مقدمة
القربان المحفوظ هو مصطلح يشير إلى الخبز والخمر اللذين تم تكريسهما خلال القداس الإلهي، وخاصة بعد انتهاء القداس، والاحتفاظ بهما لاستخدامهما لاحقًا. هذه الممارسة شائعة في العديد من الكنائس المسيحية، بما في ذلك الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الأرثوذكسية والكنائس الأنغليكانية وبعض الكنائس البروتستانتية. يعتبر القربان المحفوظ علامة على حضور المسيح الدائم بين المؤمنين، ويستخدم لأغراض مختلفة، بما في ذلك إعطاء المناولة للمرضى والمنقطعين، والعبادة خارج القداس الإلهي.
أهمية القربان المحفوظ
تكمن أهمية القربان المحفوظ في عدة جوانب لاهوتية وعملية:
- حضور المسيح الدائم: يؤمن المسيحيون بأن الخبز والخمر بعد التكريس يتحولان إلى جسد المسيح ودمه. وبالتالي، فإن الاحتفاظ بهما يعني الحفاظ على حضور المسيح الحقيقي بين المؤمنين حتى خارج وقت القداس.
- المناولة للمرضى والمنقطعين: يسمح القربان المحفوظ بإعطاء المناولة للأشخاص غير القادرين على حضور القداس، مثل المرضى وكبار السن. هذه الممارسة تعزز الشعور بالانتماء إلى المجتمع الكنسي وتوفر الراحة الروحية للمحتاجين.
- العبادة خارج القداس: يمكن استخدام القربان المحفوظ في أشكال مختلفة من العبادة خارج القداس، مثل السجود للقربان المقدس، وزيارات القربان المقدس، ومواكب القربان المقدس. هذه الممارسات تعزز التقوى والإيمان بحضور المسيح الحقيقي في القربان.
- رمز الوحدة: يمثل القربان المحفوظ وحدة الكنيسة الجامعة، حيث يتشارك المؤمنون في جميع أنحاء العالم في نفس الخبز والخمر المكرسين.
كيفية حفظ القربان
تختلف طرق حفظ القربان المحفوظ بين الكنائس المختلفة، ولكن بشكل عام، يتم اتباع الإجراءات التالية:
- التكريس: خلال القداس الإلهي، يقوم الكاهن بتكريس الخبز والخمر، وتحويلهما إلى جسد المسيح ودمه.
- الكمية المحفوظة: يتم تخصيص جزء من الخبز والخمر المكرسين لحفظه.
- الوعاء المخصص: يوضع القربان المحفوظ في وعاء مخصص، غالبًا ما يكون مصنوعًا من المعدن الثمين، مثل الذهب أو الفضة. يسمى هذا الوعاء “بيت القربان” أو “خيمة الاجتماع”.
- المكان المحفوظ: يتم وضع بيت القربان في مكان خاص في الكنيسة، غالبًا ما يكون في مذبح جانبي أو في مكان مخصص بالقرب من المذبح الرئيسي. يجب أن يكون المكان آمنًا ومحترمًا.
- العناية والصيانة: يجب التأكد من أن القربان المحفوظ يبقى طازجًا وخاليًا من التلوث. يتم استبدال القربان المحفوظ بشكل دوري، وعادة ما يكون ذلك أسبوعيًا أو شهريًا.
استخدامات القربان المحفوظ
يستخدم القربان المحفوظ في مجموعة متنوعة من الأغراض، بما في ذلك:
- المناولة للمرضى: يقوم الكهنة والشماسة بزيارة المرضى وكبار السن في منازلهم أو في المستشفيات لإعطائهم المناولة من القربان المحفوظ.
- المناولة في حالات الطوارئ: في حالات الطوارئ، مثل الحوادث أو الكوارث الطبيعية، يمكن استخدام القربان المحفوظ لإعطاء المناولة للمحتاجين.
- العبادة خارج القداس: يمكن استخدام القربان المحفوظ في أشكال مختلفة من العبادة خارج القداس، مثل السجود للقربان المقدس، وزيارات القربان المقدس، ومواكب القربان المقدس.
- الدفن: في بعض الكنائس، يتم وضع جزء صغير من القربان المحفوظ في نعش المتوفى كرمز للرجاء في القيامة.
