<![CDATA[
مقدمة
الإسكندر الأول الإبيري (حوالي 370 قبل الميلاد – 331 قبل الميلاد)، المعروف أيضًا باسم الإسكندر المولوسي، كان ملكًا لإبيروس (343/2 – 331 قبل الميلاد) من سلالة الأياكيد. كان عم الإسكندر الأكبر وأخًا لأولمبيا، والدة الإسكندر الأكبر. صعد الإسكندر إلى عرش إبيروس بعد أن أطاح بأخيه الأكبر نيوبطليموس الأول. حكم لمدة اثني عشر عامًا، تميزت حملته في جنوب إيطاليا بتحالفه مع مستعمرات يونانية مختلفة ضد القبائل الإيطالية.
صعوده إلى السلطة
لم تكن خلفية الإسكندر الأول الإبيري في السلطة تقليدية، لكنها تعكس ديناميكيات القوة المعقدة في إبيروس خلال القرن الرابع قبل الميلاد. بعد الإطاحة بأخيه الأكبر نيوبطليموس الأول، تولى الإسكندر العرش في عام 343/2 قبل الميلاد. تفاصيل الظروف المحيطة بالإطاحة غير واضحة تمامًا، ولكن من المحتمل أن تكون مرتبطة بالصراعات الداخلية على السلطة داخل سلالة الأياكيد الحاكمة. كان على الإسكندر أن يثبت شرعيته كحاكم بعد هذه البداية المضطربة.
لعب الزواج دورًا حاسمًا في تعزيز مكانة الإسكندر وتشكيل تحالفات سياسية. تزوج من كليوباترا، ابنة فيليب الثاني المقدوني وأولمبيا. لم يكن هذا الزواج مجرد رمز للمكانة، بل كان تحالفًا استراتيجيًا ربط الإسكندر بواحدة من أقوى القوى في اليونان القديمة. كان فيليب الثاني، من خلال قوته العسكرية ودبلوماسيته الذكية، قد أخضع العديد من المدن اليونانية وولاياتها تحت سيطرته. من خلال الزواج من كليوباترا، وضع الإسكندر نفسه كحليف مقرب لفيليب، مما يوفر له الدعم والحماية القيمين. بالإضافة إلى ذلك، أصبح الإسكندر صهرًا لأولمبيا، مما عزز روابطه بالعائلة الملكية المقدونية.
أقام الإسكندر علاقات وثيقة مع الإسكندر الأكبر، ابن أولمبيا. لعب دورًا داعمًا في تعليم الإسكندر الأكبر المبكر، حيث قدم له التوجيه والتشجيع. ربطت العلاقة بين الإسكندر الأول والإسكندر الأكبر مصالح إبيروس ومقدونيا، مما أثر على الأحداث اللاحقة في كلتا المنطقتين. كان يُنظر إلى الإسكندر الأكبر على أنه وريث مُحتمل لعرش إبيروس في حال عدم وجود ورثة ذكور للإسكندر الأول.
حملته في جنوب إيطاليا
بدأ الإسكندر الأول الإبيري حملة طموحة في جنوب إيطاليا عام 334 قبل الميلاد استجابة لطلبات المساعدة من مدينة تاراس ومستعمرات يونانية أخرى مهددة من قبل القبائل الإيطالية. كان الهدف الرئيسي لحملة الإسكندر هو حماية المصالح اليونانية في المنطقة وتوسيع نفوذه وسلطته.
عند وصوله إلى إيطاليا، حقق الإسكندر سلسلة من الانتصارات العسكرية ضد القبائل الإيطالية المختلفة، بما في ذلك اللوكانيون والبروتيون. أظهر الإسكندر براعة عسكرية في قيادة قواته، واستخدم مزيجًا من التكتيكات والاستراتيجيات لتحقيق النصر. تمكن من تأمين العديد من المدن والبلدات، وفرض سيطرته على مساحات كبيرة من الأراضي.
أقام الإسكندر تحالفات استراتيجية مع مستعمرات ومدن يونانية مختلفة في جنوب إيطاليا. أدرك أهمية الوحدة والتعاون في مواجهة التهديدات المشتركة. من خلال توحيد القوى، سعى إلى إنشاء جبهة موحدة ضد القبائل الإيطالية وحماية المصالح اليونانية. لعبت تاراس، وهي مدينة يونانية بارزة في جنوب إيطاليا، دورًا حاسمًا في حملة الإسكندر. عملت تاراس كمركز لوجستي ومصدر قيم للقوات والإمدادات للإسكندر. دعمت تاراس بنشاط مساعي الإسكندر العسكرية، مما ساهم في نجاح حملته.
