نشأتها وبدايتها الفنية
ولدت نادين لبكي في بعبدا، لبنان، ونشأت في بيئة تقدر الفن والثقافة. درست الإعلام في جامعة القديس يوسف في بيروت، وخلال دراستها، أخرجت فيلمها القصير “11 شارع باستور”، الذي فاز بجائزة أفضل فيلم قصير في بينالي السينما العربية في معهد العالم العربي في باريس عام 1998. هذا النجاح المبكر شجعها على مواصلة مسيرتها في الإخراج.
بعد التخرج، بدأت لبكي العمل كمخرجة للإعلانات التجارية وأغاني الفيديو كليب، حيث استطاعت أن تبرز بأسلوبها المميز ورؤيتها الفنية. عملت مع العديد من الفنانين المشهورين في العالم العربي، وحققت نجاحاً كبيراً في هذا المجال.
الأعمال السينمائية
سكر بنات (Caramel)
في عام 2007، قدمت نادين لبكي فيلمها الروائي الطويل الأول “سكر بنات”، الذي حقق نجاحاً كبيراً على المستويين النقدي والجماهيري. الفيلم يتناول حياة مجموعة من النساء اللبنانيات اللاتي يعملن في صالون تجميل في بيروت، ويسلط الضوء على علاقاتهن وصداقاتهن وتحدياتهن اليومية. كتبت لبكي سيناريو الفيلم وقامت بإخراجه ولعبت دور البطولة فيه. عرض الفيلم في مهرجان كان السينمائي في قسم “نظرة ما”، وحصل على إشادة واسعة النطاق.
وهلأ لوين؟ (Where Do We Go Now?)
في عام 2011، أخرجت نادين لبكي فيلمها الثاني “وهلأ لوين؟”، الذي يتناول قصة مجموعة من النساء في قرية لبنانية معزولة، يحاولن منع نشوب حرب أهلية بين المسيحيين والمسلمين. الفيلم يجمع بين الكوميديا والتراجيديا، ويسلط الضوء على قضايا التعصب الديني والعنف الطائفي. شاركت لبكي في كتابة الفيلم وإخراجه، ولعبت دوراً رئيسياً فيه. عرض الفيلم في مهرجان كان السينمائي أيضاً، وفاز بجائزة “جائزة الجمهور” في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي.
كفرناحوم (Capernaum)
في عام 2018، قدمت نادين لبكي فيلمها “كفرناحوم”، الذي يعتبر من أهم أعمالها السينمائية حتى الآن. الفيلم يتناول قصة زين، وهو طفل لبناني يعيش في الأحياء الفقيرة في بيروت، ويقرر رفع دعوى قضائية ضد والديه بسبب إنجابه وإهماله. الفيلم يسلط الضوء على قضايا الفقر والظلم الاجتماعي واستغلال الأطفال. كتبت لبكي سيناريو الفيلم بالتعاون مع مجموعة من الكتاب، وقامت بإخراجه بأسلوب واقعي ومؤثر. عرض الفيلم في مهرجان كان السينمائي، وفاز بجائزة لجنة التحكيم. كما تم ترشيح الفيلم لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي، وجائزة غولدن غلوب.
أسلوبها الفني ومواضيعها
تتميز أفلام نادين لبكي بأسلوبها الواقعي والمؤثر، ورؤيتها الفنية التي تجمع بين الجمالية والقضايا الاجتماعية. تهتم لبكي بتصوير حياة الناس العاديين، وتسليط الضوء على معاناتهم وتحدياتهم. تتناول أفلامها مواضيع مهمة مثل الفقر والظلم الاجتماعي والعنف الطائفي وحقوق المرأة والطفل.
تعتمد لبكي في أفلامها على ممثلين غير محترفين في الغالب، وتدربهم على أداء الأدوار بصدق وإحساس. كما تستخدم التصوير الواقعي والموسيقى التصويرية المؤثرة لخلق جو من الحميمية والتأثير العاطفي.
تعتبر نادين لبكي من المخرجين القلائل الذين استطاعوا أن يحققوا نجاحاً كبيراً على المستوى العالمي، وأن يرفعوا اسم السينما اللبنانية والعربية عالياً. حصلت أفلامها على العديد من الجوائز والتقديرات، وعرضت في كبرى المهرجانات السينمائية في العالم.
الجوائز والتكريمات
- جائزة أفضل فيلم قصير في بينالي السينما العربية في معهد العالم العربي في باريس عن فيلم “11 شارع باستور” (1998)
- جائزة “نظرة ما” في مهرجان كان السينمائي عن فيلم “سكر بنات” (2007)
- جائزة “جائزة الجمهور” في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي عن فيلم “وهلأ لوين؟” (2011)
- جائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي عن فيلم “كفرناحوم” (2018)
- ترشيح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عن فيلم “كفرناحوم” (2019)
- ترشيح لجائزة غولدن غلوب عن فيلم “كفرناحوم” (2019)
- جائزة “سيدة العام” من مجلة “هي” (2019)
أعمال أخرى
بالإضافة إلى أفلامها الروائية الطويلة، شاركت نادين لبكي في العديد من المشاريع الفنية الأخرى، بما في ذلك:
- إخراج أغاني الفيديو كليب للعديد من الفنانين المشهورين في العالم العربي.
- المشاركة في عضوية لجان التحكيم في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية.
- العمل كناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل.
- المشاركة في العديد من الحملات الإعلانية والتوعوية.
حياتها الشخصية
نادين لبكي متزوجة من الموسيقي والملحن خالد مزنر، الذي قام بتأليف الموسيقى التصويرية لجميع أفلامها. لديهما طفلان.
تأثيرها وإرثها
تعتبر نادين لبكي من أهم الشخصيات المؤثرة في السينما العربية المعاصرة. استطاعت من خلال أفلامها أن تسلط الضوء على قضايا مهمة وأن تثير نقاشات واسعة النطاق حول مواضيع حساسة. كما أنها ألهمت العديد من الشباب والشابات في العالم العربي لممارسة العمل السينمائي والتعبير عن أنفسهم من خلال الفن.
تعتبر لبكي نموذجاً للمرأة العربية الناجحة والمبدعة، التي استطاعت أن تحقق أحلامها وأن تترك بصمة واضحة في عالم الفن.
خاتمة
نادين لبكي هي فنانة لبنانية متميزة، استطاعت من خلال موهبتها وإبداعها أن تحقق نجاحاً كبيراً على المستوى العالمي. تتميز أفلامها بأسلوبها الواقعي والمؤثر، ورؤيتها الفنية التي تجمع بين الجمالية والقضايا الاجتماعية. تعتبر لبكي من أهم الشخصيات المؤثرة في السينما العربية المعاصرة، ونموذجاً للمرأة العربية الناجحة والمبدعة.