السجود للقربان المقدس
السجود للقربان المقدس هو ممارسة تقوية للإيمان تتضمن قضاء الوقت في الصلاة والتأمل أمام القربان المحفوظ. يعتبر السجود للقربان المقدس فرصة للتعبير عن الحب والتقدير للمسيح، وطلب النعمة والهداية، والنمو في العلاقة مع الله. يتم غالبًا عرض القربان المقدس في وعاء خاص يسمى “المنارة” خلال فترة السجود.
زيارات القربان المقدس
زيارة القربان المقدس هي ممارسة بسيطة ولكنها قوية تتضمن قضاء بضع دقائق في الصلاة أمام القربان المحفوظ. يمكن القيام بزيارات القربان المقدس في أي وقت تكون فيه الكنيسة مفتوحة، وهي فرصة للتعبير عن الإيمان والصلاة من أجل الاحتياجات الشخصية واحتياجات الآخرين.
مواكب القربان المقدس
مواكب القربان المقدس هي احتفالات عامة تتضمن حمل القربان المحفوظ في موكب عبر الشوارع. غالبًا ما تقام مواكب القربان المقدس في أيام الأعياد الكبرى، مثل عيد القربان الأقدس، وهي فرصة لإعلان الإيمان بحضور المسيح الحقيقي في القربان للعالم.
الخلافات والمناقشات
على الرغم من أن ممارسة القربان المحفوظ شائعة في العديد من الكنائس المسيحية، إلا أنها كانت موضوع خلافات ومناقشات على مر التاريخ. بعض المسيحيين يعترضون على هذه الممارسة، بحجة أنها ليست مذكورة في الكتاب المقدس، وأنها قد تؤدي إلى عبادة الخبز والخمر بدلاً من عبادة الله. ومع ذلك، يدافع آخرون عن هذه الممارسة، بحجة أنها تعزز الإيمان بحضور المسيح الحقيقي في القربان، وأنها توفر الراحة الروحية للمرضى والمحتاجين.
القربان المحفوظ في الكنائس المختلفة
تختلف ممارسة القربان المحفوظ بين الكنائس المختلفة. على سبيل المثال:
- الكنيسة الكاثوليكية: تحتفظ الكنيسة الكاثوليكية بالقربان المحفوظ في جميع الكنائس والأديرة والمدارس الكاثوليكية. يتم استخدام القربان المحفوظ لإعطاء المناولة للمرضى والمنقطعين، والسجود للقربان المقدس، ومواكب القربان المقدس.
- الكنائس الأرثوذكسية: تحتفظ الكنائس الأرثوذكسية بالقربان المحفوظ في الكنائس والأديرة. يتم استخدام القربان المحفوظ لإعطاء المناولة للمرضى، وفي بعض الأحيان يتم استخدامه في الصلوات من أجل الشفاء.
- الكنائس الأنغليكانية: تحتفظ بعض الكنائس الأنغليكانية بالقربان المحفوظ، بينما لا تحتفظ به كنائس أخرى. يختلف استخدام القربان المحفوظ بين الكنائس الأنغليكانية.
- الكنائس البروتستانتية: لا تحتفظ معظم الكنائس البروتستانتية بالقربان المحفوظ. ومع ذلك، تحتفظ بعض الكنائس اللوثرية بالقربان المحفوظ لإعطاء المناولة للمرضى.
تأثير القربان المحفوظ على الحياة الروحية
يمكن أن يكون للقربان المحفوظ تأثير عميق على الحياة الروحية للمؤمنين. فهو يوفر فرصة للاتصال المباشر بالمسيح، والتعبير عن الإيمان، وطلب النعمة، والنمو في العلاقة مع الله. سواء من خلال المناولة، أو السجود، أو الزيارة، أو المشاركة في موكب، يمكن للمؤمنين أن يختبروا حضور المسيح الحقيقي في القربان المحفوظ.
خاتمة
القربان المحفوظ هو ممارسة مهمة في العديد من الكنائس المسيحية، حيث يمثل حضور المسيح الدائم بين المؤمنين، ويوفر الراحة الروحية للمحتاجين، ويعزز الوحدة في الكنيسة الجامعة. على الرغم من وجود بعض الخلافات والمناقشات حول هذه الممارسة، إلا أنها تظل جزءًا لا يتجزأ من حياة العديد من المسيحيين في جميع أنحاء العالم.