<![CDATA[
مقدمة
بيئة (بالعبرية: פאה، وتعني “الزاوية”) هي ثاني مسالك سيدر زراعيم (“ترتيب البذور”) في المشناه والتلمود. يتناول هذا المسلك قوانين الشريعة اليهودية المتعلقة بالهدايا الزراعية للفقراء، والتي تشمل: بيئة (ترك زاوية الحقل للمحتاجين)، وليقط (تساقط الثمار أثناء الحصاد)، وشكحا (الحصاد المنسي)، وبكوريم (الباكورات)، وتيتيل الفقراء (عشور الفقراء).
نظرة عامة على المسلك
يركز مسلك بيئة بشكل أساسي على الآيات الكتابية في سفر اللاويين (19: 9-10) وسفر التثنية (24: 19-22) التي تحدد الالتزامات الاجتماعية لأصحاب الأراضي تجاه الفقراء والمحتاجين. الهدف من هذه القوانين هو ضمان عدم ترك أي شخص يعاني من الجوع وتوفير وسيلة كريمة لكسب الرزق.
يتكون مسلك بيئة من ثمانية فصول، وكل فصل يتناول جوانب مختلفة من القوانين الزراعية المتعلقة بالهدايا. يبدأ المسلك بتعريف مصطلح “بيئة” وشروط تطبيقه، ثم ينتقل إلى مناقشة أنواع المحاصيل التي تخضع لهذه القوانين، وكيفية تحديد مقدار البيئة المطلوب تركه، وحقوق وواجبات كل من أصحاب الأراضي والفقراء.
بالإضافة إلى ذلك، يتناول المسلك قضايا أخرى ذات صلة مثل: تعريف “الفقير” المستحق لهذه الهدايا، وكيفية التعامل مع الحالات التي يكون فيها الحقل صغيرًا جدًا بحيث لا يمكن ترك زاوية منه، وما إذا كان يمكن استبدال البيئة بالمال.
محتويات المسلك بالتفصيل
الفصل الأول: تعريف بيئة وشروط تطبيقها
يحدد هذا الفصل تعريف “بيئة” على أنها الزاوية غير المحصودة من الحقل، ويشرح الشروط التي يجب توافرها لتطبيق هذه القوانين. على سبيل المثال، يجب أن يكون الحقل مزروعًا بمحصول معين (عادةً الحبوب والفواكه والخضروات)، وأن يكون مملوكًا لشخص واحد، وأن يكون حجمه كافيًا بحيث يمكن ترك زاوية منه دون الإضرار بصاحب الأرض بشكل كبير.
يناقش الفصل أيضًا مسألة ما إذا كان يمكن ترك البيئة في أي مكان في الحقل، أو يجب أن تكون في الزاوية تحديدًا. يميل الرأي السائد إلى أن البيئة يجب أن تكون في الزاوية، وذلك لتسهيل وصول الفقراء إليها ومنعهم من الاضطرار إلى دخول الحقل بأكمله.
- تحديد مفهوم “بيئة”: الزاوية غير المحصودة من الحقل.
- شروط تطبيق بيئة: نوع المحصول، الملكية، حجم الحقل.
- مكان ترك البيئة: يفضل أن تكون في الزاوية.
الفصل الثاني: أنواع المحاصيل الخاضعة لقوانين بيئة
يتناول هذا الفصل أنواع المحاصيل التي تخضع لقوانين بيئة، وما إذا كانت هذه القوانين تنطبق على جميع أنواع المحاصيل أم على أنواع معينة فقط. بشكل عام، تنطبق قوانين بيئة على المحاصيل الغذائية الأساسية مثل الحبوب والفواكه والخضروات. ومع ذلك، هناك بعض الخلافات حول ما إذا كانت تنطبق على المحاصيل الأخرى مثل البقوليات والأعشاب.
يناقش الفصل أيضًا مسألة ما إذا كانت قوانين بيئة تنطبق على الأشجار المثمرة. يميل الرأي السائد إلى أن قوانين بيئة لا تنطبق بشكل مباشر على الأشجار المثمرة، ولكن هناك قوانين أخرى مماثلة تنطبق عليها، مثل قوانين ليقط وشكحا.
- المحاصيل الخاضعة لبيئة: الحبوب، الفواكه، الخضروات.
- الأشجار المثمرة: تخضع لقوانين مماثلة مثل ليقط وشكحا.
- الخلافات حول أنواع أخرى من المحاصيل: البقوليات والأعشاب.
