التأسيس والأيديولوجيا
تأسست المنظمة الشيوعية البريطانية والإيرلندية في عام 1966 نتيجة لانشقاق داخل الحزب الشيوعي الأيرلندي. انتقد المؤسسون ما اعتبروه موقفًا متساهلاً من الحزب تجاه القومية الأيرلندية، ورأوا أن القضية الأساسية هي الصراع الطبقي وليس الصراع القومي. تبنت المنظمة أيديولوجية ماركسية لينينية، لكنها طورت تفسيرًا فريدًا للتاريخ الأيرلندي والسياسة الأيرلندية الشمالية.
كانت إحدى السمات المميزة للمنظمة هي تركيزها على ما أسمته “المسألة اليهودية” في السياسة الأيرلندية. زعمت المنظمة أن القوميين الأيرلنديين كانوا يستخدمون معاداة السامية كأداة لتعبئة الدعم، وأن هذا كان له تأثير سلبي على الحركة العمالية. أثارت هذه الآراء جدلاً واسعاً وانتقادات حادة.
ركزت المنظمة أيضًا على تحليل الاقتصاد السياسي الأيرلندي والأيرلندي الشمالي، ونشرت العديد من الدراسات حول هذا الموضوع. جادلت المنظمة بأن الاقتصاد الأيرلندي كان يعتمد بشكل كبير على بريطانيا، وأن هذا كان يمثل عقبة أمام التنمية الاقتصادية المستقلة. كما انتقدت المنظمة سياسات كل من حكومتي بريطانيا وأيرلندا تجاه أيرلندا الشمالية، ورأت أنها تهدف إلى الحفاظ على الوضع الراهن بدلاً من معالجة الأسباب الجذرية للصراع.
الأنشطة السياسية
على الرغم من صغر حجمها، شاركت المنظمة الشيوعية البريطانية والإيرلندية في مجموعة متنوعة من الأنشطة السياسية. نشرت المنظمة صحيفة أسبوعية تسمى “The Irish Communist”، والتي تناولت مجموعة واسعة من القضايا السياسية والاقتصادية. كما نظمت المنظمة اجتماعات ومظاهرات، وشاركت في الانتخابات. لم تحقق المنظمة نجاحًا كبيرًا في الانتخابات، لكنها تمكنت من الحصول على بعض الدعم المحلي في بعض المناطق.
لعبت المنظمة دورًا بارزًا في الحركة المناهضة للطائفية في أيرلندا الشمالية. جادلت المنظمة بأن الطائفية كانت أداة تستخدمها الطبقة الحاكمة لتقسيم العمال ومنعهم من التوحد ضد الاستغلال. عملت المنظمة على تعزيز الوحدة بين العمال الكاثوليك والبروتستانت، ودعت إلى حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تغذي الطائفية.
كانت المنظمة أيضًا نشطة في الحركة المناهضة للإمبريالية. دعمت المنظمة حركات التحرر الوطني في جميع أنحاء العالم، وانتقدت السياسة الخارجية البريطانية والأمريكية. شاركت المنظمة في المظاهرات ضد حرب فيتنام، ودعمت النضال الفلسطيني.
الخلافات والانتقادات
واجهت المنظمة الشيوعية البريطانية والإيرلندية العديد من الخلافات والانتقادات خلال فترة وجودها. اتهمت المنظمة بمعاداة السامية بسبب مواقفها بشأن “المسألة اليهودية”. كما اتهمت المنظمة بالطائفية بسبب انتقاداتها للقومية الأيرلندية. دافعت المنظمة عن مواقفها، وجادلت بأنها كانت تحاول ببساطة تحليل الواقع السياسي بموضوعية.
تعرضت المنظمة أيضًا لانتقادات بسبب أساليبها التنظيمية. اتهمت المنظمة بالمركزية المفرطة والسلطوية. دافع قادة المنظمة عن أساليبهم، وجادلوا بأنها كانت ضرورية للحفاظ على الوحدة والانضباط في منظمة صغيرة تواجه معارضة قوية.
بالإضافة إلى ذلك، انتقدت بعض الجماعات اليسارية الأخرى المنظمة الشيوعية البريطانية والإيرلندية بسبب ما اعتبروه مواقفها غير الواقعية والمنعزلة عن الواقع. جادل هؤلاء النقاد بأن المنظمة كانت تركز بشكل كبير على القضايا النظرية، وتتجاهل النضالات اليومية للعمال.
الانحلال والإرث
انحلت المنظمة الشيوعية البريطانية والإيرلندية في عام 1989. يعزى سبب الانحلال إلى عدة عوامل، بما في ذلك تراجع الدعم للمنظمة، والخلافات الداخلية، وتغير الظروف السياسية. على الرغم من صغر حجمها وقصر فترة وجودها، تركت المنظمة بصمة واضحة على المشهد السياسي الأيرلندي والبريطاني.
تُذكر المنظمة الشيوعية البريطانية والإيرلندية بشكل خاص بسبب تحليلاتها للسياسة الأيرلندية الشمالية والصراع الدائر فيها. قدمت المنظمة تفسيراً فريداً للصراع، وركزت على دور العوامل الاقتصادية والاجتماعية في تأجيج الطائفية. لا تزال أفكار المنظمة ذات صلة اليوم، وتستخدم لفهم التحديات التي تواجه أيرلندا الشمالية.
كما تُذكر المنظمة بسبب التزامها بالنضال ضد الطائفية والإمبريالية. عملت المنظمة على تعزيز الوحدة بين العمال الكاثوليك والبروتستانت، ودعمت حركات التحرر الوطني في جميع أنحاء العالم. لا تزال هذه القيم مهمة اليوم، وتلهم الناشطين في جميع أنحاء العالم.
مطبوعات بارزة
- “The Irish Communist” (الجريدة الرسمية للمنظمة)
- “Economics and Politics of the Irish Bourgeoisie”
- “The Northern Ireland Crisis: Colonialism or Civil Rights?”
الشخصيات الرئيسية
- ديفيد موريسون (David Morrison): القائد الرئيسي للمنظمة.
- بريندان كليفورد (Brendan Clifford): أحد أبرز منظري المنظمة.
خاتمة
كانت المنظمة الشيوعية البريطانية والإيرلندية (B&ICO) منظمة صغيرة لكنها مؤثرة لعبت دوراً مهماً في المشهد السياسي الأيرلندي والبريطاني. على الرغم من الخلافات والانتقادات التي واجهتها، قدمت المنظمة تحليلات فريدة للسياسة الأيرلندية الشمالية والصراع الدائر فيها. يُذكر التزام المنظمة بالنضال ضد الطائفية والإمبريالية حتى اليوم، وتلهم الناشطين في جميع أنحاء العالم.