نشأته وتعليمه
ولد أنتوني أتكنسون في 4 سبتمبر 1944. درس في كلية تشرتشل بجامعة كامبريدج، وحصل على درجة البكالوريوس في الآداب في الرياضيات عام 1966. ثم حصل على درجة الماجستير في العلوم في الاقتصاد من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) في عام 1967.
حياته المهنية
بدأ أتكنسون حياته المهنية الأكاديمية في كلية سانت أنتوني بجامعة أكسفورد، حيث عمل باحثًا في الفترة من 1968 إلى 1971. ثم انتقل إلى جامعة إسيكس، حيث شغل منصب أستاذ الاقتصاد من 1971 إلى 1976. في عام 1976، عاد إلى جامعة أكسفورد كأستاذ للاقتصاد، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 1994. خلال فترة وجوده في أكسفورد، كان أيضًا زميلًا في كلية نافيلد.
في عام 1994، انتقل أتكنسون إلى كلية لندن للاقتصاد (LSE)، حيث أصبح أستاذًا للاقتصاد السياسي. شغل هذا المنصب حتى تقاعده في عام 2014. بعد تقاعده، بقي في كلية لندن للاقتصاد كأستاذ فخري.
بالإضافة إلى عمله الأكاديمي، شغل أتكنسون عددًا من المناصب الاستشارية والسياسية الهامة. كان مستشارًا للحكومة البريطانية في قضايا الفقر وعدم المساواة، وعمل أيضًا مع عدد من المنظمات الدولية، بما في ذلك البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
أبحاثه وإسهاماته
ركزت أبحاث أتكنسون بشكل أساسي على عدم المساواة في الدخل والفقر. كان رائدًا في تطوير طرق قياس عدم المساواة، وقدم مساهمات كبيرة في فهم أسباب وعواقب عدم المساواة. أكد في أبحاثه على أهمية السياسات الحكومية في الحد من عدم المساواة وتحسين رفاهية الفقراء.
تشمل بعض أبرز مساهمات أتكنسون:
- مؤشر أتكنسون لعدم المساواة: هو مقياس لعدم المساواة في الدخل يأخذ في الاعتبار حساسية المجتمع تجاه عدم المساواة.
- تحليل الاتجاهات طويلة الأجل في عدم المساواة: قام بتحليل شامل للاتجاهات طويلة الأجل في عدم المساواة في الدخل في البلدان المتقدمة، وأظهر أن عدم المساواة قد زاد بشكل كبير في العقود الأخيرة.
- دراسة تأثير السياسات الحكومية على عدم المساواة: قام بتقييم تأثير السياسات الحكومية المختلفة، مثل الضرائب والتحويلات الاجتماعية، على عدم المساواة في الدخل.
- التركيز على الفقر المدقع: شدد على أهمية معالجة الفقر المدقع وتحسين الظروف المعيشية لأشد الفئات ضعفاً في المجتمع.
ألّف أتكنسون وشارك في تأليف العديد من الكتب والمقالات الهامة حول عدم المساواة والفقر. من بين أشهر كتبه:
- “عدم المساواة: ما الذي يمكن فعله؟” (Inequality: What Can Be Done?)
- “الفقر في أوروبا” (Poverty in Europe)
- “دليل أكسفورد لعدم المساواة الاقتصادية” (Oxford Handbook of Economic Inequality) (شارك في تحريره)
الجوائز والتكريمات
حصل أتكنسون على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لمساهماته في الاقتصاد. تشمل هذه الجوائز:
- زمالة الأكاديمية البريطانية
- زمالة جمعية الاقتصاديين القياسيين
- جائزة فون نيومان
- وسام الإمبراطورية البريطانية برتبة فارس (Knight Bachelor)
حصل على لقب فارس في عام 2001 لخدماته في مجال الاقتصاد.
تأثيره وإرثه
كان لأبحاث أنتوني أتكنسون تأثير كبير على السياسة الاجتماعية والاقتصادية في المملكة المتحدة وخارجها. ساهم عمله في زيادة الوعي بقضايا عدم المساواة والفقر، وأثر على تصميم السياسات التي تهدف إلى الحد من عدم المساواة وتحسين رفاهية الفقراء. يُنظر إليه على نطاق واسع كواحد من أبرز الاقتصاديين في جيله، وسيستمر عمله في إلهام الباحثين وصناع السياسات في المستقبل.
