مقدمة
ألكسيوس الثاني كومنينوس (باليونانية: Ἀλέξιος Κομνηνός؛ 14 سبتمبر 1169 – سبتمبر 1183)، إمبراطور بيزنطي حكم من عام 1180 إلى 1183. كان عهده قصيرًا ومضطربًا، وشهد صعود الأوصياء الذين سيطروا على الإمبراطورية، مما أدى في النهاية إلى الإطاحة به وقتله.
الخلفية والعائلة
ولد ألكسيوس الثاني في 14 سبتمبر 1169، وهو الابن الوحيد للإمبراطور مانويل الأول كومنينوس وزوجته ماري الأنطاكية. كان والده مانويل الأول يتمتع بشعبية كبيرة وحقق نجاحًا في السياسة الخارجية والتوسع الإقليمي، مما جعل الإمبراطورية البيزنطية قوة مهيمنة في المنطقة. ومع ذلك، فإن ولادة وريث ذكر كانت ضرورية لضمان استمرارية السلالة الحاكمة.
والدة ألكسيوس، ماري الأنطاكية، كانت أميرة من إمارة أنطاكية الصليبية، مما جعلها شخصية مثيرة للجدل في القسطنطينية بسبب خلفيتها الغربية الكاثوليكية. كان هذا الاختلاف الديني والثقافي سيؤثر لاحقًا على نظرة الشعب البيزنطي إليها ودورها كوصية على العرش.
الوصاية
عندما توفي مانويل الأول في 24 سبتمبر 1180، كان ألكسيوس الثاني يبلغ من العمر 11 عامًا فقط، مما جعله قاصرًا وغير قادر على الحكم بمفرده. تم تعيين والدته، ماري الأنطاكية، وصية عليه، لكن افتقارها للخبرة السياسية واعتمادها على مستشاريها الغربيين أثار استياء النبلاء البيزنطيين والشعب على حد سواء.
أثار نفوذ التجار اللاتينيين (الإيطاليين) في القسطنطينية، الذي ازداد في عهد مانويل الأول، استياءً واسع النطاق. كانت ماري الأنطاكية تعتبر متساهلة للغاية مع هؤلاء التجار، مما زاد من حدة التوتر الاجتماعي والاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك شائعات حول علاقتها مع ألكسيوس كومنينوس، ابن عم الإمبراطور الراحل، مما أضر بسمعتها بشكل أكبر.
مؤامرة أندرونيكوس كومنينوس
وسط هذه الاضطرابات، ظهر أندرونيكوس كومنينوس، ابن عم مانويل الأول، كشخصية طموحة وقادرة على استغلال السخط العام. كان أندرونيكوس قد قضى سنوات في المنفى، حيث اكتسب خبرة سياسية وعسكرية كبيرة. بدأ في التآمر للإطاحة بماري الأنطاكية والاستيلاء على السلطة.
بدأ أندرونيكوس في حشد الدعم من النبلاء البيزنطيين والجنود، واعدًا إياهم بالإصلاحات واستعادة مجد الإمبراطورية. تمكن من كسب ولاء العديد من الشخصيات البارزة، بما في ذلك ألكسيوس كومنينوس (عشيق ماري الأنطاكية المفترض) والجنرال أندرونيكوس كونتوستيفانوس.
الاستيلاء على السلطة
في عام 1182، دخل أندرونيكوس كومنينوس القسطنطينية بجيشه. استقبل بحفاوة كبيرة من قبل سكان المدينة، الذين كانوا يأملون في أن يضع حداً للفساد وسوء الإدارة. تمكن أندرونيكوس من الاستيلاء على السلطة بسرعة وسهولة، وأجبر ماري الأنطاكية على الاستقالة من منصبها كوصية.
بعد الاستيلاء على السلطة، أمر أندرونيكوس بسجن ماري الأنطاكية، ثم أعدمها في وقت لاحق من ذلك العام. تم تنصيب أندرونيكوس كإمبراطور مشارك مع ألكسيوس الثاني، لكنه كان الحاكم الفعلي للإمبراطورية.
