حياتها المبكرة والتعليم
ولدت فيسنا تيرشيليتش في عام 1962 في يوغوسلافيا، ونشأت في فترة شهدت تحولات سياسية واجتماعية كبيرة. تأثرت في وقت مبكر من حياتها بقيم العدالة الاجتماعية والمساواة، مما دفعها لاحقاً إلى الانخراط في العمل المدني والسياسي. أكملت دراستها في جامعة زغرب، حيث حصلت على شهادة في علم الاجتماع والفلسفة. خلال فترة دراستها، شاركت في العديد من الحركات الطلابية التي دعت إلى الإصلاح السياسي والديمقراطية.
تأسيس حملة مناهضة الحرب في كرواتيا
مع تصاعد التوترات العرقية والقومية في يوغوسلافيا في أوائل التسعينيات، أدركت فيسنا تيرشيليتش الحاجة الملحة إلى صوت قوي مناهض للحرب. في عام 1991، قامت بتأسيس “حملة مناهضة الحرب في كرواتيا” (ARK)، وهي منظمة غير حكومية تهدف إلى تعزيز السلام وحقوق الإنسان وحماية المدنيين المتضررين من الحرب. كانت هذه المبادرة بمثابة استجابة مباشرة للعنف المتصاعد والخطاب القومي الذي اجتاح المنطقة.
ركزت ARK في بداية عملها على توفير الدعم الإنساني للنازحين واللاجئين، وتنظيم حملات توعية لتعزيز التسامح والتفاهم بين المجموعات العرقية المختلفة. كما عملت المنظمة على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، وتقديم الدعم القانوني للضحايا.
جائزة رايت ليفيلهود
في عام 1998، حصلت فيسنا تيرشيليتش مناصفةً مع الناشطة البريطانية كارمن ماجي على جائزة “رايت ليفيلهود” (Right Livelihood Award)، تقديراً لجهودها في بناء السلام والمصالحة في منطقة البلقان. أشادت لجنة التحكيم بـ “شجاعتها والتزامها الثابت بالعدالة والسلام في مواجهة العنف والكراهية”. كانت هذه الجائزة بمثابة اعتراف دولي بعملها الرائد في مجال السلام وحقوق الإنسان.
أنشطتها وجهودها في مجال السلام وحقوق الإنسان
بعد حصولها على جائزة “رايت ليفيلهود”، واصلت فيسنا تيرشيليتش عملها في مجال السلام وحقوق الإنسان، وتوسعت أنشطة ARK لتشمل مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك:
- تعزيز المصالحة بين المجتمعات المتضررة من الحرب: عملت ARK على تنظيم فعاليات وورش عمل لجمع الناس من مختلف الخلفيات العرقية معاً، وتشجيعهم على الحوار والتفاهم المتبادل.
- الدفاع عن حقوق اللاجئين والمهاجرين: قدمت ARK الدعم القانوني والإنساني للاجئين والمهاجرين، ودافعت عن حقوقهم في الحصول على الحماية والعيش بكرامة.
- مكافحة التمييز والعنصرية: عملت ARK على توعية الجمهور بمخاطر التمييز والعنصرية، ودافعت عن حقوق الأقليات والفئات المهمشة.
- تعزيز الديمقراطية والمشاركة المدنية: دعمت ARK مبادرات تعزيز الديمقراطية والمشاركة المدنية، وشجعت المواطنين على المشاركة في صنع القرار السياسي.
دورها في المجتمع المدني الكرواتي
تعتبر فيسنا تيرشيليتش شخصية بارزة في المجتمع المدني الكرواتي، ولها تأثير كبير على السياسات العامة المتعلقة بحقوق الإنسان والسلام. شاركت في العديد من المبادرات الوطنية والدولية، وعملت مع الحكومات والمنظمات الدولية لتعزيز السلام والعدالة.
كما أنها تكتب بانتظام في وسائل الإعلام حول قضايا السلام وحقوق الإنسان، وتشارك في المناقشات العامة حول هذه القضايا. صوتها مسموع ومحترم في كرواتيا وخارجها.
