مقدمة
CD28 (بالإنجليزية: Cluster of Differentiation 28) هو أحد البروتينات الموجودة على الخلايا التائية (T cells) والذي يوفر إشارات تحفيزية مشتركة ضرورية لتفعيل الخلايا التائية ووظائفها المناعية. يلعب CD28 دورًا حاسمًا في تنظيم الاستجابة المناعية، وضمان التوازن بين التنشيط المناعي والتسامح المناعي. هذا البروتين ضروري لبدء الاستجابة المناعية ضد مسببات الأمراض، كما أنه يساعد في منع الاستجابات المناعية الذاتية التي يمكن أن تؤدي إلى أمراض المناعة الذاتية.
اكتشاف CD28 وبنيته
تم اكتشاف CD28 في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، وسرعان ما تم التعرف عليه كجزيء رئيسي مشارك في تنشيط الخلايا التائية. CD28 هو بروتين عبر غشائي يتكون من نطاق خارج الخلية يرتبط بالربائط، ونطاق عبر غشائي يثبت البروتين في غشاء الخلية، ونطاق داخل الخلية يتفاعل مع جزيئات الإشارة داخل الخلية التائية.
يتكون النطاق خارج الخلوي لـ CD28 من منطقة متغيرة تشبه الغلوبولين المناعي (IgV)، والتي ترتبط بالربائط الخاصة به، وهما B7-1 (CD80) و B7-2 (CD86) الموجودان على الخلايا المقدمة للمستضد (APCs) مثل الخلايا المتغصنة والخلايا البائية.
وظائف CD28
الوظيفة الرئيسية لـ CD28 هي توفير إشارة تحفيزية مشتركة للخلايا التائية. تتطلب الخلايا التائية إشارتين لتفعيلها بشكل كامل: الإشارة الأولى تأتي من تفاعل مستقبل الخلية التائية (TCR) مع معقد التوافق النسيجي الكبير (MHC) والببتيد المستضدي على الخلية المقدمة للمستضد. الإشارة الثانية، أو الإشارة التحفيزية المشتركة، تأتي في الغالب من تفاعل CD28 على الخلية التائية مع B7-1 أو B7-2 على الخلية المقدمة للمستضد.
بدون التحفيز المشترك عبر CD28، قد تصبح الخلايا التائية غير مستجيبة أو تدخل في حالة من عدم الاستجابة (anergy)، أو قد تخضع للموت الخلوي المبرمج (apoptosis). يوفر CD28 إشارات مهمة لنمو الخلايا التائية، وبقائها على قيد الحياة، وإنتاج السيتوكينات، والتمايز إلى خلايا تائية فعالة وخلايا تائية ذاكرة.
- تنشيط الخلايا التائية: CD28 ضروري لتنشيط الخلايا التائية الكامل. يوفر إشارة تحفيزية مشتركة تعمل جنبًا إلى جنب مع إشارة مستقبل الخلية التائية (TCR) لبدء الاستجابة المناعية.
- إنتاج السيتوكينات: يحفز CD28 إنتاج السيتوكينات الرئيسية مثل إنترلوكين-2 (IL-2)، وهو أمر بالغ الأهمية لنمو الخلايا التائية وتكاثرها.
- البقاء على قيد الحياة: يساعد CD28 على منع موت الخلايا التائية المبرمج، مما يضمن بقاء الخلايا التائية الفعالة لفترة كافية للقضاء على مسببات الأمراض.
- الذاكرة المناعية: يساهم CD28 في تكوين خلايا الذاكرة التائية، والتي توفر مناعة طويلة الأمد ضد العدوى المتكررة.
CD28 في الاستجابة المناعية
يلعب CD28 دورًا حاسمًا في تنظيم الاستجابة المناعية ضد مجموعة متنوعة من مسببات الأمراض. من خلال توفير إشارات تحفيزية مشتركة، يساعد CD28 على ضمان تنشيط الخلايا التائية بشكل كامل وقادرة على القضاء على مسببات الأمراض بشكل فعال. ومع ذلك، فإن التنظيم الدقيق لتنشيط CD28 أمر ضروري لمنع الاستجابات المناعية المفرطة التي يمكن أن تؤدي إلى تلف الأنسجة والأمراض.
يشارك CD28 في الاستجابات المناعية لأنواع مختلفة من مسببات الأمراض، بما في ذلك:
- العدوى الفيروسية: CD28 ضروري لتنشيط الخلايا التائية السامة للخلايا (CTLs)، والتي تلعب دورًا رئيسيًا في القضاء على الخلايا المصابة بالفيروسات.
- العدوى البكتيرية: يساهم CD28 في تنشيط الخلايا التائية المساعدة (Th cells)، والتي تساعد الخلايا البلعمية والخلايا البائية على القضاء على البكتيريا.
- العدوى الفطرية: يلعب CD28 دورًا في الاستجابات المناعية ضد الالتهابات الفطرية، مما يساعد على تنظيم نشاط الخلايا التائية والخلايا المناعية الأخرى.
