الأهداف والتاريخ المبكر
كانت جمعية البحارة في الأصل تسمى “جمعية تشجيع انخراط الرجال والأولاد في خدمة البحر”. كان هدفها الأساسي هو توفير ملابس لائقة ومناسبة للأولاد الفقراء الذين يرغبون في الانضمام إلى البحرية الملكية أو الخدمة التجارية. في القرن الثامن عشر، كانت ظروف البحارة سيئة للغاية، وكان نقص البحارة المدربين يمثل مشكلة مستمرة للبحرية الملكية. عملت الجمعية على معالجة هذه المشكلة من خلال توفير الملابس والمعدات الأساسية، وبالتالي إزالة أحد العوائق الرئيسية أمام انضمام الشباب إلى البحر.
من بين الشخصيات البارزة التي دعمت الجمعية في سنواتها الأولى كان جون هانواي، وهو تاجر ومحسن بارز. كان هانواي مدافعًا قويًا عن البحارة الفقراء، ولعب دورًا حاسمًا في تأسيس الجمعية وضمان استمراريتها. من خلال جهوده، تمكنت الجمعية من جمع التبرعات والحصول على الدعم من الأفراد والمنظمات المؤثرة.
في السنوات الأولى، ركزت الجمعية بشكل أساسي على تجهيز الأولاد الفقراء بالملابس والمعدات اللازمة للخدمة البحرية. ومع ذلك، سرعان ما أدركت الجمعية أن التعليم والتدريب يمثلان أيضًا عنصرين أساسيين لنجاح البحارة. ونتيجة لذلك، بدأت الجمعية في تقديم التعليم والتدريب الأساسي للأولاد الذين ترغب في الانضمام إلى البحرية الملكية أو الخدمة التجارية.
التوسع والتطور
على مر القرون، وسعت جمعية البحارة نطاق أنشطتها لتلبية الاحتياجات المتغيرة للمجتمع البحري. في القرن التاسع عشر، بدأت الجمعية في تقديم الدعم المالي والإغاثة للبحارة المحتاجين وعائلاتهم. وشمل ذلك توفير المساعدة للبحارة المصابين أو المرضى، وكذلك لأرامل وأيتام البحارة الذين لقوا حتفهم في البحر.
في عام 1827، أنشأت الجمعية مدرسة تدريبية على متن سفينة تسمى “وارسبيت”. كانت “وارسبيت” سفينة حربية سابقة تم تحويلها إلى مدرسة تدريبية، حيث تلقى الأولاد تدريبًا عمليًا على المهارات البحرية. كانت المدرسة تقع في نهر التايمز، وسرعان ما أصبحت مؤسسة مرموقة لتدريب البحارة الشباب. تم استبدال “وارسبيت” لاحقًا بسلسلة من السفن الأخرى التي تحمل نفس الاسم، واستمرت المدرسة في العمل حتى عام 1972.
بالإضافة إلى مدرسة التدريب، أنشأت الجمعية أيضًا عددًا من بيوت البحارة والمستشفيات لدعم البحارة المحتاجين. قدمت بيوت البحارة سكنًا بأسعار معقولة للبحارة الذين كانوا بعيدين عن ديارهم، في حين قدمت المستشفيات الرعاية الطبية للبحارة المصابين أو المرضى.
الأنشطة الحديثة
اليوم، تواصل جمعية البحارة دعم البحارة وعائلاتهم في جميع أنحاء العالم. تركز الجمعية على تقديم مجموعة واسعة من الخدمات، بما في ذلك:
- الدعم المالي: تقدم الجمعية منحًا وقروضًا للبحارة المحتاجين وعائلاتهم. يمكن استخدام هذه الأموال لتغطية مجموعة متنوعة من النفقات، مثل تكاليف المعيشة والنفقات الطبية وتكاليف التعليم.
- الدعم التعليمي: تقدم الجمعية منحًا دراسية ومنحًا للبحارة وأطفالهم لمساعدتهم على متابعة التعليم العالي.
- الدعم المهني: تقدم الجمعية المشورة المهنية والتدريب للبحارة لمساعدتهم على تطوير مهاراتهم وتحسين فرصهم الوظيفية.
- الدعم الاجتماعي: تقدم الجمعية الدعم الاجتماعي والعاطفي للبحارة وعائلاتهم. ويشمل ذلك توفير خطوط مساعدة ومجموعات دعم وخدمات استشارية.
تعمل جمعية البحارة أيضًا على تعزيز سلامة ورفاهية البحارة من خلال حملات المناصرة والتوعية. تتعاون الجمعية مع المنظمات الأخرى في الصناعة البحرية لتحسين ظروف عمل البحارة وضمان حصولهم على الرعاية والدعم الذي يحتاجون إليه.
أهمية جمعية البحارة
لعبت جمعية البحارة دورًا حيويًا في دعم المجتمع البحري لأكثر من 260 عامًا. على مر القرون، قدمت الجمعية المساعدة والدعم لآلاف البحارة وعائلاتهم، وساهمت بشكل كبير في رفاهية الصناعة البحرية. تظل الجمعية ملتزمة بمهمتها المتمثلة في دعم البحارة وعائلاتهم، وتعمل باستمرار على تكييف خدماتها لتلبية الاحتياجات المتغيرة للمجتمع البحري.
