تكوين المرتفعات الجليدية
تتكون المرتفعات الجليدية نتيجة لتفاعل معقد بين الجليد والركيزة الصخرية أو الأرضية تحت الجليد. يمكن أن تتشكل بعدة طرق، ولكن الآلية الأكثر شيوعًا هي عندما يتدفق الرف الجليدي فوق منطقة مرتفعة في قاع البحر أو على اليابسة. هذه المنطقة المرتفعة تعيق تدفق الجليد، مما يتسبب في تراكمه وتراكم الثلوج فوقه على مدى فترات طويلة. بمرور الوقت، يزداد سمك الجليد في هذه المنطقة بشكل كبير، مما يؤدي إلى ظهور المرتفع الجليدي.
عامل آخر يمكن أن يساهم في تكوين المرتفعات الجليدية هو الضغط التفاضلي داخل الرف الجليدي. يمكن أن تؤدي الاختلافات في سمك الجليد أو درجة حرارته أو ملوحته إلى اختلافات في الكثافة، مما يؤدي بدوره إلى اختلافات في الضغط. يمكن أن تتسبب هذه الاختلافات في الضغط في تدفق الجليد نحو مناطق معينة، مما يؤدي إلى تراكمه وتكوين المرتفعات الجليدية.
خصائص المرتفعات الجليدية
تتميز المرتفعات الجليدية بعدة خصائص مميزة تجعلها مختلفة عن الأجزاء الأخرى من الرف الجليدي. أولاً وقبل كل شيء، هي أكثر سمكًا بكثير من الجليد المحيط بها. يمكن أن يتراوح سمك الجليد في المرتفع الجليدي من عدة مئات من الأمتار إلى أكثر من ألف متر في بعض الحالات. ثانيًا، غالبًا ما تكون المرتفعات الجليدية أكثر برودة من الجليد المحيط بها. وذلك لأنها تتعرض لدرجات حرارة الهواء الباردة لفترة أطول، ولأنها تتراكم عليها كميات كبيرة من الثلوج التي تعكس أشعة الشمس.
ثالثًا، تتميز المرتفعات الجليدية بأنها أكثر استقرارًا من الجليد المحيط بها. وذلك لأنها مثبتة في مكانها بواسطة الركيزة الصخرية أو الأرضية تحت الجليد. هذا الاستقرار يجعلها أقل عرضة للتشقق أو الانهيار من الأجزاء الأخرى من الرف الجليدي. رابعًا، غالبًا ما تكون المرتفعات الجليدية مغطاة بالشقوق. هذه الشقوق هي نتيجة للضغط الذي يتعرض له الجليد أثناء تدفقه حول المرتفع.
أهمية المرتفعات الجليدية
تلعب المرتفعات الجليدية دورًا مهمًا في ديناميكية الرف الجليدي. فهي تعمل كـ“نقاط تثبيت” للرف الجليدي، مما يساعد على منع تدفقه السريع إلى المحيط. من خلال إعاقة تدفق الجليد، تساعد المرتفعات الجليدية على إبطاء معدل فقدان الجليد من القارة القطبية الجنوبية، مما يساهم في الحفاظ على استقرار الغطاء الجليدي القطبي الجنوبي. كما أنها تؤثر على أنماط تدفق الجليد في الرف الجليدي. يمكن للمرتفعات الجليدية توجيه تدفق الجليد حولها، مما يؤدي إلى تكوين أنهار جليدية وبحار جليدية.
بالإضافة إلى دورها في ديناميكية الرف الجليدي، تعتبر المرتفعات الجليدية أيضًا مهمة للبحث العلمي. توفر المرتفعات الجليدية نظرة ثاقبة على تاريخ الرف الجليدي. يمكن للعلماء دراسة طبقات الجليد في المرتفعات الجليدية لتحديد كيفية تغير سمك الجليد ودرجة حرارته وملوحته بمرور الوقت. يمكن أن تساعد هذه المعلومات العلماء على فهم كيفية استجابة الرف الجليدي لتغير المناخ.
كما أن المرتفعات الجليدية توفر موطنًا فريدًا للحياة. غالبًا ما تكون المرتفعات الجليدية مغطاة بالثلوج والطحالب والبكتيريا. يمكن لهذه الكائنات الحية أن تعيش في البيئات القاسية الموجودة على المرتفعات الجليدية. دراسة هذه الكائنات الحية يمكن أن تساعد العلماء على فهم كيفية تطور الحياة في البيئات القاسية.
