نشأته وحياته المبكرة
ولد أندرو جونسون في رالي بولاية نورث كارولينا، في عائلة فقيرة. لم يحظ جونسون بتعليم نظامي، وعمل في صغره كخياط. على الرغم من افتقاره للتعليم الرسمي، كان جونسون يتمتع بذكاء فطري وعزيمة قوية، وتعلم القراءة والكتابة بمجهوده الشخصي بمساعدة زوجته لاحقًا. انتقلت عائلته إلى غرينفيل بولاية تينيسي عندما كان شابًا، حيث افتتح متجرًا للخياطة وأصبح شخصية بارزة في المجتمع المحلي.
مسيرته السياسية المبكرة
بدأ جونسون مسيرته السياسية في سن مبكرة، حيث شغل مناصب مختلفة على المستوى المحلي ومستوى الولاية. عمل كعضو في مجلس المدينة، ثم رئيسًا للبلدية في غرينفيل. صعد بعدها إلى المجلس التشريعي لولاية تينيسي، ثم أصبح حاكمًا للولاية. في عام 1843، انتُخب جونسون لعضوية مجلس النواب الأمريكي، حيث خدم لعدة سنوات. خلال فترة وجوده في الكونجرس، كان جونسون مدافعًا قويًا عن حقوق الولايات وعن مصالح صغار المزارعين والطبقة العاملة.
الحرب الأهلية
على الرغم من كونه من ولاية تينيسي الجنوبية، وهي ولاية انفصلت عن الاتحاد، بقي جونسون مواليًا للاتحاد خلال الحرب الأهلية الأمريكية. كان هذا الموقف الشجاع بمثابة تحدٍ كبير في ذلك الوقت، وعرّضه لخطر كبير. عينه الرئيس لينكولن حاكمًا عسكريًا لولاية تينيسي بعد أن سيطر عليها جيش الاتحاد. لعب جونسون دورًا حاسمًا في إعادة بناء الولاية وإعادة دمجها في الاتحاد.
نائب الرئيس
في عام 1864، اختير أندرو جونسون ليكون مرشحًا لمنصب نائب الرئيس إلى جانب أبراهام لينكولن في انتخابات الرئاسة. كانت هذه الخطوة تهدف إلى توحيد البلاد وجمع الشمال والجنوب معًا. فاز لينكولن وجونسون في الانتخابات، وأصبح جونسون نائبًا للرئيس في مارس 1865. بعد أسابيع قليلة، اغتيل الرئيس لينكولن، ليصبح أندرو جونسون الرئيس السابع عشر للولايات المتحدة.
فترة الرئاسة
واجه الرئيس جونسون تحديات هائلة خلال فترة رئاسته، وخاصة فيما يتعلق بإعادة إعمار الجنوب بعد الحرب الأهلية. تبنى جونسون سياسة متسامحة تجاه الجنوبيين، مما أثار غضب الجمهوريين المتشددين في الكونجرس، الذين أرادوا معاقبة الجنوب بشدة وضمان حقوق الأمريكيين الأفارقة.
أدت الخلافات بين جونسون والكونجرس إلى صراع سياسي مرير. عارض جونسون العديد من القوانين التي أصدرها الكونجرس لحماية حقوق السود، واستخدم حق النقض (الفيتو) ضدها. رد الكونجرس بتجاوز حق النقض الرئاسي وتمرير القوانين على الرغم من معارضة جونسون.
محاولة العزل
بلغ الصراع بين الرئيس جونسون والكونجرس ذروته في عام 1868، عندما حاول الكونجرس عزله. اتُهم جونسون بانتهاك قانون حيازة المنصب، وهو قانون مثير للجدل يحد من سلطة الرئيس في إقالة مسؤولين حكوميين. بعد محاكمة مطولة في مجلس الشيوخ، لم يتمكن الكونجرس من الحصول على الأصوات اللازمة لعزل جونسون، وبقي في منصبه بفارق صوت واحد فقط.
إنجازات وإخفاقات
على الرغم من الصعوبات التي واجهها، حقق الرئيس جونسون بعض الإنجازات خلال فترة رئاسته. قام بشراء ألاسكا من روسيا عام 1867، وهي صفقة اعتبرها الكثيرون في ذلك الوقت غير ضرورية، ولكنها أثبتت لاحقًا أنها مكسب كبير للولايات المتحدة. كما عمل على إعادة بناء العلاقات مع الدول الأوروبية.
ومع ذلك، تُعتبر فترة رئاسة جونسون عمومًا فترة مضطربة وغير ناجحة. أدت سياساته المتساهلة تجاه الجنوب إلى إبطاء عملية إعادة الإعمار وحماية حقوق الأمريكيين الأفارقة. كما أدت الخلافات المستمرة مع الكونجرس إلى شلل سياسي وعرقلة التقدم.
سنواته الأخيرة
بعد انتهاء فترة رئاسته في عام 1869، عاد أندرو جونسون إلى ولاية تينيسي. حاول العودة إلى السياسة، وانتُخب لعضوية مجلس الشيوخ الأمريكي في عام 1875. توفي جونسون بعد فترة وجيزة من توليه منصبه في مجلس الشيوخ، في 31 يوليو 1875.
إرثه
يعتبر إرث أندرو جونسون إرثًا معقدًا ومثيرًا للجدل. يرى البعض أنه دافع عن حقوق الولايات وعارض التدخل الحكومي المفرط. بينما ينتقده آخرون بسبب سياساته المتساهلة تجاه الجنوب ومعارضته لحقوق الأمريكيين الأفارقة. لا يزال المؤرخون والباحثون يناقشون دور جونسون في التاريخ الأمريكي حتى يومنا هذا.
مقارنة بين سياسات لينكولن وجونسون
كانت هناك اختلافات كبيرة بين سياسات أبراهام لينكولن وأندرو جونسون فيما يتعلق بإعادة إعمار الجنوب. كان لينكولن يؤمن بسياسة أكثر تصالحية تهدف إلى إعادة دمج الجنوب في الاتحاد بسرعة وسلاسة. بينما تبنى جونسون سياسة أكثر تسامحًا تجاه الجنوبيين، مما سمح لهم باستعادة سلطتهم السياسية والاقتصادية بسرعة. أثارت هذه السياسة غضب الجمهوريين المتشددين في الكونجرس، الذين أرادوا معاقبة الجنوب بشدة وضمان حقوق الأمريكيين الأفارقة.
التحديات التي واجهها جونسون كرئيس
واجه أندرو جونسون العديد من التحديات الصعبة خلال فترة رئاسته، بما في ذلك:
- إعادة إعمار الجنوب بعد الحرب الأهلية.
- التعامل مع الصراع السياسي المرير مع الكونجرس.
- حماية حقوق الأمريكيين الأفارقة.
- إدارة الاقتصاد الوطني في فترة ما بعد الحرب.
كانت هذه التحديات معقدة وصعبة للغاية، ولم يتمكن جونسون من التغلب عليها بنجاح.
خاتمة
كان أندرو جونسون شخصية مثيرة للجدل في التاريخ الأمريكي. تولى الرئاسة في فترة عصيبة، وواجه تحديات هائلة. على الرغم من بعض الإنجازات، تُعتبر فترة رئاسته عمومًا فترة مضطربة وغير ناجحة. لا يزال إرثه موضع نقاش وجدل حتى يومنا هذا.