نشأته وتعليمه
ولد شمرياهو غوراري في مدينة أوشمين، وهي بلدة تقع في منطقة مينسك غوبرنيه (الآن بيلاروسيا) عام 1897. تلقى تعليمه في سن مبكرة على يد والده، الحاخام موشيه غوراري، الذي كان عالمًا بارزًا في التوراة. أظهر شمرياهو نبوغًا مبكرًا في دراساته، وسرعان ما أصبح معروفًا بفهمه العميق للتلمود والشريعة اليهودية.
في شبابه، التحق غوراري بيشيفا تومخي تيميميم المركزية في بلدة ليوبافيتش، وهي المؤسسة التعليمية الرئيسية لحركة حباد لوبافيتش. هناك، درس على يد كبار الحاخامات والشخصيات البارزة في الحركة، بما في ذلك الحاخام شالوم دوف بير شنايرسون، الزعيم الخامس لحباد لوبافيتش. اكتسب غوراري سمعة طيبة كطالب مجتهد وموهوب، وأصبح مقربًا من الحاخام شالوم دوف بير.
زواجه وعلاقته بحركة حباد لوبافيتش
في عام 1921، تزوج شمرياهو غوراري من حنّة شنايرسون، ابنة الحاخام يوسف يتسحاق شنايرسون، الزعيم السادس لحباد لوبافيتش. كان هذا الزواج بمثابة نقطة تحول في حياة غوراري، وعزز مكانته داخل حركة حباد لوبافيتش. أصبح غوراري مقربًا من حماه، الحاخام يوسف يتسحاق، وأصبح أحد مستشاريه المقربين.
بعد زواجه، شغل غوراري مناصب قيادية مختلفة داخل حركة حباد لوبافيتش. لعب دورًا رئيسيًا في تطوير المؤسسات التعليمية والثقافية التابعة للحركة، وعمل على نشر تعاليم حباد في جميع أنحاء العالم. كان غوراري أيضًا متورطًا في الجهود المبذولة لمساعدة اليهود على الفرار من أوروبا الشرقية خلال الحرب العالمية الثانية.
دوره في قيادة حباد لوبافيتش
بعد وفاة الحاخام يوسف يتسحاق شنايرسون في عام 1950، أصبح صهره، الحاخام مناحم مندل شنايرسون، الزعيم السابع لحباد لوبافيتش. استمر غوراري في لعب دور مهم في الحركة تحت قيادة الحاخام مناحم مندل، وخدم كواحد من مستشاريه المقربين. غالبًا ما كان غوراري يسافر نيابة عن الحاخام مناحم مندل، ويلقي خطابات ويلتقي بقادة المجتمعات اليهودية في جميع أنحاء العالم.
كان غوراري أيضًا شخصية بارزة في مجتمع حباد لوبافيتش في مدينة نيويورك، حيث كان يعيش. كان يحظى باحترام كبير لعلومه وتقواه، وكان يعتبر مرجعًا موثوقًا به في مسائل الشريعة اليهودية. غالبًا ما كان غوراري يشارك في المناقشات والجدالات المتعلقة بقضايا مهمة تواجه الحركة، وكانت آراؤه تحظى بتقدير كبير.
الخلافات والانقسامات
على الرغم من مكانته البارزة داخل حركة حباد لوبافيتش، فقد كان شمرياهو غوراري أيضًا شخصية مثيرة للجدل. كان متورطًا في عدد من الخلافات والانقسامات داخل الحركة، خاصة في السنوات التي تلت وفاة الحاخام مناحم مندل شنايرسون في عام 1994. أحد أبرز هذه الخلافات كان يتعلق بملكية مجموعة من الكتب والمخطوطات القيّمة التي كانت مملوكة للحاخام يوسف يتسحاق شنايرسون. ادعى غوراري أن هذه المجموعة كانت ملكًا له، بينما جادل آخرون بأنها كانت ملكًا لحركة حباد لوبافيتش بأكملها. أدت هذه القضية في النهاية إلى معركة قانونية طويلة ومريرة، والتي أدت إلى تفاقم الانقسامات داخل الحركة.
خلاف آخر يتعلق بموضوع المسيانية في حباد لوبافيتش. بعد وفاة الحاخام مناحم مندل شنايرسون، بدأ بعض أتباع حباد لوبافيتش يعتقدون أنه كان المسيح، أو المسيح المحتمل. عارض غوراري بشدة هذه الفكرة، وجادل بأنها تتعارض مع المبادئ الأساسية للعقيدة اليهودية. أثارت معارضته لهذه الفكرة غضب العديد من أتباع حباد لوبافيتش، وأدت إلى مزيد من الانقسامات داخل الحركة.
أعماله ومؤلفاته
على الرغم من الخلافات التي أحاطت به، كان شمرياهو غوراري عالمًا غزير الإنتاج ومؤلفًا. كتب العديد من الكتب والمقالات حول مجموعة واسعة من الموضوعات المتعلقة بالتوراة والشريعة اليهودية وفلسفة حباد. تضمنت بعض أبرز أعماله:
- “سفر شمرياهو”: مجموعة من التعليقات والأفكار حول التوراة والتلمود.
