نشأته وحياته المبكرة
ولد هنري غلاس في مقاطعة تيرون، أيرلندا، وهاجر إلى الولايات المتحدة في سن مبكرة. انضم إلى بحرية الولايات المتحدة في 28 سبتمبر 1860، وبدأ مسيرة مهنية طويلة ومتميزة استمرت لما يقرب من نصف قرن. كانت بداياته متواضعة، لكن طموحه وتفانيه مكّناه من الارتقاء في الرتب ليصبح أميرالًا خلفيًا، وهو إنجاز يعكس قدراته القيادية والإدارية المتميزة.
الخدمة خلال الحرب الأهلية الأمريكية
خلال الحرب الأهلية الأمريكية، خدم غلاس على متن عدة سفن حربية تابعة للاتحاد، بما في ذلك يو إس إس بنساكولا ويو إس إس إيستبورت. شارك في العديد من العمليات البحرية الهامة، بما في ذلك حصار نيو أورلينز في عام 1862. أظهر خلال هذه الفترة شجاعة وإخلاصًا في خدمة بلاده، مما أكسبه تقدير رؤسائه وزملائه.
الخدمة في فترة ما بعد الحرب الأهلية
بعد انتهاء الحرب الأهلية، استمر غلاس في الخدمة البحرية، حيث تولى مناصب مختلفة على متن السفن وفي القواعد البحرية. خدم في مناطق مختلفة حول العالم، بما في ذلك آسيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية. اكتسب خبرة واسعة في العمليات البحرية والشؤون الدولية، مما جعله ضابطًا ذا قيمة عالية في البحرية الأمريكية.
الاستيلاء على غوام
في عام 1898، خلال الحرب الإسبانية الأمريكية، كان غلاس قائدًا لسرب السفن الحربية يو إس إس تشارلستون. أُمر بالتوجه إلى غوام والاستيلاء عليها. وصل غلاس إلى غوام في 20 يونيو 1898، ووجد أن الحامية الإسبانية لم تكن على علم بالحرب. بعد تبادل قصير لإطلاق النار، استسلم الإسبان. كان الاستيلاء على غوام انتصارًا سهلاً ولكنه استراتيجي للولايات المتحدة، حيث وفر قاعدة بحرية مهمة في المحيط الهادئ.
تفاصيل الاستيلاء على غوام:
- في 20 يونيو 1898، وصلت السفينة يو إس إس تشارلستون بقيادة هنري غلاس إلى ميناء غوام.
- أطلقت السفينة بضع قذائف على الحصن الإسباني القديم، دون أن تحدث أضرارًا كبيرة.
- لم يكن الحاكم الإسباني وعناصر الحامية على علم بوجود حرب بين إسبانيا والولايات المتحدة.
- بعد مفاوضات قصيرة، استسلم الحاكم الإسباني لقوات غلاس.
- لم تقع أي إصابات في صفوف الأمريكيين أو الإسبان.
- تم الاستيلاء على غوام دون مقاومة كبيرة، وأصبحت تحت السيطرة الأمريكية.
القيادة والترقيات
بعد الاستيلاء على غوام، واصل غلاس قيادة السفن الحربية في المحيط الهادئ. رُقي إلى رتبة أميرال خلفي في عام 1902. كان يُعتبر قائدًا كفؤًا ومحترمًا، وكان له دور فعال في تطوير القدرات البحرية الأمريكية.
التقاعد والوفاة
تقاعد غلاس من البحرية الأمريكية في عام 1906. توفي في 1 سبتمبر 1908، ودُفن في مقبرة أرلينغتون الوطنية. ترك وراءه إرثًا من الخدمة المتميزة والتفاني في خدمة بلاده.
تكريمه
تم تخليد ذكرى الأميرال غلاس من خلال تسمية عدد من المواقع والأشياء باسمه، بما في ذلك:
- المدمرة يو إس إس غلاس (DD-769): مدمرة من فئة جيرنج خدمت في البحرية الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية والحرب الكورية.
- مدرسة هنري غلاس الابتدائية: مدرسة ابتدائية تقع في سان دييغو، كاليفورنيا.
إسهاماته في تطوير البحرية الأمريكية
لعب الأميرال غلاس دورًا مهمًا في تطوير البحرية الأمريكية خلال فترة تحول كبيرة. شهدت البحرية الأمريكية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين تطورات تكنولوجية هائلة، وانتقلت من السفن الشراعية إلى السفن البخارية المصنوعة من الصلب. كان غلاس من بين الضباط الذين قادوا هذه العملية التحويلية، وساهم في تحديث البحرية وجعلها قوة بحرية عالمية.
بعض إسهاماته تشمل:
- تبني التقنيات الجديدة: كان غلاس من أوائل المؤيدين لتبني التقنيات الجديدة في البحرية، مثل السفن البخارية والأسلحة الحديثة.
- التدريب والتطوير: أكد غلاس على أهمية التدريب والتطوير المستمر للضباط والبحارة، وساهم في تحسين برامج التدريب في البحرية.
- التخطيط الاستراتيجي: شارك غلاس في وضع الخطط الاستراتيجية للبحرية الأمريكية، بما في ذلك التوسع في المحيط الهادئ وإنشاء قواعد بحرية جديدة.
صفاته القيادية
كان الأميرال غلاس يتمتع بصفات قيادية متميزة جعلته قائدًا ناجحًا ومحترمًا. كان يتميز بالذكاء والقدرة على اتخاذ القرارات الصعبة، بالإضافة إلى الشجاعة والإصرار. كان أيضًا يتمتع بشخصية جذابة وقدرة على التواصل الفعال مع مرؤوسيه.
من بين أبرز صفاته القيادية:
- الرؤية الاستراتيجية: كان غلاس يتمتع برؤية استراتيجية واضحة لأهداف البحرية الأمريكية، وكان قادرًا على توجيه جهود مرؤوسيه نحو تحقيق هذه الأهداف.
- القدرة على اتخاذ القرار: كان غلاس قادرًا على اتخاذ القرارات الصعبة بسرعة وفعالية، حتى في ظل الظروف الصعبة.
- التواصل الفعال: كان غلاس يتمتع بقدرة عالية على التواصل مع مرؤوسيه، وكان قادرًا على إلهامهم وتحفيزهم على تحقيق أفضل أداء.
- الشجاعة والإصرار: كان غلاس يتمتع بالشجاعة والإصرار اللازمين لمواجهة التحديات والصعاب، وكان قادرًا على تحقيق النجاح حتى في ظل الظروف المعاكسة.
الحياة الشخصية
تزوج هنري غلاس من إليزابيث براون، وأنجبا عدة أطفال. كان معروفًا بحبه لعائلته واهتمامه بأمور المجتمع. كان أيضًا عضوًا نشطًا في العديد من المنظمات الاجتماعية والخيرية.
خاتمة
كان الأميرال هنري غلاس شخصية بارزة في تاريخ البحرية الأمريكية. خدم بلاده بشرف وإخلاص لأكثر من أربعة عقود، وساهم بشكل كبير في تطوير القدرات البحرية الأمريكية. يُذكر بشكل خاص لدوره في الاستيلاء على غوام خلال الحرب الإسبانية الأمريكية، وهو إنجاز أكد أهمية القوة البحرية الأمريكية في المحيط الهادئ. ترك غلاس إرثًا من الخدمة المتميزة والقيادة الفعالة، وسيظل اسمه محفورًا في سجلات البحرية الأمريكية.