مقدمة
روبرت ريتر (14 مايو 1901 – 15 أبريل 1951) كان طبيبًا وعالمًا ألمانيًا في علم الأعراق، متخصصًا في علم النفس والطب. اشتهر بعمله خلال الحقبة النازية، حيث لعب دورًا رئيسيًا في تحديد وتصنيف الغجر (الروما والسنتي) في ألمانيا وأوروبا المحتلة. كان ريتر مديرًا لـ “وحدة الأبحاث الصحية العرقية” التابعة لوزارة الصحة الرايخ، والتي سعت إلى إثبات “الدونية العرقية” للغجر وتقديم مبرر علمي للاضطهاد والترحيل والإبادة الجماعية التي تعرضوا لها.
حياته المبكرة وتعليمه
ولد روبرت ريتر في آخن، ألمانيا. درس الطب وعلم النفس في جامعات بون، ماربورغ، هايدلبرغ وميونيخ، وحصل على الدكتوراه في الطب. في وقت مبكر من حياته المهنية، أبدى اهتمامًا بالطب النفسي وعلم الإجرام، مما قاده لاحقًا إلى التركيز على علم الأعراق.
العمل خلال الحقبة النازية
انضم ريتر إلى وزارة الصحة الرايخ في عام 1936، وسرعان ما أصبح شخصية مركزية في تطوير وتنفيذ السياسات العنصرية النازية ضد الغجر. في عام 1937، تم تعيينه رئيسًا لـ “وحدة الأبحاث الصحية العرقية”، وهي منظمة أنشئت خصيصًا للتحقيق في التركيبة العرقية للغجر وتقييم “قيمتهم البيولوجية”.
منهجية ريتر البحثية: اعتمد ريتر على منهجية بحثية زائفة تضمنت جمع الأنساب، وإجراء الفحوصات الطبية، وإجراء المقابلات مع أفراد الغجر. استندت استنتاجاته إلى افتراضات مسبقة حول “الدونية العرقية” للغجر، وتم تصميم أبحاثه لتأكيد هذه الافتراضات بدلاً من إجراء تحقيق علمي موضوعي.
تصنيف الغجر: قام ريتر بتصنيف الغجر إلى فئات مختلفة بناءً على أصولهم العرقية المفترضة و “نقائهم العرقي”. اعتبر أن أولئك الذين لديهم “دماء ألمانية” أقل أكثر عرضة للانحراف الإجرامي والأمراض العقلية. استخدم هذا التصنيف لتبرير سياسات الفصل والتعقيم القسري والإبادة الجماعية.
التعاون مع السلطات النازية: تعاون ريتر عن كثب مع منظمات نازية أخرى، مثل الشرطة الجنائية الرايخ (RKPA) ومكتب الأمن الرئيسي للرايخ (RSHA)، لجمع المعلومات عن الغجر وتحديد مكانهم وترحيلهم. قدم “خبرة” علمية لقراراتهم العنصرية، مما ساهم في اضطهاد وإبادة عشرات الآلاف من الغجر.
المشاركة في الإبادة الجماعية
كان عمل ريتر بمثابة الأساس الأيديولوجي لسياسة الإبادة الجماعية ضد الغجر، والتي بلغت ذروتها في “بورايموس” أو “المحرقة الصامتة”، حيث قُتل ما يقدر بنحو 250,000 إلى 500,000 من الغجر على أيدي النازيين وحلفائهم. ساهمت “أبحاثه” في نزع الإنسانية عن الغجر وتسهيل ارتكاب الفظائع ضدهم.
محاكمات ما بعد الحرب
بعد الحرب العالمية الثانية، تم القبض على ريتر ومحاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ومع ذلك، تمكن من تجنب الإدانة بادعاء الجنون. توفي في عام 1951 في مستشفى للأمراض النفسية.
