نشأته وتعليمه
ولد مايكل شفارتس في بلدة بدزين البولندية، وهي جزء من الإمبراطورية الروسية في ذلك الوقت، لعائلة يهودية. عانى من معاداة السامية المتزايدة في بولندا خلال فترة ما بين الحربين العالميتين، مما دفعه إلى البحث عن فرص للتعليم العالي في الخارج. هاجر إلى فلسطين الانتدابية في عام 1932 ودرس في الجامعة العبرية في القدس، حيث حصل على درجة الماجستير في الكيمياء.
في عام 1935، انتقل شفارتس إلى إنجلترا لمواصلة دراساته العليا في جامعة مانشستر. تحت إشراف مايكل بولاني، وهو عالم فيزياء وكيمياء بارز، حصل على درجة الدكتوراه في عام 1939. ركزت أبحاثه المبكرة على دراسة آليات التفاعلات الكيميائية في الطور الغازي، مما أرسى الأساس لعمله المستقبلي في مجال كيمياء البوليمرات.
الحياة المهنية
بعد حصوله على درجة الدكتوراه، عمل شفارتس في جامعة مانشستر كباحث. خلال الحرب العالمية الثانية، انخرط في أبحاث متعلقة بالجهود الحربية، بما في ذلك تطوير مواد جديدة للاستخدام في صناعة الطيران.
في عام 1947، انتقل شفارتس إلى الولايات المتحدة وانضم إلى كلية الكيمياء في جامعة سيراكيوز في نيويورك. هناك، بدأ أبحاثه الرائدة في مجال كيمياء الأيونات الجذرية الحرة الحية، والتي سرعان ما جعلته شخصية بارزة في هذا المجال.
ظل شفارتس في جامعة سيراكيوز حتى عام 1967، عندما انتقل إلى جامعة ولاية نيويورك في كلية العلوم البيئية والحراجة في سيراكيوز. استمر في البحث والتدريس هناك حتى تقاعده في عام 1979. حتى بعد تقاعده، ظل شفارتس نشطًا في المجتمع العلمي وواصل نشر الأبحاث وتقديم المحاضرات حول موضوعات تتعلق بكيمياء البوليمرات.
إسهاماته في علم كيمياء البوليمرات
كانت مساهمة مايكل شفارتس الأهم في مجال الكيمياء هي تطوير مفهوم البلمرة الأيونية الحية. قبل عمله، كان يعتقد أن بلمرة الجذور الحرة هي عملية عشوائية وغير متحكم بها، مما يؤدي إلى بوليمرات ذات توزيعات وزن جزيئي واسعة وخصائص غير متوقعة.
أظهر شفارتس وفريقه البحثي أنه في ظل ظروف معينة، يمكن أن تحدث بلمرة الجذور الحرة بطريقة “حية”، حيث تظل سلاسل البوليمر النامية نشطة حتى بعد استهلاك كل المونومر. هذا يعني أنه يمكن بدء سلاسل بوليمر جديدة في أي وقت عن طريق إضافة المزيد من المونومر، ويمكن التحكم في وزن الجزيء وتوزيع الوزن الجزيئي للبوليمر الناتج بدقة.
أحدثت هذه الاكتشافات ثورة في مجال كيمياء البوليمرات، حيث فتحت آفاقًا جديدة لتصميم وتخليق البوليمرات ذات الخصائص المتحكم بها. سمحت البلمرة الأيونية الحية للعلماء بإنشاء بوليمرات ذات هياكل معقدة وتركيبات محددة، مثل البوليمرات الكتلة، والبوليمرات النجمية، والبوليمرات ذات الفرشاة.
بالإضافة إلى عمله في البلمرة الأيونية الحية، قدم شفارتس مساهمات مهمة أخرى في مجال كيمياء البوليمرات، بما في ذلك:
- دراسة آليات بلمرة الجذور الحرة: قام شفارتس بإجراء أبحاث مكثفة حول آليات بلمرة الجذور الحرة، مما ساعد على توضيح العوامل التي تؤثر على معدل البلمرة ووزن الجزيء وتوزيع الوزن الجزيئي للبوليمر الناتج.
- تطوير طرق جديدة لتوصيف البوليمرات: قام شفارتس بتطوير طرق جديدة لتوصيف البوليمرات، بما في ذلك استخدام قياس اللزوجة وتقنيات التشتت الضوئي لتحديد وزن الجزيء وتوزيع الوزن الجزيئي للبوليمرات.
- دراسة خواص البوليمرات في المحلول: قام شفارتس بإجراء أبحاث حول سلوك البوليمرات في المحلول، بما في ذلك دراسة تأثير المذيب ودرجة الحرارة والتركيز على حجم وشكل سلاسل البوليمر.
الجوائز والتكريمات
تقديراً لإسهاماته الرائدة في مجال كيمياء البوليمرات، حصل مايكل شفارتس على العديد من الجوائز والتكريمات المرموقة، بما في ذلك:
- جائزة ACS في كيمياء البوليمرات (1969)
- ميدالية تشارلز جودير (1990)
- انتخابه عضواً في الأكاديمية الوطنية للعلوم (1966)
تأثيره وإرثه
كان لمايكل شفارتس تأثير عميق على مجال كيمياء البوليمرات. لقد غيرت اكتشافاته حول البلمرة الأيونية الحية طريقة تفكير العلماء في تخليق البوليمرات وفتحت آفاقًا جديدة لتصميم وتطوير مواد بوليمرية جديدة ذات خصائص متخصصة.
لا يزال عمل شفارتس يلهم الباحثين في مجال كيمياء البوليمرات حتى اليوم. تستخدم تقنيات البلمرة الأيونية الحية التي طورها على نطاق واسع في الأوساط الأكاديمية والصناعية لتخليق مجموعة واسعة من البوليمرات ذات التطبيقات المتنوعة، بما في ذلك المواد اللاصقة، والطلاءات، والمواد الحيوية، والإلكترونيات العضوية.
بالإضافة إلى مساهماته العلمية، كان شفارتس أيضًا معلمًا وموجهًا مؤثرًا للعديد من الطلاب والباحثين الشباب. لقد غرس فيهم شغفًا بالكيمياء وعلمهم أهمية التفكير النقدي والإبداع في البحث العلمي. ترك إرثًا دائمًا من التميز العلمي والإلهام الذي سيستمر في تشكيل مجال كيمياء البوليمرات لأجيال قادمة.
خاتمة
كان مايكل شفارتس عالم كيمياء بوليمرات بارزًا قدم مساهمات رائدة في فهمنا لآليات البلمرة وتطوير مواد بوليمرية جديدة. لقد أحدثت اكتشافاته حول البلمرة الأيونية الحية ثورة في هذا المجال وفتحت آفاقًا جديدة لتصميم وتخليق البوليمرات ذات الخصائص المتحكم بها. يظل عمل شفارتس ذا أهمية كبيرة في مجال كيمياء البوليمرات حتى اليوم، ويستمر في إلهام الباحثين والعلماء في جميع أنحاء العالم.