نشأته وتعليمه
ولد فيليب توماس بايرد كلايتون في 12 ديسمبر 1885 في توومبا، كوينزلاند، أستراليا، حيث كان والده، القس ريجينالد إيستير كلايتون، يعمل قساً. عادت العائلة إلى إنجلترا عندما كان فيليب صغيراً، وتلقى تعليمه في كلية ريبتون وكلية بيمبروك، كامبريدج. تخرج كلايتون من كامبريدج عام 1909 بدرجة في اللاهوت، ورُسم كاهناً أنجليكانياً في عام 1910.
الحرب العالمية الأولى و”منزل كل الأمم”
مع اندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914، تطوع كلايتون للخدمة كقسيس في الجيش البريطاني. أُرسل إلى فرنسا، حيث شهد عن كثب معاناة الجنود في الخنادق. أدرك كلايتون الحاجة الملحة إلى مكان يمكن للجنود فيه العثور على الراحة والتواصل الاجتماعي والدعم الروحي بعيداً عن ويلات الحرب.
في عام 1915، وبدعم من الكنيسة الأنجليكانية وعدد من المتبرعين، أسس كلايتون “منزل كل الأمم” في بوبيرينغ، بلجيكا، بالقرب من خط المواجهة. كان المنزل عبارة عن مبنى متواضع ولكنه سرعان ما أصبح ملاذاً للجنود من جميع الرتب. وفر “منزل كل الأمم” مكاناً للراحة والاسترخاء وتناول الطعام وقراءة الكتب ولعب الألعاب والاستماع إلى الموسيقى. والأهم من ذلك، وفر مكاناً للصلاة والتأمل والتحدث مع قسيس متفهم.
اكتسب كلايتون بسرعة شعبية كبيرة بين الجنود، الذين أطلقوا عليه لقب “توبي”. كان معروفاً بشخصيته الودودة والمنفتحة وقدرته على التواصل مع الناس من جميع الخلفيات. كان كلايتون دائماً على استعداد للاستماع إلى مشاكل الجنود وتقديم الدعم الروحي والمعنوي لهم.
لم يكن “منزل كل الأمم” مجرد مكان للراحة والاسترخاء، بل كان أيضاً مركزاً للنشاط الاجتماعي والثقافي. استضاف كلايتون مجموعة متنوعة من الفعاليات، بما في ذلك الحفلات الموسيقية والعروض المسرحية والمحاضرات والمناقشات. كان الهدف من هذه الفعاليات هو توفير الترفيه والتثقيف للجنود ورفع معنوياتهم.
استمر “منزل كل الأمم” في العمل طوال فترة الحرب، وأصبح رمزاً للأمل والراحة للجنود البريطانيين. بعد الحرب، تم نقل “منزل كل الأمم” إلى لندن، حيث استمر في خدمة المجتمع المحلي.
خدمته بعد الحرب
بعد الحرب العالمية الأولى، كرس كلايتون حياته لخدمة المجتمع والكنيسة. شغل عدداً من المناصب الهامة، بما في ذلك:
- فيكار كنيسة سانت ماري، سافوي (1922-1962): خلال فترة وجوده في سافوي، عمل كلايتون على ترميم الكنيسة وجعلها مركزاً للحياة المجتمعية.
- قس فخري للملك (1933): هذا التعيين كان اعترافاً بخدمته المتميزة للكنيسة والأمة.
- محاضر في اللاهوت الرعوي (1937): شارك كلايتون خبرته ومعرفته مع الأجيال القادمة من رجال الدين.
- مدير منزل كل الأمم، لندن (1922-1962): استمر كلايتون في الإشراف على عمل “منزل كل الأمم” في لندن، وتوسيعه ليشمل مجموعة متنوعة من الخدمات الاجتماعية والدينية.
كان كلايتون كاتباً غزير الإنتاج، ونشر عدداً من الكتب والمقالات حول مواضيع دينية واجتماعية. كما كان متحدثاً بارعاً، وكان مطلوباً للغاية لإلقاء الخطب والمحاضرات في جميع أنحاء البلاد.
إرثه
توفي توبي كلايتون في 16 ديسمبر 1972 عن عمر يناهز 87 عاماً. يُذكر كلايتون باعتباره رجل دين مخلصاً ومتفانياً، وقائداً اجتماعياً مؤثراً، وصديقاً للجنود. يظل “منزل كل الأمم” الذي أسسه إرثاً دائماً لخدمته وتفانيه.
تأثير كلايتون يتجاوز دوره في الحرب العالمية الأولى. لقد كان رائداً في العمل الاجتماعي الديني، ومثالاً يحتذى به في خدمة المجتمع. لقد ألهم أجيالاً من الناس لتكريس حياتهم لمساعدة الآخرين ونشر رسالة المحبة والسلام.
يمكن تلخيص إرث توبي كلايتون في النقاط التالية:
- مؤسس “منزل كل الأمم”: الذي قدم الدعم الروحي والاجتماعي لآلاف الجنود خلال الحرب العالمية الأولى وبعدها.
- رجل دين مؤثر: خدم الكنيسة الأنجليكانية بتفان وإخلاص، وكان له تأثير كبير على حياة العديد من الناس.
- قائد اجتماعي: عمل على تحسين حياة المجتمع، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمساواة.
- صديق للجنود: كان صديقاً مخلصاً وداعماً للجنود، وقدم لهم الراحة والدعم في أوقات الحاجة.
تكريمه
تم تكريم توبي كلايتون بعدة طرق تقديراً لخدمته وتفانيه، بما في ذلك:
- وسام الإمبراطورية البريطانية (OBE): مُنح كلايتون هذا الوسام في عام 1918 تقديراً لخدمته في الحرب العالمية الأولى.
- الصليب العسكري (MC): مُنح كلايتون هذا الصليب في عام 1917 لشجاعته وتفانيه في الخدمة.
- تمثال نصفي في كنيسة سانت ماري، سافوي: تمثال نصفي لكلايتون معروض في كنيسة سانت ماري، سافوي، تخليداً لذكراه.
تظل قصة توبي كلايتون مصدر إلهام للعديد من الناس حول العالم. إنه مثال على كيف يمكن لشخص واحد أن يحدث فرقاً كبيراً في حياة الآخرين من خلال التفاني والخدمة والمحبة.
خاتمة
كان توبي كلايتون شخصية بارزة في تاريخ الكنيسة الأنجليكانية والمجتمع البريطاني. من خلال تأسيس “منزل كل الأمم”، قدم ملاذاً للجنود خلال الحرب العالمية الأولى، واستمر في خدمة المجتمع طوال حياته. يُذكر كلايتون بشخصيته الكاريزمية، والتزامه بالخدمة، وقدرته على التواصل مع الناس من جميع الخلفيات. إرثه يستمر في إلهام الأجيال القادمة لخدمة الآخرين وتعزيز السلام والمحبة.