تاريخ المتحف
تأسس المتحف الوطني بدمشق في عام 1919، في عهد الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان، وتم افتتاحه في البداية في مبنى صغير متواضع. ومع تزايد أهمية المقتنيات وتنوعها، تم نقل المتحف إلى موقعه الحالي في عام 1936، في مبنى أكبر وأكثر اتساعًا. صمم المبنى المهندس الفرنسي ميشيل إيكوشارد، وهو يمثل مزيجًا فريدًا من العمارة الشرقية والغربية. تعرض المتحف لبعض الأضرار خلال الأزمة السورية التي بدأت في عام 2011، ولكن تم بذل جهود كبيرة لحماية المقتنيات وترميم المبنى.
أقسام المتحف
ينقسم المتحف الوطني بدمشق إلى عدة أقسام رئيسية، كل منها يمثل فترة زمنية أو حضارة معينة:
- قسم عصور ما قبل التاريخ: يعرض هذا القسم الاكتشافات الأثرية التي تعود إلى العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث، ويشمل الأدوات الحجرية، والأواني الفخارية، وعظام الحيوانات، التي تلقي الضوء على حياة الإنسان في سوريا خلال عصور ما قبل التاريخ.
- قسم الآثار السورية القديمة: يضم هذا القسم مجموعة واسعة من الآثار التي تعود إلى الحضارات القديمة التي ازدهرت في سوريا، مثل الحضارة الأوغاريتية، والآشورية، والبابلية. تشمل المعروضات التماثيل، والمنحوتات، والألواح الكتابية، والأختام.
- قسم الحضارات الكلاسيكية: يعرض هذا القسم آثارًا من العصر اليوناني والروماني والبيزنطي، بما في ذلك التماثيل الرخامية، والفسيفساء، والأواني الزجاجية، والعملات المعدنية.
- قسم الفن الإسلامي: يضم هذا القسم مجموعة رائعة من الفن الإسلامي، بما في ذلك الخزف، والزجاج، والمعادن، والمخطوطات، والمنسوجات، والأعمال الخشبية، التي تعود إلى عصور مختلفة من التاريخ الإسلامي في سوريا.
- قسم الفن الحديث والمعاصر: يعرض هذا القسم أعمالًا فنية حديثة ومعاصرة لفنانين سوريين وعرب، ويشمل اللوحات، والمنحوتات، والرسومات، وغيرها من الأعمال الفنية.
أهم المعروضات
يحتوي المتحف الوطني بدمشق على مجموعة كبيرة من المعروضات الهامة التي تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم. من بين أبرز هذه المعروضات:
- كنوز أوغاريت: مجموعة من القطع الأثرية الثمينة التي تم اكتشافها في مدينة أوغاريت القديمة، بما في ذلك المجوهرات، والتماثيل، والألواح الكتابية.
- تمثال الملك إدريمي: تمثال من البرونز للملك إدريمي، حاكم مملكة موكيش في القرن الخامس عشر قبل الميلاد.
- فسيفساء الرقصات: فسيفساء رائعة تصور مشهدًا للرقص من العصر الروماني.
- مخطوطات دير سمعان: مجموعة من المخطوطات القديمة التي تعود إلى دير سمعان.
- واجهة قصر الحير الغربي: واجهة ضخمة من قصر الحير الغربي الأموي، وهي تحفة معمارية إسلامية.
أهمية المتحف
يمثل المتحف الوطني بدمشق كنزًا ثقافيًا وتاريخيًا ذا أهمية بالغة، فهو يلعب دورًا حيويًا في:
- الحفاظ على التراث السوري: من خلال جمع وحفظ وعرض الآثار والتراث الثقافي السوري، يساهم المتحف في الحفاظ على الهوية الوطنية والتاريخية لسوريا.
- التثقيف والتعليم: يوفر المتحف فرصة للزوار للتعرف على تاريخ سوريا وحضاراتها المتنوعة، مما يساهم في نشر الوعي الثقافي والتعليمي.
