نشأته وتعليمه
ولد هربرت هوبيرت في إنجلترا عام 1943. تلقى تعليمه في جامعة كامبريدج، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الرياضيات عام 1965. ثم واصل دراساته العليا في معهد سكريبس لعلوم المحيطات بجامعة كاليفورنيا، سان دييغو، وحصل على درجة الدكتوراه في علم المحيطات الفيزيائي عام 1968. كانت أطروحته للدكتوراه بعنوان “دراسات معملية عن التيارات الناتجة عن مصادر الطفو على منحدر”.
مسيرته المهنية
بعد حصوله على الدكتوراه، عاد هوبيرت إلى جامعة كامبريدج كزميل باحث. في عام 1972، عُين محاضراً في قسم الرياضيات التطبيقية والفيزياء النظرية. تمت ترقيته إلى قارئ في عام 1982 وأصبح أستاذاً للفيزياء الأرضية النظرية في عام 1989. شغل منصب رئيس قسم الرياضيات التطبيقية والفيزياء النظرية من عام 2000 إلى عام 2005. يشغل حالياً منصب مدير معهد الرياضيات التطبيقية النظرية في كامبريدج.
أبحاثه وإسهاماته
تركز أبحاث هوبيرت على ميكانيكا الموائع الجيوفيزيائية، وهو فرع من فروع الفيزياء يدرس سلوك الموائع (السوائل والغازات) في البيئات الجيوفيزيائية. تشمل اهتماماته البحثية الرئيسية:
- التيارات الكثافية: يدرس هوبيرت ديناميكيات التيارات الكثافية، وهي عبارة عن تدفقات من الموائع ذات الكثافة المختلفة بسبب اختلافات في درجة الحرارة أو الملوحة أو تركيز الرواسب. تحدث هذه التيارات في مجموعة متنوعة من البيئات الطبيعية، مثل المحيطات والبحيرات والأنهار، وكذلك في العمليات الصناعية.
- تصلب المعادن المنصهرة: يبحث هوبيرت في عمليات التصلب للمعادن المنصهرة، والتي تعتبر ذات أهمية كبيرة في فهم تكوين القشرة الأرضية والوشاح. يدرس كيفية تأثير عوامل مثل درجة الحرارة والضغط والتكوين على عملية التصلب.
- ديناميكيات البراكين: يدرس هوبيرت العمليات الفيزيائية التي تتحكم في سلوك البراكين، بما في ذلك صعود الصهارة، وانفجار الغازات، وتدفق الحمم البركانية. يستخدم النماذج الرياضية والتجارب المعملية لفهم هذه العمليات المعقدة.
- التدفق في الوسائط المسامية: يبحث هوبيرت في تدفق الموائع عبر الوسائط المسامية، مثل الصخور والتربة. هذه الأبحاث مهمة لفهم حركة المياه الجوفية، واستخراج النفط والغاز، وتخزين ثاني أكسيد الكربون.
قام هوبيرت بنشر أكثر من 300 ورقة بحثية في المجلات العلمية المحكمة. وقد ساهمت أبحاثه بشكل كبير في فهمنا للعديد من العمليات الجيوفيزيائية الهامة.
الجوائز والتكريمات
حصل هربرت هوبيرت على العديد من الجوائز والتكريمات تقديراً لإسهاماته العلمية المتميزة، ومن بينها:
- زمالة الجمعية الملكية: انتخب هوبيرت زميلاً في الجمعية الملكية في عام 1987، وهي أرفع تكريم علمي في المملكة المتحدة.
- ميدالية ميرشيستون: حصل هوبيرت على ميدالية ميرشيستون من الجمعية الجيولوجية في لندن عام 2005. تُمنح هذه الميدالية تقديراً للمساهمات البارزة في فهم العمليات الجيولوجية الفيزيائية.
- جائزة لويس نيل: حصل هوبيرت على جائزة لويس نيل من الأكاديمية الأوروبية للعلوم عام 2005. تُمنح هذه الجائزة تقديراً للمساهمات البارزة في علم الفيزياء.
- ميدالية جولدشميت: حصل هوبيرت على ميدالية جولدشميت من جمعية علم الكيمياء الجيولوجية عام 2017. تعتبر هذه الميدالية أرفع وسام في مجال علم الكيمياء الجيولوجية.
- دكتوراه فخرية من جامعة موناش: حصل هوبيرت على درجة الدكتوراه الفخرية من جامعة موناش في أستراليا عام 2019.