التحديات التي واجهتها
لم يكن طريق فيسنا تيرشيليتش سهلاً، فقد واجهت العديد من التحديات والصعوبات في عملها. تعرضت ARK لانتقادات وهجمات من قبل الجماعات القومية المتطرفة، وحاولت بعض الجهات الحكومية تقييد أنشطتها. ومع ذلك، ظلت فيسنا تيرشيليتش صامدة في مواجهة هذه التحديات، واستمرت في عملها بشجاعة وتصميم.
كما أن طبيعة عملها في مناطق الصراع وما بعد الصراع كانت تتطلب منها التعامل مع قصص مأساوية ومعاناة إنسانية كبيرة، مما أثر عليها نفسياً وعاطفياً. ومع ذلك، استطاعت أن تحافظ على تفاؤلها وأملها في مستقبل أفضل.
الجوائز والتكريمات
بالإضافة إلى جائزة “رايت ليفيلهود”، حصلت فيسنا تيرشيليتش على العديد من الجوائز والتكريمات الأخرى، تقديراً لعملها في مجال السلام وحقوق الإنسان، بما في ذلك:
- جائزة مدينة فايمار لحقوق الإنسان (Weimar Human Rights Award).
- جائزة السلام من مؤسسة هاينريش بول (Heinrich Böll Foundation Peace Prize).
- وسام جوقة الشرف من الحكومة الفرنسية (Ordre national de la Légion d’honneur).
تعكس هذه الجوائز والتكريمات الاعتراف الدولي بأهمية عمل فيسنا تيرشيليتش وتأثيره الإيجابي على المجتمعات المتضررة من الصراع.
إرثها وتأثيرها
تركت فيسنا تيرشيليتش إرثاً كبيراً في مجال السلام وحقوق الإنسان. ألهمت عملها العديد من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في منطقة البلقان وخارجها. تعتبر ARK اليوم واحدة من أبرز منظمات المجتمع المدني في كرواتيا، وتواصل عملها في تعزيز السلام والعدالة والمصالحة.
تعتبر قصة فيسنا تيرشيليتش مثالاً ملهماً على قوة العمل المدني وقدرته على إحداث تغيير إيجابي في المجتمعات المتضررة من الصراع. إنها تذكرنا بأهمية الدفاع عن حقوق الإنسان والعمل من أجل السلام والعدالة في كل مكان.
مشاريعها الحالية
تستمر فيسنا تيرشيليتش في نشاطها في مجال حقوق الإنسان والسلام. تعمل حالياً على عدة مشاريع، بما في ذلك دعم ضحايا العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات، وتعزيز التعليم من أجل السلام في المدارس، والدفاع عن حقوق المهاجرين واللاجئين. كما أنها تشارك في العديد من المبادرات الدولية التي تهدف إلى مكافحة التمييز والعنصرية وتعزيز التسامح والتفاهم المتبادل.
تسعى فيسنا تيرشيليتش دائماً إلى إيجاد طرق جديدة ومبتكرة لتعزيز السلام وحقوق الإنسان، وتؤمن بأن العمل المدني والتعاون الدولي هما أساس بناء مجتمعات أكثر عدلاً ومساواة.
خاتمة
فيسنا تيرشيليتش هي شخصية ملهمة وناشطة سلام بارزة كرست حياتها لتعزيز السلام وحقوق الإنسان في منطقة البلقان وخارجها. من خلال تأسيسها “حملة مناهضة الحرب في كرواتيا” وجهودها المتواصلة في بناء المصالحة وتعزيز العدالة، تركت بصمة لا تمحى في المجتمعات المتضررة من الصراع. تعتبر جائزة “رايت ليفيلهود” التي حصلت عليها تقديراً مستحقاً لعملها الرائد وشجاعتها وتصميمها على إحداث تغيير إيجابي في العالم. تظل فيسنا تيرشيليتش نموذجاً يحتذى به للنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.