نشأته وتعليمه
ولد روبرت بويد في دندي، اسكتلندا، وتلقى تعليمه في مدرسة هاريس أكاديمي. أظهر اهتمامًا مبكرًا بالعلوم، وتحديدًا الفيزياء. التحق بكلية لندن الجامعية، حيث حصل على درجة البكالوريوس في العلوم عام 1943 ودرجة الدكتوراه في الفيزياء عام 1949. خلال الحرب العالمية الثانية، عمل بويد في مؤسسة أبحاث الاتصالات التابعة لوزارة الطيران، حيث طور مهاراته في الإلكترونيات والرادار، والتي ستثبت لاحقًا أنها لا تقدر بثمن في حياته المهنية في مجال علوم الفضاء.
بداياته المهنية في كلية لندن الجامعية
بعد حصوله على الدكتوراه، انضم بويد إلى قسم الفيزياء في كلية لندن الجامعية. في الخمسينيات من القرن الماضي، بدأ في استكشاف إمكانية استخدام الصواريخ لدراسة الغلاف الجوي العلوي للأرض. كان هذا في وقت مبكر من عصر الفضاء، وكانت الأدوات والتقنيات اللازمة لإجراء هذه الأبحاث لا تزال قيد التطوير. تغلب بويد على العديد من التحديات الهندسية والتنظيمية ليقنع الحكومة والجهات المانحة بدعم رؤيته.
تأسيس مختبر أبحاث علوم الفضاء
في عام 1961، أسس روبرت بويد مختبر أبحاث علوم الفضاء في كلية لندن الجامعية. كان هذا المختبر هو الأول من نوعه في المملكة المتحدة، وسرعان ما أصبح مركزًا رائدًا لأبحاث الفضاء. تحت قيادة بويد، قام المختبر بتطوير مجموعة واسعة من الأدوات العلمية المستخدمة في الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية، بما في ذلك أجهزة قياس الطيف وأجهزة قياس الجسيمات.
لعب المختبر دورًا رئيسيًا في العديد من المهام الفضائية الهامة، بما في ذلك:
- Ariel 1: أول قمر صناعي بريطاني، أطلق عام 1962. حمل القمر الصناعي أدوات طورها مختبر بويد لدراسة الأيونوسفير.
- Skylark: سلسلة من الصواريخ الصوتية التي أطلقت من أستراليا. استخدمت هذه الصواريخ لدراسة الأشعة السينية المنبعثة من الشمس والنجوم.
- Copernicus: قمر صناعي لدراسة الأشعة السينية أطلق عام 1972. ساهم مختبر بويد بأجهزة دقيقة سمحت بتحليل مفصل للإشعاع الكوني.
إسهاماته العلمية
قدم روبرت بويد مساهمات كبيرة في فهمنا للغلاف الجوي العلوي للأرض والفضاء القريب. تشمل بعض أبرز إنجازاته العلمية:
- قياس درجة حرارة الإلكترونات في الأيونوسفير: طور بويد تقنية جديدة لقياس درجة حرارة الإلكترونات في الأيونوسفير باستخدام مسبار لانجمير. ساعدت هذه التقنية العلماء على فهم العمليات الفيزيائية التي تحدث في هذه المنطقة من الغلاف الجوي.
- اكتشاف الأشعة السينية المنبعثة من الشمس: كان بويد وفريقه من بين أوائل العلماء الذين اكتشفوا الأشعة السينية المنبعثة من الشمس. ساعد هذا الاكتشاف العلماء على فهم طبيعة النشاط الشمسي وتأثيره على الأرض.
- دراسة الجسيمات المشحونة في الفضاء: استخدم بويد وفريقه الأدوات التي طوروها لدراسة الجسيمات المشحونة في الفضاء، مثل بروتونات وإلكترونات الرياح الشمسية. ساعدت هذه الدراسات العلماء على فهم تفاعل الرياح الشمسية مع الغلاف المغناطيسي للأرض.
التقدير والجوائز
حصل روبرت بويد على العديد من الجوائز والأوسمة تقديرًا لمساهماته في علوم الفضاء، بما في ذلك:
- انتخب زميلًا في الجمعية الملكية عام 1969.
- حصل على وسام هيوز من الجمعية الملكية عام 1982.
- حصل على لقب فارس عام 1983.
- سمي كويكب (5896) بويد تكريماً له.
إرثه
يعتبر روبرت بويد شخصية رائدة في تاريخ علوم الفضاء البريطانية. لقد لعب دورًا حاسمًا في تأسيس هذا المجال في المملكة المتحدة، وقدم مساهمات كبيرة في فهمنا للفضاء القريب. ألهم عمله أجيالًا من العلماء والمهندسين، ويستمر إرثه في التأثير على أبحاث الفضاء حتى اليوم.
بالإضافة إلى مساهماته العلمية، كان بويد أيضًا معلمًا وقائدًا ملهمًا. قام بتدريب والإشراف على عدد كبير من الطلاب والباحثين الذين أصبحوا قادة في مجال علوم الفضاء. كان يتمتع بقدرة فريدة على تحديد المواهب ورعايتها، وخلق بيئة داعمة ومحفزة حيث يمكن للناس أن يزدهروا.
إن التزام بويد بالتميز والابتكار جعله نموذجًا يحتذى به للعلماء والمهندسين في جميع أنحاء العالم. سيظل إرثه مصدر إلهام للأجيال القادمة من مستكشفي الفضاء.
خاتمة
كان السير روبرت بويد رائدًا حقيقيًا في علوم الفضاء البريطانية. من خلال رؤيته وقيادته وتفانيه، ساهم بشكل كبير في فهمنا للغلاف الجوي العلوي للأرض والفضاء القريب. أسس مختبرًا رائدًا لأبحاث الفضاء في كلية لندن الجامعية وقاد تطوير الأدوات العلمية المستخدمة في العديد من المهام الفضائية الهامة. سيظل إرثه مصدر إلهام للأجيال القادمة من العلماء والمهندسين.