خلفية تاريخية
بعد استقلال الهند عام 1947، تصاعدت التوترات بين الجماعات الدينية المختلفة. كان هناك قلق متزايد بشأن أنشطة المبشرين المسيحيين، خاصة في المناطق القبلية والريفية، حيث كان يُزعم أنهم يستخدمون وسائل غير أخلاقية لإجبار الناس على التحول إلى المسيحية. أدت هذه المخاوف إلى تشكيل لجنة نيوغي في عام 1954.
تشكيل اللجنة وأهدافها
تم تشكيل لجنة نيوغي من قبل حكومة ولاية ماديا براديش في 16 أبريل 1954، وكانت تتألف من الأعضاء التالية أسماؤهم:
- الدكتور م. ب. نيوغي (رئيس اللجنة)
- السيد/ جيراج سينغ
- السيد/ أ. ل. جالي
- السيد/ كي. س. ديكيست
- السيد/ بهاواني براساد تيواري
- السيد/ راما راو ديشموخ (السكرتير)
كانت الأهداف الرئيسية للجنة هي:
- التحقيق في أنشطة المبشرين المسيحيين في ماديا براديش.
- تحديد ما إذا كان المبشرون يستخدمون وسائل قسرية أو غير أخلاقية لتحويل الناس إلى المسيحية.
- تقديم توصيات إلى الحكومة بشأن كيفية تنظيم أنشطة المبشرين.
منهجية عمل اللجنة
قامت لجنة نيوغي بجمع الأدلة من مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك الشهود والمستندات والمسوحات الميدانية. زارت اللجنة العديد من المناطق في ماديا براديش والتقت بأفراد من مختلف الخلفيات الدينية. كما تلقت اللجنة مذكرات وشهادات من المنظمات المسيحية والأفراد.
النتائج الرئيسية للتقرير
خلص تقرير لجنة نيوغي، الذي نُشر في عام 1956، إلى أن بعض المبشرين المسيحيين قد شاركوا في أنشطة غير أخلاقية، مثل استخدام الإغراءات المالية والترهيب لتحويل الناس إلى المسيحية. كما انتقد التقرير المنظمات المسيحية الأجنبية لتقديم الدعم المالي للمبشرين. وخلص التقرير إلى أن التحويلات في الغالب لم تكن طوعية.
تضمنت بعض النتائج الرئيسية للتقرير ما يلي:
- أنشطة تحويل واسعة النطاق، وخاصة بين السكان الأصليين والطبقات الدنيا.
- استخدام الإغراءات المالية والمادية لجذب الناس إلى المسيحية.
- إهانة الديانات الهندوسية التقليدية.
- وجود صلات بين بعض المبشرين والمنظمات الأجنبية ذات الدوافع السياسية.
- أن بعض المؤسسات التعليمية والطبية التي تديرها الكنيسة تستخدم كأدوات للتبشير.
التوصيات الرئيسية للتقرير
قدمت لجنة نيوغي عددًا من التوصيات إلى الحكومة بشأن كيفية تنظيم أنشطة المبشرين. وشملت هذه التوصيات:
- سن قوانين تحظر التحويلات القسرية.
- تقييد تدفق الأموال الأجنبية إلى المنظمات المسيحية.
- مراقبة أنشطة المبشرين عن كثب.
- فرض رقابة على المواد الدينية التي يتم توزيعها من قبل المبشرين.
وشددت اللجنة على ضرورة حماية السكان الضعفاء من التأثير غير المبرر، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على النظام العام.
ردود الفعل على التقرير
أثار تقرير لجنة نيوغي جدلاً واسعاً. رحبت به بعض الجماعات الهندوسية، التي اعتبرته بمثابة تبرير لمخاوفها بشأن أنشطة المبشرين المسيحيين. في المقابل، انتقدته المنظمات المسيحية، التي اعتبرته محاولة لتقييد حريتها الدينية.
رفضت الكنائس المسيحية في الهند بشكل قاطع النتائج والتوصيات الواردة في التقرير، واعتبرت أنه يستند إلى معلومات غير دقيقة وتحيزات معادية للمسيحية. جادلت الكنائس بأن التقرير تجاهل المساهمات الإيجابية التي قدمتها المؤسسات المسيحية في مجالات التعليم والرعاية الصحية والتنمية الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، أكدت الكنائس على حقها الدستوري في نشر ديانتها سلميًا.
التأثير على التشريعات والسياسات
كان لتقرير لجنة نيوغي تأثير كبير على التشريعات والسياسات المتعلقة بالحرية الدينية في الهند. تبنت العديد من الولايات الهندية قوانين لمكافحة التحويل الديني بناءً على توصيات اللجنة. تهدف هذه القوانين إلى منع التحويلات الدينية عن طريق الإكراه أو الاحتيال أو الإغراء. ومع ذلك، غالبًا ما يتم انتقاد هذه القوانين باعتبارها تنتهك الحريات الدينية للأقليات.
أدى التقرير أيضًا إلى زيادة التدقيق في تدفق الأموال الأجنبية إلى المنظمات الدينية، مما أثر على قدرة بعض المنظمات المسيحية على العمل في الهند.
الجدل الدائر حول التقرير
لا يزال تقرير لجنة نيوغي موضوع جدل حتى اليوم. يجادل البعض بأنه كان محاولة مشروعة لحماية السكان الضعفاء من التحويلات القسرية. بينما يرى آخرون أنه كان أداة تستخدمها الأغلبية الهندوسية لقمع الأقليات الدينية. يعتقد منتقدو التقرير أن التقرير ساهم في خلق مناخ من عدم الثقة والعداء تجاه المسيحيين في الهند.
إن تأثير التقرير على الحريات الدينية في الهند لا يزال قيد المناقشة. يجادل البعض بأن التقرير أدى إلى تقييد غير ضروري للحق في نشر الدين، بينما يعتقد البعض الآخر أنه كان ضروريًا لحماية النظام العام.
الخلاصة
تقرير لجنة نيوغي هو وثيقة تاريخية مهمة أثارت جدلاً واسعاً حول الحرية الدينية في الهند. بينما يجادل البعض بأنه كان محاولة مشروعة لحماية السكان الضعفاء من التحويلات القسرية، يرى آخرون أنه كان أداة تستخدمها الأغلبية لقمع الأقليات. لا يزال التقرير يؤثر على التشريعات والسياسات المتعلقة بالحرية الدينية في الهند حتى اليوم، ولا يزال موضوع جدل مستمر.
خاتمة
يمثل تقرير لجنة نيوغي علامة فارقة في تاريخ العلاقات بين الأديان في الهند. لقد أثار نقاشات حادة حول حدود الحرية الدينية ودور الدولة في تنظيم الأنشطة الدينية. على الرغم من مرور أكثر من ستة عقود على نشره، لا يزال التقرير يثير أسئلة مهمة حول التوازن بين حماية حقوق الأقليات والحفاظ على النظام العام.