- السياحة: يجذب المتحف الزوار من جميع أنحاء العالم، مما يساهم في تنشيط السياحة في سوريا ويدعم الاقتصاد الوطني.
- البحث العلمي: يوفر المتحف للباحثين والعلماء فرصة لدراسة الآثار والتراث السوري، مما يساهم في تطوير المعرفة والبحث العلمي.
جهود الحماية والترميم
أثناء الأزمة السورية، بذلت جهود كبيرة لحماية المتحف الوطني بدمشق ومقتنياته من التخريب والنهب. تم نقل العديد من القطع الأثرية الهامة إلى أماكن آمنة، وتم اتخاذ إجراءات أمنية مشددة لحماية المبنى والمجموعات المعروضة. بعد انتهاء الأزمة، بدأت عمليات الترميم وإعادة التأهيل للمتحف، وذلك بهدف استعادة رونقه وتأهيله لاستقبال الزوار مرة أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، يتعاون المتحف مع المنظمات الدولية والجهات المانحة لتوفير الدعم المالي والفني لعمليات الترميم والحماية. كما يتم تنظيم ورش عمل وبرامج تدريبية للموظفين لتعزيز قدراتهم في مجال الحفاظ على التراث وإدارته.
دور المتحف في المستقبل
يشكل المتحف الوطني بدمشق رمزًا للثقافة والتاريخ السوري، وسيلعب دورًا مهمًا في إعادة بناء سوريا بعد الأزمة. يهدف المتحف إلى:
- إعادة إحياء الذاكرة الثقافية: من خلال عرض الآثار والتراث السوري، يساهم المتحف في استعادة الذاكرة الثقافية وتعزيز الهوية الوطنية.
- تعزيز المصالحة الوطنية: من خلال عرض التراث المشترك لجميع السوريين، يساهم المتحف في تعزيز الوحدة الوطنية والمصالحة.
- جذب الاستثمار السياحي: من خلال استعادة المتحف وتطويره، يساهم في جذب السياح والزوار، مما يدعم الاقتصاد الوطني.
- دعم البحث العلمي: من خلال توفير بيئة مناسبة للباحثين والعلماء، يساهم المتحف في تطوير المعرفة والبحث العلمي.
التحديات التي تواجه المتحف
على الرغم من الأهمية الكبيرة للمتحف الوطني بدمشق، فإنه يواجه العديد من التحديات، بما في ذلك:
- نقص التمويل: يتطلب الحفاظ على المتحف وترميمه وتطويره تمويلًا كبيرًا، مما يمثل تحديًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
- الحاجة إلى الخبرات المتخصصة: يتطلب الحفاظ على الآثار وترميمها خبرات متخصصة في مجالات مختلفة، مثل علم الآثار، والترميم، وإدارة المتاحف.
- الحاجة إلى الأمن والحماية: يتطلب المتحف إجراءات أمنية مشددة لحماية المقتنيات من السرقة والتخريب.
- الحاجة إلى التوعية والتثقيف: يتطلب المتحف التوعية بأهميته وأدواره، مما يتطلب حملات تسويقية وبرامج تثقيفية.
خاتمة
يعد المتحف الوطني بدمشق كنزًا ثقافيًا وتاريخيًا لا يقدر بثمن، وهو يمثل رمزًا للهوية الوطنية والتراث السوري. على الرغم من التحديات التي يواجهها، فإنه يلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على التراث، والتثقيف، والسياحة، والبحث العلمي. من خلال الجهود المستمرة للحماية والترميم والتطوير، سيستمر المتحف في لعب دور محوري في بناء سوريا المستقبل وإعادة إحياء الذاكرة الثقافية.
المراجع
- Syria Times – National Museum of Damascus: A treasure house of Syrian heritage
- Damascus.com – National Museum of Damascus
- Britannica – National Museum of Damascus
- ويكيبيديا – المتحف الوطني بدمشق
“`