- “كتوفيم”: شرح لمجموعة من النصوص المقدسة.
- “رسائل”: مجموعة من الرسائل التي كتبها غوراري إلى مختلف الأفراد والجماعات.
بالإضافة إلى كتاباته، كان غوراري أيضًا متحدثًا ومحاضرًا مطلوبًا. غالبًا ما كان يُدعى لإلقاء خطابات في التجمعات والمؤتمرات اليهودية في جميع أنحاء العالم. كان معروفًا بخطاباته البصيرة والملهمة، والتي غالبًا ما كانت تركز على أهمية التوراة والشريعة اليهودية والأخلاق.
إرثه وتأثيره
توفي شمرياهو غوراري في عام 1989 عن عمر يناهز 92 عامًا. ترك وراءه إرثًا كبيرًا كعالم وقائد في حركة حباد لوبافيتش. لا يزال يتم تذكره واحترامه لعلومه وتقواه وتفانيه في نشر تعاليم حباد في جميع أنحاء العالم. على الرغم من الخلافات والانقسامات التي شارك فيها، فقد لعب غوراري دورًا مهمًا في تشكيل مسار حركة حباد لوبافيتش، وسيظل تأثيره محسوسًا لسنوات عديدة قادمة.
ساهم غوراري بشكل كبير في تطوير المؤسسات التعليمية التابعة لحركة حباد لوبافيتش. كان له دور فعال في إنشاء وصيانة العديد من المدارس واليشيفوت في جميع أنحاء العالم. لقد فهم أهمية توفير تعليم يهودي جيد للشباب، وعمل بلا كلل لضمان حصولهم على أفضل تعليم ممكن.
بالإضافة إلى عمله في مجال التعليم، كان غوراري أيضًا ملتزمًا بدعم المحتاجين. كان معروفًا بكرمه ورحمته، وغالبًا ما كان يقدم المساعدة المالية وغيرها من أشكال الدعم للأفراد والعائلات المحتاجة. لقد اعتقد أنه من واجب كل يهودي أن يساعد أولئك الذين هم أقل حظًا، وعاش حياته وفقًا لهذا المبدأ.
خلافاته مع مناحم مندل شنايرسون
على الرغم من أن شمرياهو غوراري كان صهرًا للحاخام مناحم مندل شنايرسون، إلا أن علاقتهما لم تكن دائمًا متناغمة. كان لديهم خلافات حول عدد من القضايا، بما في ذلك إدارة حركة حباد لوبافيتش و تفسير بعض التعاليم الدينية. غالبًا ما كانت هذه الخلافات علنية، وقد أدت إلى توترات داخل الحركة.
أحد أبرز الخلافات بين غوراري وشنايرسون يتعلق بمسألة الانفتاح على العالم الخارجي. كان شنايرسون يعتقد أن حباد لوبافيتش يجب أن تكون منفتحة ومنخرطة مع العالم الأوسع، بينما كان غوراري أكثر تحفظًا وترددًا بشأن الانخراط في الثقافة العلمانية. أدت هذه الخلافات في الرأي في النهاية إلى صدع بين الاثنين، ولم يتمكنا أبدًا من إصلاح علاقتهما بالكامل.
دوره في قضية المكتبة
كان شمرياهو غوراري شخصية مركزية في قضية المكتبة الشهيرة التي دارت حول ملكية مكتبة الحاخام يوسف يتسحاق شنايرسون. بعد وفاة الحاخام يوسف يتسحاق، ادعى غوراري أن المكتبة كانت ملكًا له، بينما جادل آخرون بأنها كانت ملكًا لحركة حباد لوبافيتش بأكملها. أدت هذه القضية إلى معركة قانونية طويلة ومريرة، والتي أدت إلى تفاقم الانقسامات داخل الحركة.
جادل غوراري بأنه ورث المكتبة من حماه، الحاخام يوسف يتسحاق، وأن لديه الحق في فعل ما يشاء بها. جادل آخرون بأن المكتبة كانت ملكية عامة، وأنها يجب أن تكون متاحة لجميع أعضاء حركة حباد لوبافيتش. استمرت القضية لسنوات عديدة، وفي النهاية حكمت المحاكم لصالح حركة حباد لوبافيتش.
خاتمة
كان شمرياهو غوراري شخصية معقدة ومثيرة للجدل في تاريخ حركة حباد لوبافيتش. كان عالمًا وقائدًا موهوبًا، لكنه كان أيضًا متورطًا في عدد من الخلافات والانقسامات. على الرغم من هذه الخلافات، فقد لعب غوراري دورًا مهمًا في تشكيل مسار حركة حباد لوبافيتش، وسيظل تأثيره محسوسًا لسنوات عديدة قادمة. لقد كان شخصية مؤثرة ساهمت في تطوير المؤسسات التعليمية والثقافية لحركة حباد لوبافيتش.