إرث روبرت ريتر
يعتبر روبرت ريتر شخصية مثيرة للجدل في تاريخ علم الأعراق. يرى الكثيرون أن عمله كان احتيالًا علميًا يخدم أيديولوجية عنصرية. ساهم عمله بشكل كبير في معاناة واضطهاد الغجر خلال الحقبة النازية. يُنظر إليه على أنه مثال على كيف يمكن استخدام العلم لتبرير الكراهية والعنف.
انتقادات لعمله
- التحيز والمنهجية المعيبة: كانت أبحاث ريتر متحيزة بشكل منهجي، حيث بدأت بافتراضات مسبقة حول “الدونية العرقية” للغجر. تم تصميم منهجيته لـ “إثبات” هذه الافتراضات بدلاً من إجراء تحقيق علمي موضوعي.
- العينة غير التمثيلية: اعتمدت أبحاثه على عينات صغيرة وغير تمثيلية من السكان الغجر، مما جعل استنتاجاته غير صالحة من الناحية الإحصائية.
- الافتقار إلى المراجعة النظيرة: لم يتم نشر عمل ريتر في المجلات العلمية المحكمة من قبل الزملاء، مما يعني أنه لم يخضع لتدقيق نقدي من قبل علماء آخرين.
- النتائج المضللة: تم استخدام نتائج أبحاثه لتبرير سياسات عنصرية، مما أدى إلى معاناة واضطهاد واسع النطاق.
تأثير عمله على سياسات العرق النازية
كان لعمل روبرت ريتر تأثير كبير على السياسات العرقية النازية تجاه الغجر. ساهم عمله في نزع الإنسانية عن الغجر وجعل من السهل على النازيين تبرير اضطهادهم وإبادتهم. تم استخدام “أبحاثه” لإنشاء قوانين ولوائح تمييزية ضد الغجر، مثل قوانين نورمبرغ، التي حرمتهم من حقوقهم المدنية.
التعقيم القسري: بناءً على “أبحاث” ريتر، بدأ النازيون برنامجًا للتعقيم القسري للغجر، بهدف منعهم من إنجاب الأطفال. تم تعقيم الآلاف من الغجر قسراً، مما تسبب في ضرر جسدي ونفسي دائم.
الترحيل والإبادة الجماعية: بلغت السياسات العرقية النازية ذروتها في ترحيل الغجر إلى معسكرات الاعتقال والإبادة، حيث تم قتلهم بأعداد كبيرة. ساهم عمل ريتر في تبرير هذه الفظائع.
ردود الفعل على عمل ريتر بعد الحرب
بعد الحرب العالمية الثانية، تم إدانة عمل روبرت ريتر على نطاق واسع باعتباره احتيالًا علميًا وخدمة للأيديولوجية العنصرية. ومع ذلك، لم يتم الاعتراف الكامل بمسؤوليته عن اضطهاد وإبادة الغجر لفترة طويلة. في العقود الأخيرة، كان هناك جهد متزايد للاعتراف بضحايا البوريموس وتذكرهم، وكذلك لإدانة عمل ريتر والعلماء الآخرين الذين ساهموا في الفظائع النازية.
أهمية دراسة عمل ريتر
من المهم دراسة عمل روبرت ريتر لفهم مخاطر العلم الزائف والأيديولوجية العنصرية. يساعدنا عمله على فهم كيف يمكن استخدام العلم لتبرير الكراهية والعنف، وكيف يمكن أن يكون للعلم عواقب وخيمة على المجتمعات المهمشة.
دروس مستفادة:
- يجب أن يكون العلم موضوعيًا وخاليًا من التحيز.
- يجب فحص الادعاءات العلمية بشكل نقدي.
- يجب ألا ننسى أبدًا ضحايا العنصرية والإبادة الجماعية.
خاتمة
كان روبرت ريتر شخصية محورية في تطوير وتنفيذ السياسات العنصرية النازية ضد الغجر. ساهم عمله في اضطهاد وإبادة عشرات الآلاف من الأبرياء. يجب أن نتذكر عمله كتحذير من مخاطر العلم الزائف والأيديولوجية العنصرية، وكم تترتب عليها نتائج وخيمة على المجتمعات المهمشة.