لقد ترك أتكنسون إرثًا دائمًا في مجال الاقتصاد، وسيظل عمله مرجعًا أساسيًا للباحثين والسياسيين المهتمين بقضايا عدم المساواة والفقر. لقد كان مدافعًا قويًا عن العدالة الاجتماعية، وعمل بلا كلل لتحسين حياة الفقراء والمهمشين.
أفكاره حول دور الدولة في معالجة عدم المساواة
اعتقد أتكنسون أن الدولة تلعب دورًا حاسمًا في معالجة عدم المساواة. لم يكن يعتقد أن السوق وحده قادر على تحقيق توزيع عادل للدخل والثروة. واقترح عددًا من السياسات التي يمكن للحكومات تنفيذها للحد من عدم المساواة، بما في ذلك:
- زيادة الضرائب على الدخل المرتفع والثروة: رأى أن الضرائب التصاعدية هي أداة مهمة لإعادة توزيع الدخل والثروة من الأغنياء إلى الفقراء.
- زيادة الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية الأخرى: اعتقد أن هذه الخدمات ضرورية لتوفير فرص متساوية للجميع وتقليل الفقر.
- توفير دعم دخل كاف للعاطلين عن العمل والمعاقين: أكد على أهمية توفير شبكة أمان اجتماعي قوية لحماية الفئات الضعيفة من المجتمع.
- تشجيع المساومة الجماعية وتقوية النقابات العمالية: رأى أن النقابات العمالية يمكن أن تلعب دورًا مهمًا في ضمان حصول العمال على حصة عادلة من الأرباح.
- مكافحة التهرب الضريبي وتجنب الضرائب: شدد على أهمية ضمان أن يدفع الجميع نصيبهم العادل من الضرائب.
كان أتكنسون يعتقد أن هذه السياسات، إذا تم تنفيذها بشكل فعال، يمكن أن تساعد في خلق مجتمع أكثر عدلاً ومساواة.
انتقادات لعمله
على الرغم من أن عمل أتكنسون حظي بتقدير واسع النطاق، إلا أنه تعرض أيضًا لبعض الانتقادات. جادل بعض النقاد بأن مقياس أتكنسون لعدم المساواة حساس للغاية للتغيرات في الدخل في الجزء السفلي من التوزيع، وقد لا يعكس بدقة التغيرات في عدم المساواة في الجزء العلوي من التوزيع. انتقد آخرون تركيزه على السياسات الحكومية، بحجة أن عوامل أخرى، مثل التغيرات التكنولوجية والعولمة، تلعب أيضًا دورًا مهمًا في تحديد عدم المساواة.
ومع ذلك، لا تزال أبحاث أتكنسون تعتبر ذات قيمة عالية، وقد أثرت بشكل كبير على فهمنا لعدم المساواة والفقر. لقد قدم مساهمات كبيرة في تطوير أدوات قياس عدم المساواة وتقييم تأثير السياسات المختلفة على توزيع الدخل والثروة.
مؤلفاته الرئيسية
- عدم المساواة: ما الذي يمكن فعله؟ (Inequality: What Can Be Done?) (2015): يقدم هذا الكتاب تحليلًا شاملاً لعدم المساواة في الدخل والثروة، ويقترح عددًا من السياسات التي يمكن للحكومات تنفيذها للحد من عدم المساواة.
- الفقر في أوروبا (Poverty in Europe) (1998): يقدم هذا الكتاب تحليلًا معمقًا للفقر في أوروبا، ويدرس أسباب الفقر وتأثيره على حياة الناس.
- اقتصاديات الدخل غير المتكافئ (The Economics of Inequality) (1975): يعتبر هذا الكتاب من الأعمال الكلاسيكية في مجال اقتصاديات عدم المساواة، ويقدم تحليلًا شاملاً للنظريات والقياسات المتعلقة بعدم المساواة في الدخل.
حياته الشخصية ووفاته
تزوج أتكنسون من جوديث هيلاري أوين في عام 1971 ولديهما ثلاثة أطفال. توفي في 1 يناير 2017، عن عمر يناهز 72 عامًا، بعد صراع طويل مع مرض السرطان.
خاتمة
كان السير أنتوني أتكنسون شخصية بارزة في مجال الاقتصاد، اشتهر بأبحاثه المتعمقة حول عدم المساواة والفقر. قدم مساهمات كبيرة في فهم أسباب وعواقب عدم المساواة، وأثر على تصميم السياسات الاجتماعية والاقتصادية في العديد من البلدان. سيظل إرثه مصدر إلهام للباحثين وصناع السياسات في سعيهم لتحقيق مجتمع أكثر عدلاً ومساواة.