تعد جمعية البحارة منظمة فريدة من نوعها في تاريخها الطويل والتزامها الراسخ بدعم البحارة. من خلال توفير المساعدة المالية والتعليمية والمهنية والاجتماعية، تساعد الجمعية البحارة على تحقيق إمكاناتهم الكاملة والمساهمة في الاقتصاد العالمي. تظل الجمعية قوة حيوية في الصناعة البحرية، وتلعب دورًا حاسمًا في ضمان حصول البحارة على الرعاية والدعم الذي يحتاجون إليه.
لا يزال عمل الجمعية ذا أهمية بالغة اليوم، حيث يواجه البحارة تحديات كبيرة مثل الابتعاد عن الأسرة لفترات طويلة، وظروف العمل الصعبة، وخطر الإصابة أو الوفاة في البحر. من خلال توفير الدعم المالي والتعليمي والاجتماعي، تساعد جمعية البحارة البحارة على التغلب على هذه التحديات وعيش حياة صحية ومنتجة.
مدرسة البحارة الداخلية (The Seafarers’ Inland Boarding School)
بالإضافة إلى جهودها المباشرة في دعم البحارة، تدير جمعية البحارة أيضًا مدرسة داخلية تسمى “مدرسة البحارة الداخلية”. تأسست المدرسة في الأصل عام 1919 باسم “مدرسة البحارة الخيرية الداخلية” لتعليم أطفال البحارة الذين فقدوا أحد الوالدين أو كليهما في الحرب العالمية الأولى. تقع المدرسة حاليًا في مدينة ريدينغ بإنجلترا، وتوفر تعليمًا عالي الجودة للأطفال من جميع الخلفيات، مع إعطاء الأولوية لأطفال البحارة.
تهدف مدرسة البحارة الداخلية إلى توفير بيئة تعليمية داعمة ورعاية للأطفال، مما يمكنهم من تحقيق إمكاناتهم الكاملة. تقدم المدرسة مجموعة واسعة من المواد الدراسية والأنشطة اللامنهجية، وتركز على تطوير الشخصية والمهارات القيادية لدى الطلاب. يتخرج العديد من طلاب مدرسة البحارة الداخلية ليصبحوا قادة ناجحين في مجموعة متنوعة من المجالات.
تعتبر مدرسة البحارة الداخلية جزءًا مهمًا من عمل جمعية البحارة، حيث توفر للأطفال فرصة الحصول على تعليم جيد وتحقيق أحلامهم. من خلال دعم المدرسة، تساهم جمعية البحارة في مستقبل مشرق لأجيال من البحارة وعائلاتهم.
التحديات المستقبلية
تواجه جمعية البحارة عددًا من التحديات في المستقبل، بما في ذلك:
- زيادة الطلب على خدماتها: مع استمرار نمو الصناعة البحرية، يزداد الطلب على خدمات جمعية البحارة. تحتاج الجمعية إلى إيجاد طرق لتلبية هذا الطلب المتزايد مع الحفاظ على جودة خدماتها.
- نقص التمويل: تعتمد جمعية البحارة على التبرعات والهبات لتمويل أنشطتها. تحتاج الجمعية إلى إيجاد طرق لتنويع مصادر تمويلها وضمان استدامتها المالية على المدى الطويل.
- تغير احتياجات البحارة: تتغير احتياجات البحارة باستمرار بسبب التغيرات في الصناعة البحرية والتكنولوجيا. تحتاج الجمعية إلى البقاء على اطلاع دائم بهذه التغييرات وتكييف خدماتها لتلبية الاحتياجات المتغيرة للبحارة.
على الرغم من هذه التحديات، تظل جمعية البحارة ملتزمة بمهمتها المتمثلة في دعم البحارة وعائلاتهم. من خلال التخطيط الاستراتيجي والابتكار والشراكات، تسعى الجمعية إلى التغلب على هذه التحديات ومواصلة تقديم خدمات عالية الجودة للمجتمع البحري.
خاتمة
تعتبر جمعية البحارة مؤسسة خيرية بريطانية رائدة ذات تاريخ طويل ومتميز في دعم البحارة وعائلاتهم. تأسست الجمعية عام 1756، ومنذ ذلك الحين لعبت دورًا حيويًا في رفاهية الصناعة البحرية. من خلال توفير المساعدة المالية والتعليمية والمهنية والاجتماعية، تساعد الجمعية البحارة على تحقيق إمكاناتهم الكاملة والمساهمة في الاقتصاد العالمي. تظل الجمعية ملتزمة بمهمتها المتمثلة في دعم البحارة وعائلاتهم، وتعمل باستمرار على تكييف خدماتها لتلبية الاحتياجات المتغيرة للمجتمع البحري. مع استمرار نمو الصناعة البحرية، ستظل جمعية البحارة قوة حيوية في ضمان حصول البحارة على الرعاية والدعم الذي يحتاجون إليه.