التصميم والبناء
تم تصميم طرادات إكليبس في المقام الأول من قبل السير ويليام وايت، كبير مديري البناء في البحرية الملكية. بدأ بناء السفن التسع في عام 1892 واكتمل بين عامي 1895 و 1897. كان تصميمها نتيجة لدروس مستفادة من الطرادات السابقة، مع التركيز على تحسين الحماية والسرعة.
كانت الطرادات من فئة إكليبس تتميز بتصميم هيكل فولاذي. كان طولها يبلغ حوالي 350 قدمًا (107 أمتار)، وعرضها 53 قدمًا (16 مترًا)، وغاطسها 20 قدمًا (6 أمتار). بلغت إزاحتها حوالي 5600 طن. كانت السفن مسلحة بمدفعين من عيار 6 بوصات (152 ملم) في المقدمة والمؤخرة، بالإضافة إلى ثمانية مدافع من عيار 4.7 بوصة (120 ملم) مثبتة على الجوانب. كما كانت مزودة بعدد من المدافع الأصغر حجمًا، بالإضافة إلى أنابيب طوربيد.
كانت الحماية من أهم ميزات هذه الطرادات. كان لديها سطح مدرع بسمك 2 بوصة (51 ملم) لحماية الأجزاء الحيوية من السفينة، بالإضافة إلى أحزمة فولاذية مائلة على جوانب الهيكل. كانت السفن مدعومة بمحركات بخارية تعمل بالفحم، مما يمنحها سرعة قصوى تبلغ حوالي 19 عقدة (35 كم / ساعة). كان طاقم كل سفينة يتألف من حوالي 450 ضابطًا وبحارًا.
التسليح والدروع
كان تسليح طرادات إكليبس قويًا في وقتها، مما يسمح لها بالمشاركة في القتال مع سفن أخرى. كان التسلح الرئيسي يتكون من:
- مدفعان رئيسيان عيار 6 بوصات (152 ملم): كانا مثبتين في المقدمة والمؤخرة، يوفران قوة نارية مهمة ضد سفن العدو.
- ثمانية مدافع عيار 4.7 بوصة (120 ملم): كانت هذه المدافع مثبتة على الجوانب، مما يوفر حماية جيدة ضد سفن العدو الأصغر.
- مدافع أصغر: بالإضافة إلى ذلك، كانت السفن مزودة بعدد من المدافع الأصغر حجمًا للدفاع ضد القوارب الصغيرة والطائرات.
- أنابيب طوربيد: كانت الطرادات مجهزة أيضًا بأنابيب طوربيد لإطلاق الطوربيدات، مما يوفر وسيلة هجومية إضافية.
تم تصميم الدروع لحماية الأجزاء الحيوية من السفينة من نيران العدو. وشملت الدروع:
- سطح مدرع: كان السطح المدرع بسمك 2 بوصة (51 ملم) يوفر الحماية للأجزاء الحيوية من السفينة، مثل المحركات والمخازن.
- أحزمة فولاذية مائلة: كانت الأحزمة الفولاذية المائلة على جوانب الهيكل توفر حماية إضافية ضد القذائف.
الخدمة والعمليات
شهدت طرادات إكليبس خدمة واسعة في جميع أنحاء العالم، حيث شاركت في مجموعة متنوعة من العمليات. تم نشرها في جميع أنحاء الإمبراطورية البريطانية، بما في ذلك البحر الأبيض المتوسط، والمحيط الأطلسي، والهند الشرقية. شاركت هذه السفن في مهام الدوريات، وعرض القوة، وحماية المصالح البريطانية.
خلال حرب البوير الثانية (1899-1902)، شاركت العديد من الطرادات من فئة إكليبس في دعم العمليات البرية. قامت بتوفير نيران المدفعية ودعم القوات البريطانية في جنوب إفريقيا.
شهدت بعض الطرادات من فئة إكليبس خدمة نشطة خلال الحرب العالمية الأولى. على سبيل المثال، شاركت HMS كريسنت في معركة هليغولاند بايت في عام 1914. كما شاركت في مهام مرافقة القوافل، والقيام بدوريات، والبحث عن الغواصات الألمانية.
على الرغم من دورها في الحرب، إلا أن هذه الطرادات لم تكن مصممة بالأساس لخوض معارك بحرية رئيسية، بل كانت مصممة بشكل أكبر لدعم العمليات الاستكشافية وحماية التجارة. ومع ذلك، فقد أثبتت قيمتها في مختلف الأدوار التي تم تكليفها بها.
السفن الفردية من الفئة
تم بناء تسع سفن من فئة إكليبس. فيما يلي قائمة بالسفن وأحداثها الرئيسية:
- إتش إم إس إكليبس (HMS Eclipse): تم إطلاقها في عام 1894، خدمت في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. غرقت بعد اصطدامها بلغم في عام 1915 خلال الحرب العالمية الأولى.
- إتش إم إس كريسينت (HMS Crescent): تم إطلاقها في عام 1892، خدمت في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. شاركت في معركة هليغولاند بايت. بيعت في عام 1921.
