الحياة المبكرة والتعليم
ولد ماير فريدمان في سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، ونشأ في بيئة متواضعة. تفوق في دراسته والتحق بجامعة ستانفورد، حيث حصل على درجة البكالوريوس في عام 1931. ثم تابع دراسته في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، وحصل على شهادته الطبية في عام 1935. بعد الانتهاء من فترة تدريبه وإقامته، بدأ فريدمان مسيرته المهنية في مجال أمراض القلب، وسرعان ما أصبح شخصية بارزة في هذا المجال.
العمل الرائد في النمط السلوكي “أ”
يشتهر الدكتور فريدمان بعمله الرائد في تحديد وتوصيف النمط السلوكي “أ”. بدأ اهتمامه بهذا المجال عندما لاحظ هو وزميله، راي روزنمان، أن كراسي الانتظار في عيادة القلب الخاصة بهما كانت تتطلب إعادة تنجيد بشكل متكرر. بعد التحقيق، اكتشفوا أن المرضى الذين يعانون من أمراض القلب يميلون إلى الجلوس على حافة مقاعدهم، وحتى ضربها بأيديهم من فرط العصبية والانتظار. هذه الملاحظة قادتهم إلى تطوير مفهوم النمط السلوكي “أ”، الذي يتميز بالتنافسية المفرطة، والإلحاح الزمني، والعدوانية، والعداء.
أجرى فريدمان وروزنمان سلسلة من الدراسات الرائدة التي أظهرت وجود علاقة قوية بين النمط السلوكي “أ” وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية. وقد نشروا نتائجهم في كتاب مؤثر بعنوان “النمط السلوكي أ وقلبك” (Type A Behavior and Your Heart)، والذي حقق نجاحًا كبيرًا وساهم في نشر الوعي حول أهمية العوامل النفسية في أمراض القلب.
الخصائص الرئيسية للنمط السلوكي “أ”:
- التنافسية المفرطة: السعي الدائم لتحقيق النجاح والتفوق على الآخرين.
- الإلحاح الزمني: الشعور الدائم بضيق الوقت والرغبة في إنجاز العديد من المهام في وقت واحد.
- العدوانية والعداء: الميل إلى الغضب والإحباط بسهولة، والتعبير عن المشاعر السلبية تجاه الآخرين.
- الانشغال بالعمل: تكريس معظم الوقت والجهد للعمل، وإهمال جوانب أخرى من الحياة.
أهمية دراسة النمط السلوكي “أ”:
ساهمت دراسات فريدمان وروزنمان في تغيير الطريقة التي ينظر بها الأطباء إلى أمراض القلب. فقبل عملهما، كان يُنظر إلى أمراض القلب على أنها نتيجة لعوامل الخطر التقليدية مثل ارتفاع الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم والتدخين. ومع ذلك، أظهر فريدمان وروزنمان أن العوامل النفسية، مثل النمط السلوكي “أ”، يمكن أن تلعب أيضًا دورًا مهمًا في تطور أمراض القلب. وقد أدى ذلك إلى تطوير تدخلات جديدة تستهدف تعديل السلوكيات المرتبطة بالنمط السلوكي “أ” وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.
مساهمات أخرى في أمراض القلب
بالإضافة إلى عمله في النمط السلوكي “أ”، قدم الدكتور فريدمان مساهمات كبيرة أخرى في مجال أمراض القلب. فقد كان من أوائل الباحثين الذين درسوا تأثير النظام الغذائي على أمراض القلب. كما أجرى دراسات حول تأثير التوتر والإجهاد على القلب والأوعية الدموية. وقد نشر أكثر من 300 مقالة علمية وكتابًا حول أمراض القلب.
بعض المساهمات الأخرى للدكتور فريدمان:
- دراسة تأثير النظام الغذائي على الكوليسترول: أجرى فريدمان أبحاثًا حول تأثير الدهون المشبعة والكوليسترول في النظام الغذائي على مستويات الكوليسترول في الدم وخطر الإصابة بأمراض القلب.
- تطوير تقنيات لتشخيص أمراض القلب: ساهم فريدمان في تطوير تقنيات جديدة لتشخيص أمراض القلب، مثل تخطيط كهربية القلب (ECG) ومراقبة هولتر.
- الدعوة إلى الوقاية من أمراض القلب: كان فريدمان مدافعًا قويًا عن الوقاية من أمراض القلب من خلال تغيير نمط الحياة، مثل اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام وتجنب التدخين.
الجوائز والتكريمات
حصل الدكتور فريدمان على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لمساهماته في مجال أمراض القلب، بما في ذلك:
- جائزة جمعية القلب الأمريكية للخدمة المتميزة.
- جائزة مؤسسة أبحاث القلب والأوعية الدموية.
- انتخابه زميلاً في الكلية الأمريكية لأطباء القلب.
انتقادات لعمله
على الرغم من تأثيره الكبير، لم يكن عمل الدكتور فريدمان في النمط السلوكي “أ” خاليًا من الانتقادات. فقد جادل بعض الباحثين بأن العلاقة بين النمط السلوكي “أ” وأمراض القلب ليست قوية كما كان يُعتقد في الأصل. كما انتقد البعض الآخر استخدام النمط السلوكي “أ” كأداة لتصنيف الأفراد، بحجة أنه يمكن أن يؤدي إلى وصم وتمييز.
ردود الفعل على الانتقادات:
اعترف فريدمان وروزنمان بوجود بعض القيود في أبحاثهم، وقاما بتعديل نظريتهما بمرور الوقت. وأكدا على أن النمط السلوكي “أ” ليس العامل الوحيد الذي يساهم في أمراض القلب، وأن عوامل أخرى، مثل الوراثة ونمط الحياة، تلعب أيضًا دورًا مهمًا. ومع ذلك، ظلا مقتنعين بأن النمط السلوكي “أ” هو عامل خطر مهم يجب معالجته.
إرثه
لا يزال إرث الدكتور ماير فريدمان حيًا حتى اليوم. فقد ساهم عمله في تغيير الطريقة التي نفكر بها في أمراض القلب، وأدى إلى تطوير تدخلات جديدة يمكن أن تساعد في منع أمراض القلب وعلاجها. كما ألهم العديد من الباحثين الآخرين لدراسة العلاقة بين السلوك والصحة.
خاتمة
كان ماير فريدمان طبيب قلب رائدًا أحدث ثورة في فهمنا لأمراض القلب. من خلال عمله الرائد في النمط السلوكي “أ”، أظهر أن العوامل النفسية يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في تطور أمراض القلب. وقد ساهمت أبحاثه في تطوير تدخلات جديدة تستهدف تعديل السلوكيات المرتبطة بالنمط السلوكي “أ” وتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب. لا يزال إرث فريدمان يلهم الباحثين والأطباء في جميع أنحاء العالم.