- العدوى الطفيلية: يساهم CD28 في تنشيط الخلايا التائية والخلايا المناعية الأخرى التي تشارك في مكافحة الالتهابات الطفيلية.
CD28 في أمراض المناعة الذاتية
نظرًا لدوره الحاسم في تنظيم الاستجابة المناعية، فإن CD28 متورط في تطور العديد من أمراض المناعة الذاتية. في أمراض المناعة الذاتية، يهاجم الجهاز المناعي عن طريق الخطأ أنسجة الجسم، مما يؤدي إلى التهاب وتلف الأعضاء. يمكن أن يساهم الخلل في تنظيم تنشيط CD28 في تطور أمراض المناعة الذاتية عن طريق السماح للخلايا التائية ذاتية التفاعل بالتنشيط ومهاجمة أنسجة الجسم.
تشمل بعض أمراض المناعة الذاتية التي تم ربطها بـ CD28:
- التهاب المفاصل الروماتويدي: مرض التهابي مزمن يؤثر على المفاصل.
- التصلب المتعدد: مرض يؤثر على الدماغ والحبل الشوكي.
- مرض السكري من النوع الأول: مرض يهاجم فيه الجهاز المناعي الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس.
- الذئبة الحمامية الجهازية: مرض مزمن يمكن أن يؤثر على أجزاء مختلفة من الجسم، بما في ذلك المفاصل والجلد والكلى والدماغ والأعضاء الأخرى.
في هذه الأمراض، يمكن أن يؤدي التحفيز المفرط لـ CD28 إلى تنشيط الخلايا التائية ذاتية التفاعل، والتي يمكن أن تهاجم أنسجة الجسم وتسبب تلفًا.
CD28 كهدف علاجي
نظرًا لدوره في تنظيم الاستجابة المناعية، فقد تم استكشاف CD28 كهدف علاجي محتمل لعلاج أمراض المناعة الذاتية والاضطرابات المناعية الأخرى. تهدف الاستراتيجيات المختلفة إلى تعديل نشاط CD28 لتقليل الاستجابات المناعية المفرطة أو تعزيز التسامح المناعي.
تشمل بعض الاستراتيجيات العلاجية التي تستهدف CD28:
- حاصرات CD28: تمنع هذه الأدوية تفاعل CD28 مع الربائط الخاصة به (B7-1 و B7-2)، مما يمنع التحفيز المشترك للخلايا التائية وتقليل الاستجابات المناعية.
- الجزيئات الاندماجية CTLA-4: CTLA-4 هو جزيء آخر يرتبط بـ B7-1 و B7-2، لكنه يوفر إشارة مثبطة للخلايا التائية. تحاكي الجزيئات الاندماجية CTLA-4 تأثيرات CTLA-4، مما يقلل من تنشيط الخلايا التائية وتعزيز التسامح المناعي.
- العلاج بالخلايا التائية المعدلة: تتضمن هذه الإستراتيجية هندسة الخلايا التائية لتعبير عن مستقبلات أو جزيئات يمكن أن تعدل نشاط CD28 أو تعزز التسامح المناعي.
أظهرت هذه الاستراتيجيات العلاجية وعدًا في التجارب السريرية لعلاج أمراض المناعة الذاتية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والتصلب المتعدد. ومع ذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم الآليات الكامنة وراء هذه العلاجات بشكل كامل وتحسين فعاليتها وتقليل آثارها الجانبية.
CD28 ومستقبل الأبحاث
لا يزال CD28 محورًا رئيسيًا للبحث في علم المناعة، حيث يسعى العلماء إلى فهم دوره المعقد في تنظيم الاستجابة المناعية بشكل كامل. تشمل مجالات البحث المستمرة:
- آليات الإشارة: دراسة مسارات الإشارة الدقيقة التي ينطوي عليها CD28 لتحديد الأهداف العلاجية المحتملة.
- دور CD28 في أنواع الخلايا التائية الفرعية: التحقيق في كيفية مساهمة CD28 في وظيفة أنواع الخلايا التائية المختلفة، مثل الخلايا التائية المساعدة (Th) والخلايا التائية السامة للخلايا (CTLs).
- CD28 في السرطان: استكشاف دور CD28 في استجابات مكافحة الورم وتطوير علاجات مناعية جديدة للسرطان.
- التنظيم المشترك: فهم كيفية تفاعل CD28 مع الجزيئات التحفيزية المشتركة الأخرى لتنسيق الاستجابة المناعية.
خاتمة
CD28 هو بروتين أساسي على الخلايا التائية يوفر إشارات تحفيزية مشتركة ضرورية لتفعيل الخلايا التائية ووظائفها المناعية. يلعب CD28 دورًا حاسمًا في تنظيم الاستجابة المناعية، وضمان التوازن بين التنشيط المناعي والتسامح المناعي. إن الخلل في تنظيم نشاط CD28 يمكن أن يساهم في تطور أمراض المناعة الذاتية، مما يجعله هدفًا علاجيًا واعدًا. يستمر البحث المستمر في استكشاف دوره المعقد في علم المناعة، بهدف تطوير علاجات جديدة لمجموعة واسعة من الاضطرابات المناعية.