الفصل الثالث: كيفية تحديد مقدار البيئة المطلوب تركه
يشرح هذا الفصل كيفية تحديد مقدار البيئة المطلوب تركه في الحقل. بشكل عام، يجب ترك ما لا يقل عن واحد بالمائة من إجمالي المحصول كبيئة. ومع ذلك، هناك بعض الخلافات حول كيفية حساب هذا الواحد بالمائة، وما إذا كان يجب حسابه بناءً على المساحة المزروعة أم بناءً على كمية المحصول.
يناقش الفصل أيضًا مسألة ما إذا كان يمكن لصاحب الأرض أن يترك أكثر من واحد بالمائة من المحصول كبيئة. يميل الرأي السائد إلى أنه يجوز لصاحب الأرض أن يترك أكثر من ذلك، ولكن لا يجوز له أن يترك أقل من ذلك.
- الحد الأدنى للبيئة: واحد بالمائة من إجمالي المحصول.
- كيفية حساب الواحد بالمائة: المساحة المزروعة أم كمية المحصول.
- إمكانية ترك أكثر من واحد بالمائة: جائز، ولكن لا يجوز ترك أقل.
الفصل الرابع: حقوق وواجبات أصحاب الأراضي والفقراء
يتناول هذا الفصل حقوق وواجبات كل من أصحاب الأراضي والفقراء فيما يتعلق بقوانين بيئة. من واجبات أصحاب الأراضي ترك البيئة في الحقل والسماح للفقراء بدخول الحقل لأخذها. من حقوق أصحاب الأراضي منع الفقراء من أخذ أكثر من حاجتهم، ومنعهم من إتلاف المحصول المتبقي.
من حقوق الفقراء دخول الحقل وأخذ البيئة. من واجبات الفقراء عدم أخذ أكثر من حاجتهم، وعدم إتلاف المحصول المتبقي، وعدم مضايقة أصحاب الأراضي.
- واجبات أصحاب الأراضي: ترك البيئة، السماح للفقراء بأخذها.
- حقوق أصحاب الأراضي: منع الإفراط والإتلاف.
- حقوق الفقراء: دخول الحقل وأخذ البيئة.
- واجبات الفقراء: عدم الإفراط والإتلاف والمضايقة.
الفصل الخامس: تعريف “الفقير” المستحق لبيئة
يشرح هذا الفصل تعريف “الفقير” المستحق للاستفادة من قوانين بيئة. بشكل عام، يعتبر الشخص فقيرًا إذا لم يكن لديه ما يكفي من المال أو الممتلكات لتلبية احتياجاته الأساسية. ومع ذلك، هناك بعض الخلافات حول كيفية تحديد ما إذا كان الشخص فقيرًا حقًا، وما إذا كان يجب الأخذ في الاعتبار وضعه الاجتماعي أو المهني.
يناقش الفصل أيضًا مسألة ما إذا كان يجوز إعطاء البيئة للأشخاص الذين ليسوا فقراء حقًا، ولكنهم يعانون من صعوبات مالية مؤقتة. يميل الرأي السائد إلى أنه يجوز إعطاء البيئة لهؤلاء الأشخاص، ولكن يجب أن تكون الأولوية للفقراء الحقيقيين.
- تعريف “الفقير”: من لا يملك ما يكفي لتلبية احتياجاته الأساسية.
- اعتبارات إضافية: الوضع الاجتماعي والمهني.
- مساعدة المحتاجين مؤقتًا: جائز مع إعطاء الأولوية للفقراء الحقيقيين.
الفصل السادس: الحالات التي يكون فيها الحقل صغيرًا جدًا بحيث لا يمكن ترك زاوية منه
يتناول هذا الفصل الحالات التي يكون فيها الحقل صغيرًا جدًا بحيث لا يمكن ترك زاوية منه دون الإضرار بصاحب الأرض بشكل كبير. في هذه الحالات، هناك آراء مختلفة حول ما إذا كان صاحب الأرض ملزمًا بترك البيئة أم لا. يرى البعض أنه غير ملزم بترك البيئة، بينما يرى آخرون أنه يجب عليه أن يعطي الفقراء شيئًا آخر بدلاً من البيئة، مثل المال أو الطعام.
يناقش الفصل أيضًا مسألة ما إذا كان يمكن لصاحب الأرض أن يجمع عدة حقول صغيرة معًا لإنشاء حقل كبير بما يكفي لترك البيئة. يميل الرأي السائد إلى أنه يجوز لصاحب الأرض أن يفعل ذلك، ولكن يجب عليه أن يفعل ذلك بحسن نية وليس بهدف التهرب من قوانين بيئة.
