نشأته وتعليمه
ولد ماكدونالد كريتشلي في مدينة بريستول بإنجلترا، ونشأ في بيئة أكاديمية حفزت شغفه بالمعرفة والاستكشاف. تلقى تعليمه في مدرسة بريستول للقواعد المرموقة، حيث تفوق في دراسته وأظهر اهتمامًا خاصًا بالعلوم والطب. بعد ذلك، التحق بكلية الطب في جامعة بريستول، حيث درس الطب والجراحة بتفوق، وحصل على شهادته في عام 1922. خلال فترة دراسته، أبدى كريتشلي اهتمامًا خاصًا بالجهاز العصبي ووظائفه المعقدة، مما دفعه إلى التخصص في طب الأعصاب لاحقًا.
مسيرته المهنية
بعد إكمال دراسته، بدأ كريتشلي مسيرته المهنية في مجال الطب، حيث عمل في عدة مستشفيات في بريطانيا. في عام 1926، انتقل إلى لندن، حيث انضم إلى مستشفى “National Hospital for Neurology and Neurosurgery” الشهير في كوين سكوير. قضى كريتشلي معظم حياته المهنية في هذا المستشفى، وترقى في المناصب حتى أصبح استشاريًا كبيرًا في طب الأعصاب. خلال فترة عمله في المستشفى، اكتسب كريتشلي خبرة واسعة في تشخيص وعلاج مجموعة متنوعة من الأمراض العصبية، بما في ذلك السكتات الدماغية، والتصلب المتعدد، ومرض باركنسون، والخرف. كما قام بتدريس طلاب الطب والأطباء المتدربين، وأشرف على العديد من الأبحاث والدراسات في مجال طب الأعصاب.
بالإضافة إلى عمله في المستشفى، كان كريتشلي نشطًا في العديد من المنظمات المهنية والعلمية. شغل منصب رئيس جمعية طب الأعصاب البريطانية، وكان عضوًا في الكلية الملكية للأطباء. كما كان له دور فعال في تأسيس الاتحاد العالمي لطب الأعصاب، وشغل منصب رئيسه في الفترة من 1961 إلى 1965. سافر كريتشلي على نطاق واسع حول العالم، وقدم محاضرات وورش عمل حول طب الأعصاب في العديد من المؤتمرات والندوات الدولية.
إسهاماته العلمية
قدم ماكدونالد كريتشلي إسهامات كبيرة في مجال طب الأعصاب، حيث نشر العديد من الكتب والمقالات العلمية التي تعتبر مرجعًا هامًا للباحثين والأطباء. ركزت أبحاثه على مجموعة متنوعة من المواضيع، بما في ذلك:
- الحبسة (Aphasia): اضطرابات اللغة الناتجة عن تلف في الدماغ.
- العمه (Agnosia): صعوبة التعرف على الأشياء أو الأشخاص.
- اللامبالاة الحسية (Asomatognosia): عدم الوعي بجزء من الجسم.
- متلازمة جرستمان (Gerstmann syndrome): مجموعة من الأعراض التي تشمل صعوبة الكتابة والحساب وتمييز الجانبين الأيمن والأيسر.
- وظائف الفص الجبهي (Frontal lobe functions): دور الفص الجبهي في التحكم في السلوك والتفكير والتخطيط.
يعتبر كتابه “The Parietal Lobes” (الفصوص الجدارية) من أهم أعماله، حيث قدم فيه تحليلًا شاملاً لوظائف الفصوص الجدارية وتأثير تلفها على الإدراك الحسي والحركة. كما كتب العديد من الكتب الأخرى حول مواضيع مختلفة في طب الأعصاب، بما في ذلك “Aphasiology” (علم الحبسة)، و”The Dyslexic Child” (الطفل المصاب بعسر القراءة)، و”Music and the Brain” (الموسيقى والدماغ).
تكريمه
تقديرًا لإسهاماته المتميزة في مجال طب الأعصاب، حصل ماكدونالد كريتشلي على العديد من الجوائز والأوسمة، بما في ذلك:
- رتبة الإمبراطورية البريطانية (CBE): مُنحت له من قبل الملكة إليزابيث الثانية في عام 1960.
- زمالة الكلية الملكية للأطباء (FRCP): انتخب زميلاً في الكلية الملكية للأطباء في عام 1945.
- الدكتوراه الفخرية من جامعة بريستول: مُنحت له في عام 1980.
حياته الشخصية
كان ماكدونالد كريتشلي شخصية محبوبة ومحترمة من قبل زملائه ومرضاه. كان يتمتع بروح الدعابة وحسن المعاملة، وكان دائمًا على استعداد لمساعدة الآخرين. كان متزوجًا ولديه ثلاثة أطفال. توفي في عام 1997 عن عمر يناهز 97 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا عظيمًا من الإنجازات والمساهمات في مجال طب الأعصاب.
أثره
لا يزال عمل ماكدونالد كريتشلي يؤثر على ممارسة طب الأعصاب حتى اليوم. لقد ساهم في تطوير فهمنا للأمراض العصبية ووظائف الدماغ، وقدم أدوات وتقنيات جديدة لتشخيص وعلاج هذه الأمراض. كما ألهم العديد من الأطباء والباحثين لمتابعة مسيرتهم المهنية في مجال طب الأعصاب. سيظل اسم ماكدونالد كريتشلي محفورًا في تاريخ طب الأعصاب كواحد من أبرز رواده.
خاتمة
كان ماكدونالد كريتشلي طبيب أعصاب بريطانيًا بارزًا ترك بصمة لا تُمحى في مجال طب الأعصاب. من خلال مسيرته المهنية اللامعة وإسهاماته العلمية القيّمة، ساهم في تطوير فهمنا للأمراض العصبية ووظائف الدماغ، وألهم العديد من الأطباء والباحثين. سيظل إرثه حاضرًا في ممارسة طب الأعصاب للأجيال القادمة.