أمثلة على أبحاثه التفصيلية
التيارات الكثافية وتأثيرها على المحيطات
أجرى هوبيرت أبحاثاً مكثفة حول التيارات الكثافية، وهي تدفقات من المياه ذات كثافة أعلى من المياه المحيطة بها. هذه التيارات تلعب دوراً حاسماً في توزيع الحرارة والملوحة والمغذيات في المحيطات. قام هوبيرت بتطوير نماذج رياضية وتجارب معملية لفهم ديناميكيات هذه التيارات، بما في ذلك كيفية انتشارها وتفاعلها مع التضاريس تحت الماء. وقد ساهمت أبحاثه في فهم أفضل لكيفية تأثير تغير المناخ على دوران المحيطات.
تصلب المعادن المنصهرة وتشكيل القشرة الأرضية
درس هوبيرت أيضاً عملية تصلب المعادن المنصهرة، والتي تعتبر أساسية لتكوين القشرة الأرضية والوشاح. قام بالتحقيق في كيفية تأثير عوامل مثل الضغط ودرجة الحرارة وتكوين الصهارة على عملية التصلب. وقد ساعدت أبحاثه في فهم كيفية تشكل أنواع مختلفة من الصخور وكيفية توزيع العناصر الكيميائية في القشرة الأرضية.
ديناميكيات البراكين والتقليل من المخاطر
قام هوبيرت بدراسة ديناميكيات البراكين، بهدف فهم العمليات التي تتحكم في ثوران البراكين وتقييم المخاطر المرتبطة بها. استخدم النماذج الرياضية والتجارب المعملية لمحاكاة صعود الصهارة وتراكم الغازات وانفجارها. وقد ساهمت أبحاثه في تطوير استراتيجيات أفضل للتنبؤ بالثورات البركانية وتقليل تأثيرها على المجتمعات المحيطة.
التدفق في الوسائط المسامية وأثره على المياه الجوفية
بحث هوبيرت في تدفق الموائع عبر الوسائط المسامية، مثل الصخور والتربة، وهو أمر حيوي لفهم حركة المياه الجوفية، واستخراج النفط والغاز، وتخزين ثاني أكسيد الكربون. قام بتطوير نماذج رياضية معقدة لوصف هذا التدفق، مع مراعاة تأثيرات اللزوجة والتوتر السطحي والتفاعلات الكيميائية. وقد ساعدت أبحاثه في تحسين إدارة موارد المياه الجوفية وتطوير تقنيات جديدة لاستخراج الطاقة وتخزين النفايات.
إسهاماته في التعليم وتدريب الباحثين
بالإضافة إلى أبحاثه الرائدة، يعتبر هوبيرت معلماً وموجهاً متميزاً. قام بتدريس وتدريب أجيال من الطلاب والباحثين في مجال الفيزياء الأرضية وميكانيكا الموائع. أشرف على العديد من طلاب الدكتوراه الذين أصبحوا بدورهم قادة في مجالاتهم. يتميز هوبيرت بقدرته على تبسيط المفاهيم المعقدة وجعلها في متناول الطلاب، وتشجيعهم على التفكير النقدي والإبداعي.
التأثير المجتمعي لأبحاثه
تتجاوز أهمية أبحاث هوبيرت الأوساط الأكاديمية، حيث أن لها تأثيرات مجتمعية واسعة. على سبيل المثال، ساهمت أبحاثه حول ديناميكيات البراكين في تحسين استراتيجيات التنبؤ بالثورات البركانية وتقليل المخاطر التي تتعرض لها المجتمعات القريبة من البراكين النشطة. كما أن أبحاثه حول التيارات الكثافية تساعد في فهم أفضل لتأثير تغير المناخ على دوران المحيطات، وهو أمر حيوي لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن سياسات المناخ.
خاتمة
هربرت هوبيرت هو عالم فيزياء أرضية بريطاني بارز، يتميز بإسهاماته الرائدة في ميكانيكا الموائع الجيوفيزيائية. تركز أبحاثه على التيارات الكثافية، وتصلب المعادن المنصهرة، وديناميكيات البراكين، والتدفق في الوسائط المسامية. حصل هوبيرت على العديد من الجوائز والتكريمات تقديراً لإسهاماته العلمية المتميزة، بما في ذلك زمالة الجمعية الملكية وميدالية ميرشيستون وميدالية جولدشميت. يعتبر هوبيرت أيضاً معلماً وموجهاً متميزاً، وقد ساهم في تدريب أجيال من الطلاب والباحثين. تتجاوز أهمية أبحاثه الأوساط الأكاديمية، حيث أن لها تأثيرات مجتمعية واسعة.