لمحة تاريخية
يعود استخدام نظام التوقيت الصيني التقليدي إلى آلاف السنين، حيث تطور تدريجياً عبر مختلف العصور والأسرات الحاكمة. كان التوقيت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية، إذ كان يؤثر على الأنشطة الزراعية، والاحتفالات الدينية، والقرارات الإدارية. لعب الفلكيون الصينيون دوراً حاسماً في تطوير هذا النظام، حيث اعتمدوا على مراقبة حركة الشمس والقمر والنجوم لتحديد الفصول والأوقات.
وحدات التوقيت التقليدية
تعتمد وحدات التوقيت الصينية التقليدية على نظام دوري يرتكز على الرقم 12، وهو رقم له دلالات ثقافية وفلكية عميقة في الثقافة الصينية.
- اليوم (日): يبدأ اليوم الصيني التقليدي عند منتصف الليل وينتهي عند منتصف الليل التالي.
- الساعة المزدوجة (時辰): يُقسم اليوم إلى 12 ساعة مزدوجة (Shíchen)، حيث تستغرق كل ساعة مزدوجة ساعتين من التوقيت الحديث. تحمل كل ساعة مزدوجة اسمًا حيوانيًا من الأبراج الصينية الاثني عشر. هذه الحيوانات هي: الفأر، الثور، النمر، الأرنب، التنين، الأفعى، الحصان، الخروف، القرد، الديك، الكلب، والخنزير.
- ال刻 (Kè): تُقسم كل ساعة إلى 8 刻 (Kè)، وبالتالي يوجد 100 刻 في اليوم الواحد.
- 分 (Fēn): تُقسم كل 刻 إلى 分 (Fēn).
- 秒 (Miǎo): تُقسم كل 分 إلى 秒 (Miǎo).
بمعنى آخر، تقسيم اليوم يكون كالتالي:
1 يوم = 12 時辰 (Shíchen)
1 時辰 = 8 刻 (Kè)
1 刻 = عدد معين من 分 (Fēn) و 秒 (Miǎo) (يختلف هذا العدد عبر التاريخ)
الساعات المزدوجة وعلاقتها بالأبراج الصينية
كما ذكرنا، تحمل كل ساعة مزدوجة اسمًا لحيوان من الأبراج الصينية الاثني عشر. هذا الربط بين التوقيت والأبراج يعكس نظرة صينية شاملة للعالم، حيث تعتبر الأوقات والأحداث مرتبطة بشكل وثيق بالكون والطبيعة. فيما يلي جدول يوضح العلاقة بين الساعات المزدوجة وأسماء الحيوانات:
- 23:00 – 01:00: 子 (Zǐ) – الفأر
- 01:00 – 03:00: 丑 (Chǒu) – الثور
- 03:00 – 05:00: 寅 (Yín) – النمر
- 05:00 – 07:00: 卯 (Mǎo) – الأرنب
- 07:00 – 09:00: 辰 (Chén) – التنين
- 09:00 – 11:00: 巳 (Sì) – الأفعى
- 11:00 – 13:00: 午 (Wǔ) – الحصان
- 13:00 – 15:00: 未 (Wèi) – الخروف
- 15:00 – 17:00: 申 (Shēn) – القرد
- 17:00 – 19:00: 酉 (Yǒu) – الديك
- 19:00 – 21:00: 戌 (Xū) – الكلب
- 21:00 – 23:00: 亥 (Hài) – الخنزير
كان لهذا النظام تأثير كبير على الثقافة الصينية، حيث كان الناس يعتبرون أن الساعة التي يولد فيها الشخص تؤثر على شخصيته ومصيره. كما كان يُستخدم في تحديد الأوقات المناسبة للزواج، والسفر، والقيام بأعمال تجارية هامة.
تأثير التوقيت التقليدي على الحياة اليومية
على الرغم من أن الصين تستخدم الآن التوقيت العالمي المنسق (UTC) في الحياة اليومية، إلا أن التوقيت الصيني التقليدي لا يزال حاضراً في بعض الجوانب الثقافية. على سبيل المثال، لا يزال الكثير من الصينيين يستخدمون الساعات المزدوجة التقليدية في علم التنجيم وقراءة الطالع. كما أن بعض الاحتفالات والمهرجانات التقليدية تعتمد على هذا النظام في تحديد مواعيدها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المفاهيم المرتبطة بالتوقيت التقليدي، مثل أهمية الانسجام مع الطبيعة ودور الفلك في حياة الإنسان، لا تزال جزءاً من الوعي الثقافي الصيني.
التقويم القمري الشمسي
يجدر بالذكر أن التوقيت الصيني التقليدي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتقويم القمري الشمسي، وهو تقويم يعتمد على حركة كل من الشمس والقمر. يتكون العام الصيني التقليدي من 12 شهراً قمرياً، مع إضافة شهر إضافي كل بضع سنوات لمزامنة التقويم مع السنة الشمسية. يؤثر هذا التقويم على العديد من الجوانب الثقافية، بما في ذلك تحديد مواعيد المهرجانات التقليدية مثل رأس السنة الصينية.
نظام الـ GanZhi (干支)
نظام الـ GanZhi هو نظام ترقيم دوري يستخدم في الصين لتسجيل السنوات والأشهر والأيام والساعات. يتكون هذا النظام من دمج سلسلتين من الرموز: الجذوع السماوية العشرة (天干 Tiāngān) والفروع الأرضية الاثني عشر (地支 Dìzhī). ينتج عن هذا الدمج دورة من 60 وحدة فريدة. يتم استخدام هذا النظام على نطاق واسع في علم التنجيم الصيني والتوقيت التقليدي.
الجذوع السماوية العشرة هي:
- 甲 (jiǎ)
- 乙 (yǐ)
- 丙 (bǐng)
- 丁 (dīng)
- 戊 (wù)
- 己 (jǐ)
- 庚 (gēng)
- 辛 (xīn)
- 壬 (rén)
- 癸 (guǐ)
الفروع الأرضية الاثني عشر هي (وهي نفسها أسماء الحيوانات في الأبراج):
- 子 (zǐ) – الفأر
- 丑 (chǒu) – الثور
- 寅 (yín) – النمر
- 卯 (mǎo) – الأرنب
- 辰 (chén) – التنين
- 巳 (sì) – الأفعى
- 午 (wǔ) – الحصان
- 未 (wèi) – الخروف
- 申 (shēn) – القرد
- 酉 (yǒu) – الديك
- 戌 (xū) – الكلب
- 亥 (hài) – الخنزير
يتم دمج هذه الجذوع والفروع لإنشاء دورة من 60 عامًا، حيث يتم تعيين رمز GanZhi فريد لكل عام. وبالمثل، يتم استخدام هذا النظام لتسجيل الأشهر والأيام والساعات.
خاتمة
يمثل نظام التوقيت الصيني التقليدي جزءاً هاماً من التراث الثقافي الصيني. على الرغم من أن الصين تعتمد الآن على التوقيت العالمي المنسق في الحياة اليومية، إلا أن هذا النظام القديم لا يزال حاضراً في علم التنجيم، والاحتفالات التقليدية، والوعي الثقافي. يعكس هذا النظام نظرة صينية شاملة للعالم، حيث تعتبر الأوقات والأحداث مرتبطة بشكل وثيق بالكون والطبيعة.