على الرغم من نجاحاته الأولية، واجه الإسكندر أيضًا تحديات وانتكاسات خلال حملته في جنوب إيطاليا. كانت القبائل الإيطالية مصممة على مقاومة التوسع الإبيري، وشاركت في حرب العصابات وغيرها من التكتيكات لعرقلة تقدم الإسكندر. بالإضافة إلى ذلك، واجه الإسكندر معارضة من المدن اليونانية الأخرى التي كانت حذرة من طموحاته ونفوذه المتزايد. أدت هذه التحديات إلى إبطاء تقدم الإسكندر وجعلت الحفاظ على مكاسبه أمرًا صعبًا.
وفاته وتراثه
انتهت حملة الإسكندر الأول الإبيري في جنوب إيطاليا بوفاته عام 331 قبل الميلاد. بينما تختلف الروايات الدقيقة لوفاته، يُعتقد عمومًا أنه قُتل في معركة ضد اللوكانيين بالقرب من باندوسيا. كانت وفاة الإسكندر بمثابة انتكاسة كبيرة لطموحاته الإقليمية وتركت فراغًا في القيادة في إبيروس.
على الرغم من فترة حكمه القصيرة، كان للإسكندر الأول الإبيري تأثير دائم على تاريخ إبيروس وجنوب إيطاليا. ساهمت حملته في استقرار المستعمرات اليونانية في المنطقة، وحماية مصالحها من ضغوط القبائل الإيطالية. بالإضافة إلى ذلك، عززت حملة الإسكندر مكانة إبيروس كقوة إقليمية، مما مهد الطريق للتوسع والازدهار المستقبليين. يعتبر الإسكندر الأول شخصية مهمة في التاريخ الإبيري بسبب قيادته العسكرية وتحالفاته الاستراتيجية.
تزوج الإسكندر من كليوباترا، وأنجبا طفلين: ابنة اسمها أولمبيا وابن اسمه نيوبطليموس الثاني. أصبحت أولمبيا لاحقًا والدة بيروس ملك إبيروس، الذي سيشتهر بمهاراته العسكرية وحملاته ضد روما. استمرت سلالة الإسكندر الأول في لعب دور بارز في تاريخ إبيروس لعدة أجيال.
تحالفاته
- مقدونيا: كان الإسكندر متحالفًا مع مملكة مقدونيا من خلال زواجه من كليوباترا، ابنة فيليب الثاني المقدوني وأخت الإسكندر الأكبر. ضمن هذا التحالف الدعم العسكري والسياسي من إحدى أقوى القوى في اليونان القديمة.
- تاراس وغيرها من المدن اليونانية في جنوب إيطاليا: سعى الإسكندر بنشاط إلى إقامة تحالفات مع المدن اليونانية في جنوب إيطاليا لحماية مصالحها من القبائل الإيطالية. كانت تاراس حليفًا رئيسيًا، حيث قدمت الدعم اللوجستي والعسكري لحملته.
أعداؤه
- اللوكانيون والبروتيون: كانت هذه القبائل الإيطالية من بين الأعداء الرئيسيين للإسكندر خلال حملته في جنوب إيطاليا. قاوموا التوسع الإبيري وشاركوا في معارك متكررة ضد قوات الإسكندر.
معلومات إضافية
خلال فترة وجوده في إيطاليا، حاول الإسكندر تقليد عمه الإسكندر الأكبر، وفي نفس الوقت حاول التوفيق بين العديد من أبطال الأساطير اليونانية: لقد تتبع أصوله من أخيل، تمامًا مثلما فعل الأسكندر الأكبر. حاول ربط نفسه بهيراكليس، تمامًا كما فعل الإسكندر الأكبر. وأخيرًا، حاول أن يصبح الإسكندر الأكبر الثاني. أطلق الإسكندر الأول الإبيري على نفسه لقب “ملك” في الحملة، على الرغم من أنه كان لديه هذا اللقب من قبل. كانت عملاته المعدنية مشابهة لعملات أخرى، لكنها كانت مزينة بلقبه الجديد. مثل الإسكندر الأكبر، كان ينوي غزو كل من روما وقرطاج. لكنه سقط في معركة، ضد اللوكانيين، في عام 331 قبل الميلاد.
خاتمة
كان الإسكندر الأول الإبيري ملكًا طموحًا سعى إلى توسيع نفوذ إبيروس في اليونان القديمة وجنوب إيطاليا. من خلال تحالفاته الاستراتيجية وحملاته العسكرية، لعب دورًا مهمًا في حماية المصالح اليونانية وتشكيل المشهد السياسي للمنطقة. على الرغم من فترة حكمه القصيرة، ترك الإسكندر الأول إرثًا دائمًا باعتباره حاكمًا قادرًا وشخصية رئيسية في التاريخ الإبيري.