<![CDATA[
خلفية تاريخية
تعود جذور المسألة الرومانية إلى فترة طويلة قبل توحيد إيطاليا. لعدة قرون، حكم الباباوات الولايات البابوية، وهي منطقة واسعة في وسط إيطاليا. تمتعت هذه الولايات باستقلال سياسي واقتصادي، وكان البابا يتمتع بسلطة مطلقة عليها. ومع ذلك، بدأت هذه السلطة تتضاءل تدريجيًا مع صعود القومية الإيطالية في القرن التاسع عشر.
في عام 1848، اندلعت الثورات في جميع أنحاء أوروبا، بما في ذلك الولايات البابوية. أُجبر البابا بيوس التاسع على الفرار من روما، وأعلنت الجمهورية الرومانية. ومع ذلك، سرعان ما تم قمع الجمهورية الرومانية من قبل القوات الفرنسية، وأعيد البابا إلى السلطة.
على الرغم من استعادة السلطة البابوية، إلا أن القومية الإيطالية استمرت في النمو. بحلول عام 1859، كانت معظم إيطاليا موحدة تحت حكم مملكة سردينيا. كان رئيس وزراء سردينيا، الكونت كاميلو بنسو دي كافور، مصممًا على توحيد بقية إيطاليا، بما في ذلك الولايات البابوية.
التوحيد الإيطالي والاستيلاء على روما
في عام 1860، غزت قوات سردينيا الولايات البابوية، باستثناء منطقة لاتسيو المحيطة بروما. أعلن كافور أن روما هي العاصمة الطبيعية لإيطاليا، لكنه أدرك أن الاستيلاء على المدينة بالقوة سيؤدي إلى صراع مع فرنسا، التي كانت تحمي البابا.
بعد وفاة كافور في عام 1861، تبنى خلفاؤه سياسة أكثر حذرًا تجاه الولايات البابوية. ومع ذلك، في عام 1870، اندلعت الحرب الفرنسية البروسية، مما أضعف فرنسا وترك البابا دون حماية. انتهزت إيطاليا هذه الفرصة للاستيلاء على روما.
في 20 سبتمبر 1870، دخلت القوات الإيطالية روما واستولت عليها. أعلن البابا بيوس التاسع نفسه سجينًا في الفاتيكان ورفض الاعتراف بالحكومة الإيطالية الجديدة.
قانون الضمانات
في عام 1871، أصدرت الحكومة الإيطالية قانون الضمانات، الذي يهدف إلى تنظيم العلاقة بين الدولة والكنيسة. منح القانون البابا بعض الضمانات، بما في ذلك:
- حصانة شخص البابا
- الحق في إرسال واستقبال السفراء
- الحق في الحفاظ على قوة عسكرية صغيرة
- دفع تعويض سنوي للبابا
ومع ذلك، رفض البابا بيوس التاسع قانون الضمانات، وأصر على أنه لن يعترف بالحكومة الإيطالية حتى يتم استعادة السلطة الزمنية للبابا. استمرت المسألة الرومانية في كونها قضية خلافية بين الكنيسة والدولة في إيطاليا لعقود.
معاهدة لاتران
تم حل المسألة الرومانية أخيرًا في عام 1929 من خلال معاهدة لاتران، التي وقعها بينيتو موسوليني، رئيس الوزراء الإيطالي، والكاردينال بيترو غاسباري، وزير خارجية الفاتيكان. أنشأت المعاهدة دولة الفاتيكان المستقلة، ومنحت البابا سلطة كاملة على هذه الدولة.
بالإضافة إلى ذلك، دفعت الحكومة الإيطالية تعويضًا للبابا عن فقدان الولايات البابوية. اعترف البابا بيوس الحادي عشر بالحكومة الإيطالية واعترفت إيطاليا بالبابا حاكمًا لدولة الفاتيكان.
أهمية المسألة الرومانية
كانت المسألة الرومانية قضية مهمة في التاريخ الإيطالي والأوروبي. لقد أثرت على العلاقة بين الكنيسة والدولة، وعلى التطور السياسي لإيطاليا. كما لعبت دورًا في العلاقات الدولية، حيث تدخلت القوى الأوروبية في الشؤون الإيطالية بسبب المسألة الرومانية.
كان حل المسألة الرومانية في عام 1929 بمثابة علامة فارقة في التاريخ الإيطالي. أنهى الصراع بين الكنيسة والدولة، وساعد على استقرار السياسة الإيطالية. كما أدى إلى تحسين العلاقات بين إيطاليا والفاتيكان، مما عزز مكانة إيطاليا في العالم الكاثوليكي.
تأثير المسألة الرومانية على العلاقات بين الكنيسة والدولة
تركت المسألة الرومانية إرثًا دائمًا على العلاقات بين الكنيسة والدولة في إيطاليا. على الرغم من أن معاهدة لاتران حلت المسألة الرومانية رسميًا، إلا أن التوترات بين الكنيسة والدولة استمرت في الظهور من وقت لآخر. ومع ذلك، فقد وضعت أيضًا الأساس لعلاقة أكثر استقرارًا بين الطرفين.
اليوم، تحترم إيطاليا استقلال دولة الفاتيكان، وتتعاون مع الكنيسة الكاثوليكية في مجموعة متنوعة من القضايا. ومع ذلك، لا تزال هناك خلافات بين الكنيسة والدولة بشأن بعض القضايا، مثل الإجهاض والتعليم الديني.
المسألة الرومانية في الثقافة الشعبية
ظهرت المسألة الرومانية في العديد من الأعمال الأدبية والفنية. على سبيل المثال، كتب الروائي الإيطالي ألبرتو مورافيا رواية بعنوان “Il conformista” (الممتثل)، والتي تدور أحداثها في فترة المسألة الرومانية. كما تم تصوير المسألة الرومانية في العديد من الأفلام الوثائقية والروائية.
خاتمة
المسألة الرومانية كانت نزاعًا معقدًا وطويل الأمد بين الدولة الإيطالية والكنيسة الكاثوليكية حول السلطة الزمنية للبابا. بدأت مع توحيد إيطاليا واستمرت حتى معاهدة لاتران في عام 1929. كان لها تأثير كبير على التاريخ الإيطالي والعلاقات بين الكنيسة والدولة، ولا تزال تثير اهتمام المؤرخين والباحثين حتى اليوم.