مقدمة
موريس فرانك وايلز، زميل الأكاديمية البريطانية (17 أكتوبر 1923 – 3 يونيو 2005)، كان كاهنًا أنجليكانيًا وأكاديميًا بارزًا. شغل منصب أستاذ كرسي ريجيوس للاهوت في جامعة أكسفورد، وهو منصب مرموق يعكس مكانته الرفيعة في مجال الدراسات اللاهوتية. اشتهر وايلز بمساهماته الهامة في مجال اللاهوت المسيحي، وبشكل خاص في دراساته حول عقيدة الثالوث، ومفهوم الوحي الإلهي، ودور المعاناة في اللاهوت.
حياته المبكرة وتعليمه
ولد موريس وايلز في عام 1923، ونشأ في بيئة دينية أثرت في اهتمامه المبكر بالدين واللاهوت. تلقى تعليمه في مدارس مرموقة، حيث أظهر تفوقًا أكاديميًا ملحوظًا. التحق بكلية ميرتون في جامعة أكسفورد، حيث درس اللاهوت وحصل على درجات علمية متقدمة. خلال فترة دراسته، تأثر وايلز بالعديد من العلماء واللاهوتيين البارزين، الذين وجهوا اهتمامه نحو القضايا اللاهوتية المعاصرة.
مسيرته الأكاديمية والكنسية
بعد إكمال دراسته، سلك وايلز طريقًا مزدوجًا في كل من المجال الأكاديمي والكنسي. رُسم كاهنًا في الكنيسة الأنجليكانية، وخدم في عدة كنائس قبل أن يتفرغ للعمل الأكاديمي. بدأ مسيرته الأكاديمية كمحاضر في اللاهوت في جامعة كامبريدج، ثم انتقل إلى جامعة أكسفورد، حيث شغل منصب أستاذ كرسي ريجيوس للاهوت. كان وايلز أستاذًا متميزًا، يتمتع بقدرة فائقة على توصيل الأفكار المعقدة بوضوح وإيجاز. أشرف على العديد من الطلاب الذين أصبحوا فيما بعد علماء لاهوت بارزين.
مساهماته اللاهوتية
تعتبر مساهمات موريس وايلز في مجال اللاهوت المسيحي ذات أهمية كبيرة، وقد أثرت في العديد من اللاهوتيين والباحثين. تميزت أعماله بالدقة والعمق والتحليل النقدي، وكان يهدف دائمًا إلى فهم أفضل للعقائد المسيحية التقليدية في ضوء التحديات المعاصرة. من بين أهم مساهماته اللاهوتية:
- عقيدة الثالوث: قدم وايلز تحليلاً نقديًا لعقيدة الثالوث، واقترح طرقًا جديدة لفهم هذه العقيدة الأساسية في المسيحية. رأى أن الثالوث ليس مجرد صيغة جامدة، بل هو تعبير عن العلاقة الديناميكية بين الله والبشر.
- الوحي الإلهي: تناول وايلز موضوع الوحي الإلهي من منظور نقدي، واقترح أن الوحي ليس مجرد نقل حرفي لكلام الله، بل هو عملية تفاعل بين الله والبشر، حيث يلهم الله البشر لفهم الحقائق الإلهية.
- المعاناة: استكشف وايلز موضوع المعاناة في اللاهوت، وحاول فهم كيف يمكن لله المحب والقدير أن يسمح بوجود المعاناة في العالم. رأى أن المعاناة ليست عقابًا من الله، بل هي جزء من الحياة، ويمكن أن تكون لها قيمة إيجابية في النمو الروحي.
- تصوير الله: درس وايلز بعمق الطرق التي يصور بها البشر الله، وكيف تؤثر هذه الصور على فهمهم للدين. أكد على أهمية استخدام لغة مجازية وشاعرية عند الحديث عن الله، لأن اللغة الحرفية لا تستطيع أن تعبر بشكل كامل عن طبيعة الله المتعالية.
أهم مؤلفاته
ترك موريس وايلز وراءه مجموعة كبيرة من المؤلفات التي تعتبر مرجعًا أساسيًا في مجال اللاهوت المسيحي. من بين أهم مؤلفاته:
- “The Making of Christian Doctrine” (صنع العقيدة المسيحية): يقدم هذا الكتاب تحليلًا تاريخيًا لتطور العقائد المسيحية، وكيف تشكلت هذه العقائد عبر القرون.
- “God’s Action in the World” (فعل الله في العالم): يستكشف هذا الكتاب العلاقة بين الله والعالم، وكيف يتدخل الله في العالم.
- “Faith and the Mystery of God” (الإيمان وسر الله): يتناول هذا الكتاب العلاقة بين الإيمان والعقل، وكيف يمكن للإيمان أن يساعدنا على فهم أسرار الله.
- “Working Papers in Theology” (أوراق عمل في اللاهوت): مجموعة من المقالات التي تتناول مجموعة متنوعة من القضايا اللاهوتية.
تأثيره وإرثه
كان لموريس وايلز تأثير كبير على اللاهوت المسيحي المعاصر، وقد ألهم العديد من اللاهوتيين والباحثين. تميزت أعماله بالدقة والعمق والتحليل النقدي، وكان يهدف دائمًا إلى فهم أفضل للعقائد المسيحية التقليدية في ضوء التحديات المعاصرة. يعتبر وايلز من أبرز اللاهوتيين الأنجليكانيين في القرن العشرين، وسيظل إرثه الأكاديمي والكنسي مصدر إلهام للأجيال القادمة.
آراؤه الجدلية
لم يكن موريس وايلز بمنأى عن الجدل. أثارت بعض آرائه اللاهوتية انتقادات من بعض الأوساط المحافظة في الكنيسة الأنجليكانية. على سبيل المثال، شكك وايلز في الفهم التقليدي للمعجزات، واقترح أنها قد تكون مجرد تفسيرات بشرية لأحداث طبيعية. كما دعا إلى إعادة النظر في بعض العقائد المسيحية التقليدية، مثل عقيدة الخلاص. ومع ذلك، كان وايلز يحظى باحترام كبير من زملائه وطلابه، الذين قدروا له تفكيره النقدي واستعداده لتحدي الأفكار التقليدية.
وفاته
توفي موريس وايلز في 3 يونيو 2005، عن عمر يناهز 81 عامًا. ترك وراءه إرثًا أكاديميًا وكنسيًا غنيًا، وسيظل يذكره الكثيرون كواحد من أبرز اللاهوتيين الأنجليكانيين في القرن العشرين.
خاتمة
كان موريس وايلز شخصية بارزة في اللاهوت الأنجليكاني، حيث جمع بين العمل الأكاديمي الرصين والخدمة الكنسية المخلصة. تميزت أعماله بالعمق والتحليل النقدي، وكان له تأثير كبير على فهم العقائد المسيحية في ضوء التحديات المعاصرة. على الرغم من بعض الآراء الجدلية التي طرحها، إلا أنه كان يحظى باحترام كبير من زملائه وطلابه، وسيظل إرثه مصدر إلهام للأجيال القادمة من اللاهوتيين والباحثين.