<![CDATA[
مقدمة
ثيودور إم. ديفيس (Theodore M. Davis) (7 مايو 1838 – 23 فبراير 1915) كان محاميًا ورجل أعمال أمريكيًا. يشتهر بأعمال التنقيب التي قام بها في وادي الملوك في مصر. على الرغم من أنه لم يكن عالم آثار مدربًا، إلا أن ديفيس مول وقاد فريقًا اكتشف العديد من المقابر الهامة، بما في ذلك مقبرة حتشبسوت (KV60) ومقبرة يويا وتويا (KV46)، واللتان كانتا من بين أكثر الاكتشافات إثارة للإعجاب في ذلك الوقت.
حياته المبكرة والتعليم
ولد ثيودور مونرو ديفيس في نيويورك في عام 1838. درس القانون ومارس المهنة لفترة من الزمن قبل أن يتحول إلى مجال الأعمال. حقق ديفيس ثروة كبيرة من خلال استثماراته في السكك الحديدية والتعدين. سمحت له هذه الثروة بالتقاعد في سن مبكرة نسبيًا والانخراط في اهتمامات أخرى، بما في ذلك السفر وجمع التحف الفنية.
الاهتمام بمصر وعلم الآثار
بدأ اهتمام ديفيس بمصر القديمة خلال زيارة قام بها إلى البلاد في أواخر القرن التاسع عشر. انجذب ديفيس إلى الحضارة المصرية القديمة وآثارها المهيبة، وقرر تخصيص جزء من ثروته لدعم التنقيبات الأثرية في وادي الملوك. لم يكن ديفيس عالم آثار مدربًا، لكنه استأجر فريقًا من الخبراء، بما في ذلك عالم الآثار إدوارد راسل آيرتون، للإشراف على أعمال التنقيب.
أعمال التنقيب في وادي الملوك
بدأ ديفيس وفريقه أعمال التنقيب في وادي الملوك في عام 1902 واستمروا حتى عام 1914. خلال هذه الفترة، اكتشفوا عددًا من المقابر الهامة، بما في ذلك:
- مقبرة حتشبسوت (KV60): تم العثور على هذه المقبرة في عام 1903، واحتوت على مومياء يُعتقد أنها تخص الملكة حتشبسوت.
- مقبرة يويا وتويا (KV46): تم اكتشاف هذه المقبرة في عام 1905، واحتوت على مومياوات يويا وتويا، والديّ الملكة تي، زوجة أمنحتب الثالث. كانت هذه المقبرة سليمة نسبيًا، مما وفر رؤى قيمة حول طقوس الدفن في مصر القديمة.
- مقبرة سيتي الثاني (KV15): قام ديفيس بتنظيف هذه المقبرة التي سبق اكتشافها، وعثر على المزيد من القطع الأثرية.
- مقبرة مرنبتاح (KV8): قام ديفيس بتنظيف هذه المقبرة واستكشافها بشكل أكبر.
- العديد من المقابر الصغيرة الأخرى (KV3, KV4, KV5, KV7, KV9, KV10, KV11, KV12, KV13, KV14, KV16, KV17, KV18, KV19, KV20, KV21, KV22, KV23, KV24, KV25, KV26, KV27, KV28, KV29, KV30, KV31, KV32, KV33, KV34, KV35, KV36, KV37, KV38, KV39, KV40, KV41, KV42, KV43, KV44, KV45, KV47, KV48, KV49, KV50, KV51, KV52, KV53, KV54, KV55, KV56, KV57, KV58, KV59, KV61, KV62): على الرغم من أن بعض هذه المقابر كانت صغيرة أو تضررت، إلا أن كل اكتشاف ساهم في فهمنا لوادي الملوك وتاريخه.
كان اكتشاف مقبرة يويا وتويا هو الأهم بين اكتشافات ديفيس. احتوت المقبرة على مجموعة رائعة من الأثاث الجنائزي والمجوهرات والأشياء الأخرى التي تعطينا فكرة عن حياة النخبة المصرية في عهد الأسرة الثامنة عشرة. تم نقل محتويات المقبرة إلى المتحف المصري بالقاهرة، وهي من بين أهم المعروضات فيه.
