تاريخ ونشأة الاتفاقية
تم اعتماد اتفاقية العمال ذوي المسؤوليات العائلية، 1981 (رقم 156) والتوصية رقم 165 من قبل منظمة العمل الدولية في عام 1981. جاءت هذه الاتفاقية نتيجة لجهود طويلة الأمد لتعزيز المساواة بين الجنسين في مكان العمل ومعالجة التحديات التي يواجهها العمال الذين لديهم مسؤوليات عائلية. قبل هذه الاتفاقية، كانت هناك اعترافات متزايدة بأن المسؤوليات العائلية يمكن أن تؤثر بشكل كبير على قدرة العمال على المشاركة بشكل كامل ومتساو في سوق العمل.
الأسباب الرئيسية لإنشاء الاتفاقية:
- تزايد مشاركة المرأة في سوق العمل: مع ازدياد أعداد النساء العاملات، أصبح من الضروري معالجة التحديات التي تواجهها النساء بشكل خاص بسبب مسؤولياتهن العائلية.
- الاعتراف بأهمية المسؤوليات العائلية: كان هناك اعتراف متزايد بأن المسؤوليات العائلية ليست قضية خاصة بالمرأة فقط، بل هي قضية مجتمعية يجب معالجتها من خلال السياسات والقوانين.
- الحاجة إلى المساواة في الفرص: كان الهدف هو ضمان أن يتمكن العمال ذوو المسؤوليات العائلية من الحصول على فرص متساوية في التوظيف والترقية والتدريب، دون التعرض للتمييز.
أهداف ومبادئ الاتفاقية
تهدف اتفاقية العمال ذوي المسؤوليات العائلية، 1981 إلى تحقيق مجموعة من الأهداف والمبادئ الأساسية، والتي تشمل:
- تعزيز المساواة في الفرص والمعاملة: تهدف الاتفاقية إلى ضمان حصول العمال ذوي المسؤوليات العائلية على فرص متساوية في التوظيف والترقية والتدريب، دون أي تمييز.
- تمكين العمال من التوفيق بين العمل والحياة الأسرية: تسعى الاتفاقية إلى مساعدة العمال على التوفيق بين مسؤولياتهم في العمل ومسؤولياتهم العائلية، من خلال توفير الدعم والتسهيلات اللازمة.
- تشجيع سياسات صديقة للأسرة: تدعو الاتفاقية الدول الأعضاء إلى تبني سياسات وتشريعات تدعم العمال ذوي المسؤوليات العائلية، مثل توفير إجازة الأمومة والأبوة، وتوفير خدمات رعاية الأطفال.
- تعزيز المسؤولية المشتركة: تشدد الاتفاقية على أهمية تقاسم المسؤولية بين الرجال والنساء في رعاية الأطفال والمسؤوليات العائلية الأخرى.
أحكام الاتفاقية الرئيسية
تتضمن اتفاقية العمال ذوي المسؤوليات العائلية، 1981 مجموعة من الأحكام الرئيسية التي تحدد التزامات الدول الأعضاء. تشمل هذه الأحكام:
- تعريف العمال ذوي المسؤوليات العائلية: تحدد الاتفاقية العمال ذوي المسؤوليات العائلية بأنهم العمال الذين لديهم مسؤوليات تجاه أطفالهم المعالين، أو تجاه أفراد الأسرة الآخرين الذين يحتاجون إلى رعايتهم أو دعمهم.
- تدابير السياسة الوطنية: تلزم الاتفاقية الدول الأعضاء بتبني وتنفيذ سياسة وطنية تهدف إلى تمكين العمال ذوي المسؤوليات العائلية من ممارسة حقهم في الحصول على عمل دون تمييز، والتوفيق بين مسؤولياتهم في العمل ومسؤولياتهم العائلية.
- التدابير المتعلقة بالتوظيف: تدعو الاتفاقية الدول الأعضاء إلى اتخاذ تدابير لضمان عدم تعرض العمال ذوي المسؤوليات العائلية للتمييز في التوظيف، والترقية، والتدريب، وإنهاء الخدمة.
- التدابير المتعلقة بظروف العمل: تشجع الاتفاقية الدول الأعضاء على اتخاذ تدابير لتحسين ظروف العمل للعمال ذوي المسؤوليات العائلية، مثل توفير ترتيبات عمل مرنة، وتوفير خدمات رعاية الأطفال.
- التدابير المتعلقة بالضمان الاجتماعي: تدعو الاتفاقية الدول الأعضاء إلى النظر في احتياجات العمال ذوي المسؤوليات العائلية في أنظمة الضمان الاجتماعي، مثل توفير إجازة مدفوعة الأجر لرعاية الأطفال أو أفراد الأسرة المرضى.
تأثير الاتفاقية وتطبيقها
كان لاتفاقية العمال ذوي المسؤوليات العائلية، 1981 تأثير كبير على السياسات والقوانين المتعلقة بالعمل والحياة الأسرية في العديد من البلدان حول العالم. ساهمت الاتفاقية في زيادة الوعي بأهمية معالجة التحديات التي يواجهها العمال ذوو المسؤوليات العائلية، وفي تشجيع الحكومات وأصحاب العمل على تبني سياسات صديقة للأسرة.