- الحقول الصغيرة جدًا: آراء مختلفة حول الالتزام بترك البيئة.
- بدائل للبيئة: المال أو الطعام.
- تجميع الحقول الصغيرة: جائز بحسن نية.
الفصل السابع: استبدال البيئة بالمال
يشرح هذا الفصل مسألة ما إذا كان يمكن استبدال البيئة بالمال. بشكل عام، لا يجوز استبدال البيئة بالمال، لأن الهدف من البيئة هو توفير وسيلة كريمة للفقراء لكسب الرزق من خلال العمل في الحقل. ومع ذلك، هناك بعض الحالات التي يجوز فيها استبدال البيئة بالمال، مثل عندما يكون من الصعب على الفقراء الوصول إلى الحقل أو عندما يكون من الأفضل لهم الحصول على المال بدلاً من المحصول.
يناقش الفصل أيضًا مسألة ما إذا كان يمكن لصاحب الأرض أن يدفع للفقراء مقابل العمل في الحقل بدلاً من ترك البيئة. يميل الرأي السائد إلى أنه لا يجوز لصاحب الأرض أن يفعل ذلك، لأن هذا قد يؤدي إلى استغلال الفقراء وإجبارهم على العمل بأجور منخفضة.
- عدم جواز استبدال البيئة بالمال: لأن الهدف توفير وسيلة كريمة لكسب الرزق.
- حالات استثنائية: صعوبة الوصول إلى الحقل أو حاجة الفقراء للمال.
- الدفع للفقراء مقابل العمل: غير جائز لتجنب الاستغلال.
الفصل الثامن: قضايا متفرقة تتعلق ببيئة
يتناول هذا الفصل قضايا متفرقة أخرى تتعلق بقوانين بيئة، مثل: ما إذا كان يمكن ترك البيئة في الأراضي العامة، وما إذا كانت قوانين بيئة تنطبق على غير اليهود، وما إذا كان يمكن بيع البيئة أو التبرع بها.
يناقش الفصل أيضًا مسألة ما إذا كان يجب معاقبة الأشخاص الذين لا يلتزمون بقوانين بيئة. يميل الرأي السائد إلى أنه لا ينبغي معاقبة هؤلاء الأشخاص بالعقوبات الجنائية، ولكن يجب عليهم أن يتحملوا المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية لعدم الوفاء بالتزاماتهم تجاه الفقراء.
- بيئة في الأراضي العامة: قضايا متعلقة بذلك.
- تطبيق بيئة على غير اليهود: آراء مختلفة.
- بيع أو التبرع بالبيئة: أحكام خاصة.
- عقوبة عدم الالتزام: مسؤولية اجتماعية وأخلاقية.
أهمية مسلك بيئة
يعتبر مسلك بيئة من أهم مسالك سيدر زراعيم، لأنه يتناول موضوعًا حيويًا وهو العدالة الاجتماعية والتكافل الاجتماعي. تهدف قوانين بيئة إلى ضمان عدم ترك أي شخص يعاني من الجوع وتوفير وسيلة كريمة لكسب الرزق للفقراء والمحتاجين. بالإضافة إلى ذلك، تعمل هذه القوانين على تعزيز قيم العطاء والكرم والتضامن في المجتمع.
تأثير مسلك بيئة على الحياة اليهودية
لقد كان لمسلك بيئة تأثير كبير على الحياة اليهودية على مر العصور. لقد ألهم اليهود في جميع أنحاء العالم لتقديم المساعدة للفقراء والمحتاجين، ولإنشاء مؤسسات خيرية تهدف إلى مكافحة الفقر والجوع. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت قوانين بيئة في تشكيل الوعي الاجتماعي والأخلاقي لدى اليهود، وتعزيز قيم العدالة والمساواة في المجتمع.
خاتمة
مسلك بيئة هو جزء أساسي من الشريعة اليهودية، ويوفر إطارًا شاملاً للقوانين المتعلقة بالهدايا الزراعية للفقراء. يهدف هذا المسلك إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والتكافل الاجتماعي، وضمان عدم ترك أي شخص يعاني من الجوع. لقد كان لمسلك بيئة تأثير كبير على الحياة اليهودية على مر العصور، ولا يزال يلهم اليهود في جميع أنحاء العالم لتقديم المساعدة للمحتاجين وتعزيز قيم العطاء والكرم في المجتمع.