مقدمة
ألفونسو فرانسيسكو دي أسيس فرناندو بيو خوان ماريا دي لا كونسبسيون غريغوريو بيلايو دي بوربون إي بوربون، المعروف باسم ألفونسو الثاني عشر (28 نوفمبر 1857 – 25 نوفمبر 1885)، كان ملك إسبانيا من عام 1874 حتى وفاته في عام 1885. بعد ثورة 1868 التي أطاحت بوالدته، إيزابيلا الثانية، عاش ألفونسو في المنفى. تولى العرش بعد انقلاب عسكري أعاد النظام الملكي، منهياً الجمهورية الإسبانية الأولى.
نشأته وتعليمه
ولد ألفونسو في مدريد في 28 نوفمبر 1857. كان الابن الأكبر لإيزابيلا الثانية وفرانسيسكو دي أسيس دي بوربون، على الرغم من أن نسبه الحقيقي كان موضوع تكهنات واسعة النطاق. تلقى ألفونسو تعليمه في البداية في إسبانيا، ولكن بعد خلع والدته، انتقل إلى فيينا ثم إلى الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهيرست في إنجلترا. كان تعليمه يهدف إلى إعداده لدور الملك، مع التركيز على العلوم العسكرية والسياسة.
المنفى واستعادة النظام الملكي
أثناء وجوده في المنفى، أصدر ألفونسو بيانًا أعلن فيه استعداده لتولي الحكم إذا استدعي إليه. أثارت هذه الخطوة دعمًا كبيرًا بين المحافظين والجيش الإسباني، الذين كانوا يسعون إلى الاستقرار بعد فترة من الاضطرابات السياسية. في عام 1874، قاد الجنرال أرسينيو مارتينيز كامبوس انقلابًا عسكريًا في ساغونتو، معلنًا ألفونسو ملكًا لإسبانيا. كان هذا بمثابة نهاية الجمهورية الإسبانية الأولى وبداية فترة الترميم.
فترة حكمه
تميزت فترة حكم ألفونسو الثاني عشر بالاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي. عمل الملك الشاب بجد لتحقيق المصالحة الوطنية وتوحيد البلاد بعد سنوات من الحرب الأهلية والاضطرابات السياسية. تبنى نظامًا ملكيًا دستوريًا، مما سمح بوجود برلمان منتخب وتداول السلطة بين الأحزاب السياسية. كانت هذه الفترة بمثابة بداية نظام “التناوب” (Turnismo)، حيث تتداول حزبان رئيسيان – المحافظون والليبراليون – السلطة سلميًا.
الإنجازات الرئيسية في فترة حكمه:
- دستور 1876: تم اعتماد دستور جديد في عام 1876، والذي وضع الأساس لنظام ملكي دستوري مستقر.
- إنهاء الحرب الكارلية الثالثة: تمكن ألفونسو من إنهاء الحرب الكارلية الثالثة، مما أدى إلى استقرار سياسي كبير.
- التقدم الاقتصادي: شهدت إسبانيا نموًا اقتصاديًا ملحوظًا خلال فترة حكمه، خاصة في مجالات الصناعة والتجارة.
- تحسين العلاقات الخارجية: سعى ألفونسو إلى تحسين العلاقات مع القوى الأوروبية الأخرى، مما عزز مكانة إسبانيا على الساحة الدولية.
السياسة الداخلية
ركز ألفونسو الثاني عشر على تحقيق الاستقرار السياسي الداخلي وتعزيز الوحدة الوطنية. كان عليه التعامل مع التحديات التي فرضتها الفصائل السياسية المختلفة، بما في ذلك الجمهوريون والكارليون. من خلال سياسة المصالحة والحوار، تمكن من تقليل التوترات السياسية وتوحيد البلاد تحت حكمه.