الجدل حول مقبرة توت عنخ آمون
في عام 1907، اكتشف فريق ديفيس مقبرة صغيرة (KV55) تحتوي على عدد قليل من القطع الأثرية، بما في ذلك تابوت فارغ. اعتقد ديفيس خطأً أن هذه المقبرة كانت مقبرة توت عنخ آمون، وأعلن أنه “انتهى” من التنقيب في وادي الملوك. لسوء الحظ، كان ديفيس مخطئًا. في عام 1922، اكتشف هوارد كارتر مقبرة توت عنخ آمون (KV62) سليمة نسبيًا، مما أثبت أن ديفيس كان مخطئًا وأن وادي الملوك كان لا يزال يحمل كنوزًا مخفية.
أدت ادعاءات ديفيس الخاطئة إلى بعض الجدل والانتقادات. اتُهم ديفيس بالتسرع في استنتاجاته وعدم بذل العناية الواجبة في التنقيب. ومع ذلك، من المهم أن نتذكر أن ديفيس كان رائدًا في مجال علم الآثار المصرية، وأن اكتشافاته ساهمت بشكل كبير في فهمنا للحضارة المصرية القديمة.
إسهاماته ومنشوراته
على الرغم من الجدل المحيط بـ KV55، إلا أن إسهامات ديفيس في علم المصريات لا يمكن إنكارها. لقد مول ودعم العديد من الحفريات الهامة التي أسفرت عن اكتشافات قيمة. بالإضافة إلى ذلك، قام ديفيس بتوثيق اكتشافاته في سلسلة من الكتب الفاخرة التي نشرها على نفقته الخاصة. تشمل هذه الكتب:
- The Tomb of Iouiya and Touiyou (1907)
- The Tomb of Hâtshopsîtû (1906)
- The Funeral Papyrus of Iouiya (1908)
- The Tombs of Harmhabi and Touatânkhamanou (1912)
تتميز هذه الكتب برسومات توضيحية رائعة وتوفر وصفًا تفصيليًا للاكتشافات التي تم إجراؤها في المقابر. لا تزال هذه المنشورات بمثابة مصادر قيمة للباحثين والعلماء المهتمين بعلم المصريات.
حياته اللاحقة ووفاته
بعد سنوات من التنقيب المكثف، تقاعد ديفيس في أوائل العقد الثاني من القرن العشرين بسبب تدهور صحته. توفي في فلورنسا، إيطاليا، في عام 1915. على الرغم من بعض الجدل، يُذكر ديفيس لمساهماته الكبيرة في علم المصريات واكتشافاته الهامة في وادي الملوك. لقد ساعدت جهوده في إلقاء الضوء على تاريخ وثقافة مصر القديمة، ولا تزال اكتشافاته تلهم وتثير اهتمام الناس في جميع أنحاء العالم.
إرثه
يمكن تلخيص إرث ثيودور ديفيس في النقاط التالية:
- اكتشافات مهمة: اكتشف ديفيس ومول اكتشاف العديد من المقابر الهامة في وادي الملوك، بما في ذلك مقبرة حتشبسوت ومقبرة يويا وتويا.
- توثيق دقيق: قام بتوثيق اكتشافاته في سلسلة من الكتب الفاخرة التي لا تزال مصادر قيمة للباحثين.
- دعم علم المصريات: قدم ديفيس دعمًا ماليًا كبيرًا لأعمال التنقيب في مصر، مما ساهم في تقدم علم المصريات.
- إلهام الأجيال: ألهمت اكتشافاته أجيالًا من علماء الآثار والباحثين والمهتمين بالحضارة المصرية القديمة.
خاتمة
كان ثيودور إم. ديفيس شخصية بارزة في تاريخ علم المصريات. على الرغم من أنه لم يكن عالم آثار مدربًا، إلا أن شغفه بمصر القديمة وثروته مكّنته من دعم وتمويل أعمال التنقيب الهامة في وادي الملوك. ساهمت اكتشافاته، وخاصة مقبرة يويا وتويا، بشكل كبير في فهمنا للحضارة المصرية القديمة. على الرغم من الجدل المحيط بـ KV55 والادعاءات الخاطئة بشأن مقبرة توت عنخ آمون، إلا أن إسهامات ديفيس في علم المصريات لا يمكن إنكارها، وسيظل اسمه مرتبطًا بالاكتشافات المثيرة في وادي الملوك.