أصول مملكة سنهالا
تعود أصول مملكة سنهالا إلى وصول الأمير فيجايا، وهو شخصية أسطورية يُعتقد أنها وصلت من شمال الهند في القرن السادس قبل الميلاد. وفقًا للأسطورة، أسس فيجايا مملكة تامبباني، التي تعتبر نقطة البداية للحضارة السنهالية. على الرغم من أن التفاصيل التاريخية الدقيقة لهذه الفترة لا تزال قيد البحث والنقاش، إلا أن وصول فيجايا يمثل بداية حقبة جديدة في تاريخ سريلانكا.
تميزت الفترة المبكرة للمملكة بتطور اللغة السنهالية، وانتشار البوذية، وتأسيس نظام حكم مركزي. لعبت البوذية دورًا حاسمًا في تشكيل الهوية الثقافية للمملكة، وأصبحت الدين الرئيسي للسكان. قام الملوك السنهاليون ببناء المعابد والأديرة، ودعموا المؤسسات الدينية، مما ساهم في ازدهار الفن والعمارة البوذية.
مملكة أنورادهابورا (Anuradhapura Kingdom)
تعتبر مملكة أنورادهابورا أول مملكة سنهالية رئيسية، وقد استمرت من القرن الرابع قبل الميلاد حتى القرن الحادي عشر الميلادي. اتخذت المملكة من مدينة أنورادهابورا عاصمة لها، والتي أصبحت مركزًا سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا هامًا. خلال فترة حكمها، شهدت المملكة تطورًا كبيرًا في مجالات الزراعة والري والتجارة.
قام الملوك الأنورادهابوريون ببناء شبكات واسعة من الخزانات والقنوات المائية، مما ساهم في زيادة الإنتاج الزراعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي. كما ازدهرت التجارة مع الدول المجاورة، مما أدى إلى تدفق الثروة والأفكار إلى المملكة. أصبحت أنورادهابورا مركزًا للتعلم البوذي، حيث توافد إليها الرهبان والعلماء من جميع أنحاء العالم البوذي.
واجهت مملكة أنورادهابورا العديد من التحديات الخارجية، بما في ذلك الغزوات من جنوب الهند. ومع ذلك، تمكن الملوك السنهاليون من الحفاظ على استقلال المملكة لفترة طويلة، وذلك بفضل قوتهم العسكرية ومهاراتهم الدبلوماسية.
مملكة بولوناروا (Polonnaruwa Kingdom)
في القرن الحادي عشر الميلادي، تعرضت مملكة أنورادهابورا لغزو من قبل مملكة تشولا من جنوب الهند، مما أدى إلى سقوطها. بعد فترة من الاحتلال، تمكن الملك فيجايا باهو الأول من طرد التشوليين وتأسيس مملكة جديدة في بولوناروا. استمرت مملكة بولوناروا من القرن الحادي عشر حتى القرن الثالث عشر الميلادي.
تميزت مملكة بولوناروا بازدهار الفن والعمارة، حيث قام الملوك ببناء العديد من المعابد والقصور الرائعة. يعتبر مجمع جال فيهارا، الذي يضم تماثيل بوذا المنحوتة في الصخر، أحد أبرز الأمثلة على الفن السنهالي في هذه الفترة. كما شهدت المملكة تطورًا في مجال الري، حيث تم بناء العديد من الخزانات والقنوات المائية الجديدة.
واجهت مملكة بولوناروا أيضًا تحديات خارجية، بما في ذلك الغزوات من جنوب الهند والصراعات الداخلية على السلطة. في نهاية المطاف، أدت هذه العوامل إلى سقوط المملكة وتفككها.
ممالك أخرى
بعد سقوط مملكة بولوناروا، ظهرت عدة ممالك سنهالية أخرى، بما في ذلك مملكة دامبادينيا ومملكة كورونيغالا ومملكة جامبولا ومملكة كوتي ومملكة كاندي. لعبت هذه الممالك دورًا هامًا في الحفاظ على الثقافة والهوية السنهالية، ومقاومة القوى الاستعمارية الأوروبية.
مملكة كاندي (Kandy Kingdom): تعتبر مملكة كاندي آخر مملكة سنهالية مستقلة، وقد استمرت من القرن الخامس عشر حتى عام 1815، عندما احتلتها بريطانيا. حافظت مملكة كاندي على استقلالها لفترة طويلة بفضل موقعها الجبلي الوعر وقوة جيشها. كما لعبت دورًا هامًا في الحفاظ على البوذية والثقافة السنهالية.
الإرث الثقافي
تركت الممالك السنهالية إرثًا ثقافيًا غنيًا ومتنوعًا، يشمل الفن والعمارة والأدب واللغة والدين. تعتبر المعابد والأديرة البوذية، مثل معبد الأسنان في كاندي، من أهم المعالم الثقافية في سريلانكا. كما أن الأدب السنهالي، الذي يشمل الشعر والنثر والتاريخ، يعتبر جزءًا هامًا من التراث الثقافي للبلاد.
تعتبر اللغة السنهالية، وهي لغة هندوأوروبية، اللغة الرسمية لسريلانكا. لعبت اللغة دورًا هامًا في الحفاظ على الهوية الثقافية للشعب السنهالي. كما أن البوذية، التي تعتبر الدين الرئيسي في سريلانكا، لعبت دورًا حاسمًا في تشكيل القيم والمعتقدات الاجتماعية.
خاتمة
كانت الممالك السنهالية قوة مهيمنة في تاريخ سريلانكا لعدة قرون. لعبت هذه الممالك دورًا حاسمًا في تشكيل الهوية الثقافية والسياسية للجزيرة. على الرغم من التحديات التي واجهتها، تمكنت الممالك السنهالية من الحفاظ على استقلالها وثقافتها لفترة طويلة. إن إرث الممالك السنهالية لا يزال حيًا حتى اليوم، ويتجلى في الفن والعمارة والأدب واللغة والدين في سريلانكا.