أمثلة على تأثير الاتفاقية:
- توسيع نطاق إجازة الأمومة والأبوة: ساهمت الاتفاقية في زيادة مدة إجازة الأمومة والأبوة في العديد من البلدان، وفي توفير إجازة مدفوعة الأجر لكلا الوالدين.
- توفير خدمات رعاية الأطفال: شجعت الاتفاقية الحكومات وأصحاب العمل على توفير خدمات رعاية الأطفال بأسعار معقولة، مما ساعد العمال على التوفيق بين العمل ورعاية الأطفال.
- اعتماد ترتيبات عمل مرنة: ساهمت الاتفاقية في زيادة انتشار ترتيبات العمل المرنة، مثل العمل بدوام جزئي، والعمل عن بعد، وساعات العمل المرنة، مما ساعد العمال على التوفيق بين العمل والحياة الأسرية.
على الرغم من تأثيرها الإيجابي، لا تزال هناك تحديات تواجه تطبيق اتفاقية العمال ذوي المسؤوليات العائلية، 1981. تشمل هذه التحديات:
- نقص الوعي بالاتفاقية: لا يزال العديد من العمال وأصحاب العمل غير مدركين لأحكام الاتفاقية وحقوقهم وواجباتهم بموجبها.
- مقاومة التغيير: يواجه بعض أصحاب العمل مقاومة في تبني سياسات صديقة للأسرة، بسبب المخاوف بشأن التكاليف أو التأثير على الإنتاجية.
- عدم كفاية الموارد: قد تفتقر بعض البلدان إلى الموارد اللازمة لتنفيذ أحكام الاتفاقية بشكل فعال، مثل توفير خدمات رعاية الأطفال بأسعار معقولة.
التحديات المستقبلية والفرص المتاحة
مع استمرار التغيرات في سوق العمل والمجتمع، ستظهر تحديات وفرص جديدة فيما يتعلق بالعمال ذوي المسؤوليات العائلية. تشمل بعض التحديات المستقبلية:
- تزايد أعداد كبار السن المحتاجين إلى الرعاية: مع ارتفاع متوسط العمر المتوقع، سيزداد عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى رعاية طويلة الأجل، مما سيضع ضغوطًا إضافية على العمال الذين لديهم مسؤوليات عائلية.
- التغيرات في هياكل الأسرة: مع تزايد عدد الأسر الوحيدة الوالد، والأسر التي يعمل فيها كلا الوالدين، سيزداد الطلب على خدمات رعاية الأطفال المرنة وبأسعار معقولة.
- التكنولوجيا وتأثيرها على العمل: يمكن أن تخلق التكنولوجيا فرصًا جديدة لترتيبات العمل المرنة، ولكنها قد تؤدي أيضًا إلى زيادة الضغط على العمال للتواجد على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
للتغلب على هذه التحديات والاستفادة من الفرص المتاحة، يجب على الحكومات وأصحاب العمل والنقابات العمالية العمل معًا ل:
- زيادة الوعي بأهمية معالجة التحديات التي يواجهها العمال ذوو المسؤوليات العائلية.
- تبني سياسات وتشريعات تدعم العمال ذوي المسؤوليات العائلية، مثل توفير إجازة مدفوعة الأجر، وخدمات رعاية الأطفال، وترتيبات عمل مرنة.
- تشجيع ثقافة عمل تقدر التوازن بين العمل والحياة الأسرية.
- الاستثمار في برامج التدريب والتطوير لمساعدة العمال ذوي المسؤوليات العائلية على تطوير مهاراتهم والحفاظ على قدرتهم التنافسية في سوق العمل.
دور منظمة العمل الدولية
تلعب منظمة العمل الدولية دورًا حاسمًا في تعزيز حقوق العمال ذوي المسؤوليات العائلية من خلال:
- وضع المعايير الدولية: تقوم منظمة العمل الدولية بوضع الاتفاقيات والتوصيات التي تحدد حقوق العمال ذوي المسؤوليات العائلية والتزامات الدول الأعضاء.
- تقديم المساعدة التقنية: تقدم منظمة العمل الدولية المساعدة التقنية للدول الأعضاء لمساعدتها على تبني وتنفيذ سياسات وتشريعات تدعم العمال ذوي المسؤوليات العائلية.
- رصد التقدم المحرز: تقوم منظمة العمل الدولية برصد التقدم المحرز في تنفيذ اتفاقية العمال ذوي المسؤوليات العائلية، وتقديم توصيات للدول الأعضاء لتحسين أدائها.
خاتمة
اتفاقية العمال ذوي المسؤوليات العائلية، 1981 هي أداة دولية مهمة لتعزيز المساواة في الفرص والمعاملة بين العمال من كلا الجنسين الذين يتحملون مسؤوليات عائلية. ساهمت الاتفاقية في زيادة الوعي بأهمية معالجة التحديات التي يواجهها هؤلاء العمال، وفي تشجيع الحكومات وأصحاب العمل على تبني سياسات صديقة للأسرة. على الرغم من التقدم المحرز، لا تزال هناك تحديات تواجه تطبيق الاتفاقية بشكل كامل وفعال. يجب على الحكومات وأصحاب العمل والنقابات العمالية العمل معًا للتغلب على هذه التحديات وضمان حصول جميع العمال ذوي المسؤوليات العائلية على فرص متساوية في التوظيف والترقية والتدريب.