<![CDATA[
حياته المبكرة وتعليمه
ولد لورانس ويسكرانتز في نيويورك عام 1926، ثم انتقل إلى جنوب أفريقيا مع عائلته في سن مبكرة. تلقى تعليمه في جامعة ويتواترسراند في جوهانسبرغ، حيث حصل على درجة البكالوريوس في علم النفس عام 1949. بعد ذلك، انتقل إلى جامعة هارفارد في الولايات المتحدة، حيث حصل على درجة الدكتوراه في علم النفس الفسيولوجي عام 1953.
مسيرته الأكاديمية
بدأ ويسكرانتز مسيرته الأكاديمية في جامعة أكسفورد عام 1958، حيث أسس مختبر علم النفس العصبي. شغل منصب أستاذ علم النفس في أكسفورد من عام 1967 حتى تقاعده عام 1993. خلال فترة وجوده في أكسفورد، أشرف على العديد من الطلاب والباحثين الذين أصبحوا فيما بعد قادة في مجال علم النفس العصبي.
اكتشاف الإبصار العمى
يُعد اكتشاف الإبصار العمى من أهم إسهامات ويسكرانتز في علم النفس العصبي. أظهرت تجاربه أن المرضى الذين يعانون من تلف في القشرة البصرية، وهي المنطقة المسؤولة عن معالجة المعلومات البصرية الواعية، يمكنهم مع ذلك الاستجابة للمحفزات البصرية دون أن يكونوا على بينة من رؤيتها. على سبيل المثال، يمكن للمرضى المصابين بالإبصار العمى أن يشيروا بدقة إلى موقع الضوء أو تمييز الأشكال، على الرغم من أنهم يصرون على أنهم لا يرون أي شيء.
أثارت هذه النتائج تساؤلات مهمة حول طبيعة الوعي والإدراك. تشير إلى أن المعالجة البصرية يمكن أن تحدث على مستويات مختلفة، وأن الوعي ليس ضروريًا لجميع أشكال المعالجة البصرية. علاوة على ذلك، أظهرت أن هناك مسارات عصبية متعددة للمعلومات البصرية، وأن بعض هذه المسارات يمكن أن تعمل بشكل مستقل عن القشرة البصرية.
أبحاث أخرى
بالإضافة إلى الإبصار العمى، أجرى ويسكرانتز أبحاثًا واسعة النطاق حول جوانب أخرى من علم النفس العصبي، بما في ذلك الذاكرة والانتباه واللغة. كان مهتمًا بشكل خاص بفهم الآليات العصبية الكامنة وراء هذه الوظائف المعرفية، وكيف تتأثر بالتلف الدماغي.
على سبيل المثال، درس ويسكرانتز تأثير تلف الفص الصدغي الإنسي على الذاكرة، ووجد أن هذا التلف يمكن أن يؤدي إلى فقدان الذاكرة التقدمي (Anterograde amnesia)، وهي عدم القدرة على تكوين ذكريات جديدة. كما درس دور الفص الجبهي في الانتباه والوظائف التنفيذية، ووجد أن تلف الفص الجبهي يمكن أن يؤدي إلى صعوبات في التخطيط واتخاذ القرارات والتحكم في السلوك.
جوائز وتكريمات
حصل ويسكرانتز على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لإسهاماته في علم النفس العصبي، بما في ذلك:
- انتخابه زميلًا في الجمعية الملكية عام 1979
- جائزة جمعية علم النفس الأمريكية للإسهامات العلمية المتميزة عام 1986
- جائزة جمعية علم الأعصاب للإسهامات المتميزة في علم الأعصاب عام 1994
- وسام كوبلي من الجمعية الملكية عام 2004
ميراثه
ترك لورانس ويسكرانتز إرثًا دائمًا في مجال علم النفس العصبي. لقد ساهم عمله بشكل كبير في فهمنا للوعي والإدراك والوظائف المعرفية الأخرى. كان أيضًا معلمًا وموجهًا مؤثرًا للعديد من الطلاب والباحثين الذين أصبحوا قادة في هذا المجال.
لا يزال عمل ويسكرانتز حول الإبصار العمى ذو صلة اليوم، ويستمر في إلهام الأبحاث الجديدة حول طبيعة الوعي والإدراك. لقد ساعد في تغيير الطريقة التي نفكر بها في العلاقة بين الدماغ والعقل، وفتح آفاقًا جديدة لفهم الأمراض العصبية والنفسية.
تأثيره على علم النفس العصبي
لعب لورانس ويسكرانتز دورًا محوريًا في تشكيل وتطوير علم النفس العصبي كعلم مستقل. من خلال أبحاثه الرائدة وتدريسه الملهم، ساهم في ترسيخ هذا المجال كدراسة علمية للأسس العصبية للسلوك والإدراك. لقد أثر عمله على أجيال من علماء النفس العصبي، ولا يزال يلهم الأبحاث والاكتشافات الجديدة حتى يومنا هذا.
بالإضافة إلى اكتشافه للإبصار العمى، ساهم ويسكرانتز في تطوير العديد من المفاهيم والنماذج النظرية الهامة في علم النفس العصبي. لقد ساعد في توضيح العلاقة بين مناطق الدماغ المختلفة والوظائف المعرفية، وقدم رؤى قيمة حول كيفية تنظيم الدماغ ومعالجة المعلومات.
كما كان ويسكرانتز مدافعًا قويًا عن استخدام الأساليب التجريبية الصارمة في البحث في علم النفس العصبي. لقد أكد على أهمية جمع البيانات الكمية وتحليلها إحصائيًا، واستخدام مجموعات التحكم المناسبة لضمان صحة النتائج. لقد ساعدت جهوده في رفع مستوى البحث في علم النفس العصبي وجعله أكثر موثوقية وقابلية للتكرار.
الحياة الشخصية
تزوج ويسكرانتز من روث بين عام 1952، وأنجبا ثلاثة أطفال. كان معروفًا بحبه للموسيقى الكلاسيكية، وكان عازف بيانو ماهرًا. توفي في أكسفورد في 27 يناير 2018 عن عمر يناهز 91 عامًا.
أهم مؤلفاته
- الإبصار العمى: دراسة حالات وتفسيرات مفاهيمية (Blindsight: A case study and implications). Oxford University Press, 1986.
- الوعي المفقود (Consciousness Lost). Oxford University Press, 1997.
خاتمة
كان لورانس ويسكرانتز عالمًا نفسيًا عصبيًا بريطانيًا رائدًا، اشتهر باكتشافه لظاهرة الإبصار العمى. ساهم عمله بشكل كبير في فهم الوعي والإدراك والعلاقة بين الدماغ والعقل. كان أيضًا معلمًا وموجهًا مؤثرًا للعديد من الطلاب والباحثين، وترك إرثًا دائمًا في مجال علم النفس العصبي.