نشأته وحياته المبكرة
ولد ألفريد في وانتاج، أوكسفوردشاير (الآن باركشاير) حوالي عام 847، وهو الابن الأصغر للملك إثيلولف ملك ويسيكس وزوجته أوسبورغا. في عام 854، قام ألفريد بزيارة إلى روما مع والده، حيث تقول الروايات أنه تم تكريسه من قبل البابا ليو الرابع. وقد أثارت هذه الزيارة اهتمامه بالعلم والتعليم منذ صغره.
لم يكن ألفريد في البداية الوريث الواضح للعرش. فقد سبقه في الحكم ثلاثة من إخوته الأكبر. ومع ذلك، أدت الظروف السياسية والعسكرية المضطربة في ذلك الوقت إلى أن يصبح ألفريد في نهاية المطاف ملكًا.
توليه الحكم والصراع مع الفايكنج
تولى ألفريد العرش في عام 871، بعد وفاة أخيه الملك إثيلريد، في فترة كانت فيها الممالك الأنجلوسكسونية تتعرض لغارات مستمرة من الفايكنج. كانت مملكة ويسيكس آخر الممالك الإنجليزية الكبرى التي قاومت بنجاح التوسع الدنماركي.
واجه ألفريد صعوبات كبيرة في بداية حكمه. فبعد سلسلة من المعارك، اضطر إلى دفع جزية كبيرة للفايكنج لضمان السلام. ومع ذلك، سرعان ما أدرك أن هذه الهدنة مؤقتة، وبدأ في الاستعداد لمواجهة حاسمة.
في شتاء عام 878، شن الفايكنج هجومًا مفاجئًا على ويسيكس، واضطر ألفريد إلى الانسحاب إلى مستنقعات سومرست. ومن هناك، قاد حرب عصابات ضد الفايكنج، مستفيدًا من معرفته بالتضاريس المحلية.
بلغت جهود ألفريد ذروتها في معركة إدنغتون عام 878، حيث حقق نصرًا حاسمًا على الفايكنج بقيادة جوثروم. بعد هذه المعركة، قبل جوثروم المسيحية وتعهد بالانسحاب من ويسيكس.
إصلاحاته وإنجازاته
بعد انتصاره على الفايكنج، شرع ألفريد في تنفيذ سلسلة من الإصلاحات التي تهدف إلى تعزيز مملكته وتحسين حياة شعبه. شملت هذه الإصلاحات:
- الإصلاحات العسكرية: قام ألفريد بإنشاء جيش دائم وأسطول بحري قويين لحماية ويسيكس من الغارات المستقبلية. كما قام بتحصين المدن وبناء الحصون لتعزيز الدفاعات.
- الإصلاحات القانونية: قام ألفريد بتجميع مجموعة من القوانين المعروفة باسم “دومبوك”، والتي استندت إلى القوانين الأنجلوسكسونية القديمة والقانون الكتابي. هدفت هذه القوانين إلى ضمان العدالة والنظام في المجتمع.
- الإصلاحات التعليمية: كان ألفريد مؤمنًا بأهمية التعليم، وقام بتشجيع تعلم اللغة الإنجليزية واللاتينية. قام بترجمة العديد من الكتب اللاتينية إلى اللغة الإنجليزية القديمة، بما في ذلك “التاريخ الكنسي للشعب الإنجليزي” لبيدا، و”عزاء الفلسفة” لبوثيوس.
- الإصلاحات الإدارية: قام ألفريد بتقسيم مملكته إلى وحدات إدارية أصغر، مما سهل إدارة شؤون الدولة وجمع الضرائب.
كان ألفريد راعيًا للفنون والعلوم، وقام بتشجيع العلماء والكتاب على القدوم إلى بلاطه. كما كان مهتمًا بالتاريخ والجغرافيا، وكلف بكتابة “السجل الأنجلوسكسوني”، وهو عبارة عن سجل سنوي للأحداث في إنجلترا.
تراثه وأهميته التاريخية
يُعتبر ألفريد العظيم أحد أعظم الملوك في التاريخ الإنجليزي. لقد نجح في الدفاع عن مملكته ضد الفايكنج، وقام بإصلاحات واسعة النطاق ساهمت في تعزيز الدولة والمجتمع. كما لعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على الثقافة الإنجليزية وتعزيز التعليم.
بالإضافة إلى إنجازاته السياسية والعسكرية، يُذكر ألفريد أيضًا بصفاته الشخصية. كان رجلاً متدينًا وعادلاً ورحيمًا، ومخلصًا لشعبه. لقد ترك إرثًا دائمًا كرمز للقيادة الحكيمة والشجاعة.
خاتمة
ألفريد العظيم، ملك ويسيكس والأنجلو ساكسون، يظل شخصية بارزة في التاريخ الإنجليزي. بفضل قيادته الحكيمة، نجح في الدفاع عن مملكته ضد غزو الفايكنج، وقام بإصلاحات شاملة أثرت إيجابًا على جميع جوانب الحياة. يعتبر ألفريد رمزًا للقيادة الشجاعة والالتزام بالتعليم والثقافة، مما جعله يستحق لقب “العظيم”.