين، حتى عندما يكون ذلك صعبًا أو خطيرًا.
- قوة المقاومة السلمية: يمكن للمقاومة السلمية أن تكون أداة قوية للتغيير الاجتماعي.
- أهمية التعليم والتمكين: يمكن للتعليم والتمكين أن يساعدا الأفراد والمجتمعات على التغلب على الظلم وتحقيق النجاح.
- ضرورة عدم الاستسلام: حتى عندما نواجه انتكاسات، يجب علينا ألا نستسلم أبدًا ونواصل النضال من أجل ما نؤمن به.
خاتمة
فيولا ديزموند، امرأة كندية من أصول أفريقية، تحدت الفصل العنصري في عام 1946، مما جعلها رمزًا للنضال من أجل الحقوق المدنية وحقوق المرأة في كندا. من خلال تحديها للتمييز العنصري، وقيادتها في مجال الأعمال، وتأسيسها لأكاديمية التجميل، تركت ديزموند إرثًا دائمًا من الإلهام والتمكين. يتم تذكرها اليوم كبطلة وطنية وقائدة شجاعة ساهمت في تغيير المجتمع الكندي للأفضل.