حكم أندرونيكوس وسياساته
على الرغم من أن أندرونيكوس كان حاكمًا قاسيًا، إلا أنه نفذ عددًا من الإصلاحات التي هدفت إلى تحسين الإدارة وتقليل الفساد. قام بتخفيض الضرائب على الفلاحين، وقمع المسؤولين الفاسدين، وحاول الحد من نفوذ التجار اللاتينيين. ومع ذلك، أثارت إجراءاته القمعية معارضة واسعة النطاق، وخاصة من النبلاء والأرستقراطيين.
قضى أندرونيكوس على خصومه السياسيين بوحشية، وأمر بإعدام أو سجن العديد من الشخصيات البارزة. أدت هذه الأعمال إلى خلق مناخ من الخوف وعدم الاستقرار، مما أضعف الإمبراطورية وزاد من حدة التوترات الداخلية.
مقتل ألكسيوس الثاني
بعد أن أصبح أندرونيكوس الحاكم الفعلي، لم يعد ألكسيوس الثاني ضروريًا. في سبتمبر 1183، أمر أندرونيكوس بقتل ألكسيوس الثاني، الذي كان يبلغ من العمر 14 عامًا فقط. تم خنق ألكسيوس، وأصبح أندرونيكوس الإمبراطور الوحيد للإمبراطورية البيزنطية.
كان مقتل ألكسيوس الثاني بمثابة صدمة للعديد من البيزنطيين، الذين رأوا فيه الضحية الأبرياء لطموحات أندرونيكوس القاتلة. ساهمت هذه الجريمة في تدهور شعبية أندرونيكوس ومهدت الطريق للإطاحة به.
الإطاحة بأندرونيكوس
أثارت سياسات أندرونيكوس القمعية ومقتل ألكسيوس الثاني معارضة واسعة النطاق. في عام 1185، اندلعت ثورة في القسطنطينية بقيادة إسحاق الثاني أنجيلوس، وهو نبيل بيزنطي تمكن من الفرار من السجن.
تمكن إسحاق الثاني من حشد الدعم من سكان المدينة والجيش، وسرعان ما استولى على السلطة. تم القبض على أندرونيكوس وتعذيبه بوحشية قبل إعدامه علنًا في ميدان سباق الخيل في القسطنطينية. أنهت وفاته سلالة الكومنين، وفتحت فصلاً جديدًا في تاريخ الإمبراطورية البيزنطية.
تأثير حكم ألكسيوس الثاني
على الرغم من أن حكم ألكسيوس الثاني كان قصيرًا ومضطربًا، إلا أنه كان له تأثير كبير على الإمبراطورية البيزنطية. كشف عهده عن نقاط الضعف في النظام السياسي، وساهم في تدهور الإمبراطورية. كما أدى إلى صعود أندرونيكوس كومنينوس، الذي حكم بوحشية وقمع، مما أضعف الإمبراطورية بشكل أكبر.
كان مقتل ألكسيوس الثاني بمثابة نقطة تحول في تاريخ الإمبراطورية البيزنطية. أدى إلى الإطاحة بأندرونيكوس وصعود سلالة أنجيلوس، التي حكمت الإمبراطورية بشكل غير فعال، مما ساهم في سقوطها في نهاية المطاف في أيدي الصليبيين عام 1204.
خاتمة
كان ألكسيوس الثاني كومنينوس إمبراطورًا بيزنطيًا حكم لفترة قصيرة من عام 1180 إلى عام 1183. كان عهده مليئًا بالصراعات الداخلية والمؤامرات السياسية. بسبب صغر سنه، حكم الأوصياء نيابة عنه، مما أدى إلى عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي. انتهى حكمه بمقتله على يد أندرونيكوس كومنينوس، مما ساهم في تدهور الإمبراطورية البيزنطية.