نشأته وتعليمه
ولد فيلهلم فيلدبيرج في هامبورغ بألمانيا عام 1900. درس الطب في جامعات ميونيخ وبرلين وهايدلبرغ، وحصل على شهادته في الطب من جامعة برلين عام 1925. خلال فترة دراسته، أبدى فيلدبيرج اهتمامًا خاصًا بعلم وظائف الأعضاء وعلم الأدوية، الأمر الذي دفعه إلى مواصلة البحث في هذا المجال.
بعد حصوله على شهادته الطبية، عمل فيلدبيرج في معهد علم وظائف الأعضاء في جامعة برلين تحت إشراف البروفيسور يوهانس مولر، وهو عالم وظائف أعضاء مشهور. هناك، بدأ فيلدبيرج أبحاثه حول تأثير الأدوية على وظائف الأعصاب والعضلات.
مسيرته المهنية
في عام 1933، ومع تصاعد تهديد النظام النازي في ألمانيا، اضطر فيلدبيرج، وهو من أصل يهودي، إلى مغادرة البلاد. هاجر إلى المملكة المتحدة، حيث حصل على منصب باحث في معهد علم وظائف الأعضاء في جامعة كامبريدج تحت إشراف السير هنري ديل، الحائز على جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء والطب. كان ديل رائدًا في مجال علم الأدوية العصبية، وقد لعب دورًا حاسمًا في تطوير مسيرة فيلدبيرج.
قضى فيلدبيرج معظم حياته المهنية في المملكة المتحدة، حيث عمل في العديد من المؤسسات البحثية المرموقة، بما في ذلك معهد علم وظائف الأعضاء في كامبريدج، والمعهد الوطني للبحوث الطبية في لندن، ومعهد ميل هيل للبحوث الطبية. أصبح مواطنًا بريطانيًا في عام 1946.
أبحاثه وإسهاماته
ركزت أبحاث فيلدبيرج بشكل أساسي على دراسة الناقلات العصبية، وهي المواد الكيميائية التي تنقل الإشارات بين الخلايا العصبية. كان رائداً في استخدام التقنيات التجريبية المبتكرة لدراسة إطلاق الناقلات العصبية وتأثيرها على الأعضاء والأنسجة المختلفة.
الأستيل كولين: كان فيلدبيرج من أوائل الباحثين الذين اكتشفوا دور الأستيل كولين كناقل عصبي. أظهر أن الأستيل كولين يطلق من النهايات العصبية وينقل الإشارات إلى العضلات، مما يؤدي إلى تقلصها. كما اكتشف أن الأستيل كولين يلعب دورًا مهمًا في وظائف الجهاز العصبي اللاإرادي، مثل تنظيم معدل ضربات القلب وضغط الدم.
الهيستامين: بالإضافة إلى الأستيل كولين، درس فيلدبيرج أيضًا دور الهيستامين كناقل عصبي. اكتشف أن الهيستامين يطلق من الخلايا العصبية في الدماغ ويلعب دورًا في تنظيم النوم واليقظة والشهية. كما أظهر أن الهيستامين يشارك في الاستجابات الالتهابية والحساسية.
تقنيات مبتكرة: طور فيلدبيرج العديد من التقنيات التجريبية المبتكرة لدراسة الناقلات العصبية. على سبيل المثال، ابتكر طريقة لجمع الناقلات العصبية التي تطلق من الدماغ في الحيوانات الحية، مما سمح له بتحليلها وتحديدها. كما طور طريقة لقياس إطلاق الناقلات العصبية من الأنسجة المعزولة.
إرثه العلمي: ساهمت أبحاث فيلدبيرج بشكل كبير في فهمنا لكيفية عمل الجهاز العصبي وكيف تنقل الإشارات في جميع أنحاء الجسم. وقد مهدت الطريق لتطوير أدوية جديدة لعلاج مجموعة متنوعة من الأمراض العصبية والنفسية، مثل مرض الزهايمر ومرض باركنسون والاكتئاب.
- اكتشاف دور الأستيل كولين كناقل عصبي.
- اكتشاف دور الهيستامين كناقل عصبي.
- تطوير تقنيات تجريبية مبتكرة لدراسة الناقلات العصبية.
- المساهمة في فهم كيفية عمل الجهاز العصبي.
- المساهمة في تطوير أدوية جديدة لعلاج الأمراض العصبية والنفسية.
جوائز وتكريمات
حصل فيلهلم فيلدبيرج على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لإسهاماته العلمية المتميزة، بما في ذلك:
- زميل في الجمعية الملكية (FRS)
- جائزة فخري في علم الأعصاب من الجمعية الأوروبية لعلم الأعصاب
- دكتوراه فخرية من جامعة كامبريدج
حياته الشخصية
تزوج فيلدبيرج من مارغريت ليفي في عام 1933، وأنجبا ثلاثة أطفال. كان فيلدبيرج شخصًا متواضعًا ومخلصًا لعمله، وكان يتمتع بتقدير كبير من قبل زملائه وطلابه. كان شغوفًا بالعلوم وكان ملتزمًا بتعزيز المعرفة والفهم في مجال علم وظائف الأعضاء وعلم الأدوية.
وفاته
توفي فيلهلم فيلدبيرج في لندن عام 1993 عن عمر يناهز 92 عامًا. ترك وراءه إرثًا علميًا غنيًا سيستمر في إلهام الباحثين والأطباء في جميع أنحاء العالم.
خاتمة
كان فيلهلم فيلدبيرج عالمًا استثنائيًا ترك بصمة لا تُمحى في مجال علم وظائف الأعضاء وعلم الأدوية. من خلال أبحاثه الرائدة في مجال الناقلات العصبية، ساهم بشكل كبير في فهمنا لكيفية عمل الجهاز العصبي وكيف تنقل الإشارات في جميع أنحاء الجسم. لقد مهدت اكتشافاته الطريق لتطوير أدوية جديدة لعلاج مجموعة متنوعة من الأمراض العصبية والنفسية، مما جعله شخصية مؤثرة في تاريخ الطب.