نظام التناوب (Turnismo):
كان نظام التناوب سمة مميزة لفترة حكم ألفونسو الثاني عشر. تم تصميم هذا النظام لضمان الاستقرار السياسي من خلال السماح للحزبين الرئيسيين، المحافظين والليبراليين، بتداول السلطة سلميًا. تم تحقيق ذلك من خلال التلاعب بالانتخابات، مما يضمن فوز الحزب الذي يدعمه الملك في الانتخابات. على الرغم من أن هذا النظام كان فعالًا في الحفاظ على الاستقرار، إلا أنه كان أيضًا عرضة للانتقادات بسبب طبيعته غير الديمقراطية.
السياسة الخارجية
سعى ألفونسو الثاني عشر إلى تحسين العلاقات مع القوى الأوروبية الأخرى وتعزيز مكانة إسبانيا على الساحة الدولية. قام بزيارات رسمية إلى العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا والنمسا والمجر وفرنسا. سعى إلى الحفاظ على الحياد في الصراعات الأوروبية الكبرى وتجنب التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
العلاقات مع ألمانيا:
كان لألفونسو الثاني عشر علاقات وثيقة مع ألمانيا، وخاصة مع الإمبراطور فيلهلم الأول والمستشار أوتو فون بسمارك. كان ينظر إلى ألمانيا على أنها حليف قوي وموثوق به، وسعى ألفونسو إلى تعزيز العلاقات بين البلدين. ومع ذلك، تجنبت إسبانيا الانضمام إلى أي تحالفات عسكرية رسمية مع ألمانيا، مفضلة الحفاظ على موقف محايد.
الزواج والأسرة
تزوج ألفونسو الثاني عشر مرتين. تزوج أولاً من ابنة عمه ماريا دي لاس مرسيدس من أورليان في عام 1878. كان هذا الزواج يتمتع بشعبية كبيرة بين الشعب الإسباني، لكن الملكة ماريا دي لاس مرسيدس توفيت بعد ستة أشهر فقط من الزواج بسبب الحمى التيفودية. أدى وفاتها المبكرة إلى حزن عميق في جميع أنحاء البلاد.
تزوج ألفونسو الثاني عشر لاحقًا من ماريا كريستينا من النمسا في عام 1879. كان لديهم ثلاثة أطفال: ماريا دي لاس مرسيدس، أميرة أستورياس؛ ماريا تيريزا، إنفانتا إسبانيا؛ وألفونسو الثالث عشر، الذي ولد بعد وفاة والده.
وفاته وإرثه
توفي ألفونسو الثاني عشر في 25 نوفمبر 1885، بسبب مرض السل، قبل ثلاثة أيام من عيد ميلاده الثامن والعشرين. كانت وفاته المبكرة بمثابة صدمة كبيرة للشعب الإسباني، الذي كان ينظر إليه على أنه رمز للاستقرار والوحدة الوطنية. خلفه ابنه ألفونسو الثالث عشر، الذي كان لا يزال قاصرًا في ذلك الوقت، مما أدى إلى فترة من الوصاية تحت حكم والدته، ماريا كريستينا.
يُذكر ألفونسو الثاني عشر لجهوده في تحقيق الاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في إسبانيا. كان ملكًا شعبيًا سعى إلى توحيد البلاد وتعزيز المصالحة الوطنية. على الرغم من أن فترة حكمه كانت قصيرة نسبيًا، إلا أنها كانت فترة مهمة في التاريخ الإسباني، حيث وضعت الأساس لنظام ملكي دستوري مستقر وتحديث البلاد.
خاتمة
كان ألفونسو الثاني عشر ملكًا لإسبانيا خلال فترة انتقالية مهمة في تاريخ البلاد. بعد سنوات من الاضطرابات السياسية والحروب الأهلية، تمكن من تحقيق الاستقرار السياسي وتعزيز الوحدة الوطنية. من خلال سياساته الحكيمة وجهوده الدؤوبة، وضع الأساس لإسبانيا حديثة ومزدهرة. على الرغم من أن فترة حكمه كانت قصيرة، إلا أن إرثه لا يزال محسوسًا حتى اليوم.