- إتش إم إس إيزيس (HMS Isis): تم إطلاقها في عام 1896، خدمت في البحر الأبيض المتوسط والصين. بيعت في عام 1920.
- إتش إم إس يوروبا (HMS Europa): تم إطلاقها في عام 1897، خدمت في البحر الأبيض المتوسط والصين. تحطمت في عام 1918.
- إتش إم إس أندروميدا (HMS Andromeda): تم إطلاقها في عام 1897، خدمت في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. غرقت كهدف في عام 1921.
- إتش إم إس فيكتوريا (HMS Venus): تم إطلاقها في عام 1895، خدمت في البحر الأبيض المتوسط والصين. بيعت في عام 1920.
- إتش إم إس سيراس (HMS Ceres): تم إطلاقها في عام 1897، خدمت في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. بيعت في عام 1922.
- إتش إم إس ثاليا (HMS Thetis): تم إطلاقها في عام 1890، خدمت في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. بيعت في عام 1920.
- إتش إم إس أفيسا (HMS Arrogant): تم إطلاقها في عام 1896، خدمت في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. تحولت إلى سفينة تدريب في عام 1914. بيعت في عام 1922.
التأثير والإرث
كانت طرادات إكليبس تصميمًا ناجحًا، حيث قدمت أداءً جيدًا في مجموعة متنوعة من الأدوار. أثرت هذه السفن على تصميم الطرادات اللاحقة في البحرية الملكية، حيث قدمت دروسًا قيمة في تصميم السفن والحماية. لعبت دورًا مهمًا في تعزيز الهيمنة البحرية البريطانية في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
على الرغم من أن معظم سفن الفئة تم التخلص منها بحلول نهاية الحرب العالمية الأولى، إلا أن إرثها استمر. أظهرت هذه الطرادات أهمية تصميم السفن المتوازنة، والتي تجمع بين الحماية الجيدة والقدرة على الحركة والقدرة على القتال. كما ساهمت في تطوير التكتيكات البحرية، حيث استخدمت في مجموعة متنوعة من المهام، من الدوريات والاستطلاع إلى دعم الأساطيل الرئيسية.
التكنولوجيا والمحركات
استخدمت طرادات إكليبس تقنيات متقدمة في وقتها، بما في ذلك:
- المحركات البخارية: كانت المحركات البخارية هي التكنولوجيا الأساسية المستخدمة في ذلك الوقت. زودت السفن بالسرعة اللازمة للقيام بمهامها المختلفة.
- التسليح الحديث: استخدام مدافع حديثة ومدافع رشاشة أدى إلى زيادة القدرة القتالية للسفن.
- التصميم الهندسي: تصميم الهيكل والدروع كان متقدمًا في وقته، مما يوفر حماية جيدة للطاقم والسفن.
أدت هذه التقنيات إلى زيادة قدرة السفن على البقاء في القتال والقيام بالمهام المختلفة بفعالية.
المقارنة مع الفئات الأخرى
عند مقارنتها بالفئات الأخرى من الطرادات في ذلك الوقت، كانت طرادات إكليبس تقع في فئة الطرادات المحمية من الدرجة الثانية. كانت أكبر حجمًا وأكثر تسليحًا من بعض الطرادات الأصغر حجمًا، لكنها كانت أبطأ من بعض الطرادات الأحدث والأكثر تطورًا. ومع ذلك، فقد تميزت بحماية جيدة، مما جعلها مناسبة للعديد من المهام.
بالمقارنة مع الطرادات المحمية من الدرجة الأولى، كانت طرادات إكليبس أصغر وأقل تسليحًا. كانت الطرادات من الدرجة الأولى مصممة للعمل في الأساطيل الرئيسية، بينما كانت طرادات إكليبس مصممة بشكل أكبر للمهام الاستكشافية والدوريات.
التطورات اللاحقة في تصميم الطرادات
شكلت طرادات إكليبس خطوة مهمة في تطور تصميم الطرادات. ومع ذلك، شهدت تصميمات الطرادات تطورات مستمرة في السنوات اللاحقة. تم تطوير تقنيات جديدة، مثل التوربينات البخارية، والتي سمحت بزيادة السرعة. كما تم تحسين الدروع والتسليح.
أدت هذه التطورات إلى ظهور فئات جديدة من الطرادات، بما في ذلك الطرادات الخفيفة والطرادات الثقيلة. كانت هذه السفن أسرع وأكثر تسليحًا من طرادات إكليبس. استمرت الطرادات في لعب دور مهم في الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، ولكن تم استبدالها تدريجيًا بالمدمرات والسفن الحربية الأخرى.
خاتمة
بشكل عام، كانت طرادات إكليبس فئة مهمة من الطرادات المحمية التي خدمت البحرية الملكية جيدًا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. لقد جمعت بين الحماية الجيدة والقدرة على الحركة، مما جعلها مناسبة لمجموعة متنوعة من المهام. لعبت دورًا مهمًا في تعزيز الهيمنة البحرية البريطانية في تلك الفترة، وتركت إرثًا دائمًا في تاريخ تصميم السفن الحربية.