أمثلة على مرتفعات جليدية
توجد العديد من المرتفعات الجليدية البارزة في جميع أنحاء القارة القطبية الجنوبية. من بين الأمثلة المعروفة:
- جزيرة بيركنر (Berkner Island): هي أكبر جزيرة جليدية في القارة القطبية الجنوبية، وتقع في غرب القارة. تعتبر نقطة تثبيت رئيسية لرف رون الجليدي.
- مرتفع همفريز (Humphreys Ice Rise): يقع في غرب القارة القطبية الجنوبية وهو مرتفع جليدي كبير يؤثر على تدفق الجليد في المنطقة المحيطة به.
- جزيرة ماكي (Mackay Ice Rise): تقع قبالة ساحل فيكتوريا لاند في القارة القطبية الجنوبية الشرقية.
- مرتفع سيسكو (Sisco Ice Rise): يقع في بحر ويديل ويؤثر على تدفق الجليد في الرف الجليدي الفيلشنر-رون.
التحديات والتهديدات
تواجه المرتفعات الجليدية العديد من التحديات والتهديدات، وعلى رأسها تغير المناخ. يؤدي ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى ذوبان الجليد في القارة القطبية الجنوبية، مما يؤدي بدوره إلى إضعاف المرتفعات الجليدية. يمكن أن يؤدي ذوبان الجليد إلى تقليل سمك الجليد في المرتفعات الجليدية، مما يجعلها أقل استقرارًا وأكثر عرضة للتشقق أو الانهيار. كما أن ارتفاع مستوى سطح البحر يمكن أن يهدد المرتفعات الجليدية. يمكن أن يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى غمر المرتفعات الجليدية، مما قد يؤدي إلى فقدانها.
بالإضافة إلى تغير المناخ، تواجه المرتفعات الجليدية أيضًا تهديدات من الأنشطة البشرية. يمكن أن يؤدي الصيد الجائر للأسماك والكريل إلى تعطيل السلسلة الغذائية في القارة القطبية الجنوبية، مما قد يؤثر على صحة المرتفعات الجليدية. يمكن أن يؤدي التلوث أيضًا إلى الإضرار بالمرتفعات الجليدية. يمكن للملوثات أن تتراكم في الجليد، مما قد يؤدي إلى تدهور جودته.
الحفاظ على المرتفعات الجليدية
يعد الحفاظ على المرتفعات الجليدية أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على استقرار الغطاء الجليدي القطبي الجنوبي والمساهمة في الحد من ارتفاع مستوى سطح البحر. هناك عدة طرق يمكن من خلالها الحفاظ على المرتفعات الجليدية:
- الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري: هذا هو الإجراء الأكثر أهمية الذي يمكن اتخاذه للحفاظ على المرتفعات الجليدية. عن طريق الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، يمكننا إبطاء معدل ارتفاع درجة حرارة الأرض وتقليل معدل ذوبان الجليد في القارة القطبية الجنوبية.
- حماية البيئة القطبية الجنوبية: يجب علينا حماية البيئة القطبية الجنوبية من الأنشطة البشرية الضارة. يمكننا القيام بذلك عن طريق تنظيم الصيد ومنع التلوث.
- إجراء المزيد من البحوث: نحن بحاجة إلى إجراء المزيد من البحوث حول المرتفعات الجليدية لفهم كيفية عملها وكيفية استجابتها لتغير المناخ. يمكن أن تساعدنا هذه المعلومات في تطوير استراتيجيات أفضل للحفاظ عليها.
خاتمة
المرتفعات الجليدية هي تضاريس جليدية فريدة ومهمة توجد في الأرفف الجليدية في القارة القطبية الجنوبية. تتشكل نتيجة لتفاعل معقد بين الجليد والركيزة الصخرية أو الأرضية تحت الجليد، وتلعب دورًا حيويًا في استقرار الأرفف الجليدية وتنظيم تدفق الجليد. تواجه هذه المرتفعات تهديدات متزايدة بسبب تغير المناخ والأنشطة البشرية، مما يجعل الحفاظ عليها ضروريًا للحفاظ على البيئة القطبية الجنوبية وتقليل تأثير ارتفاع مستوى سطح البحر. من خلال الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وحماية البيئة القطبية الجنوبية، يمكننا المساهمة في الحفاظ على هذه المعالم الجليدية الهامة للأجيال القادمة.