خلفية الاتفاقية
في أوائل القرن العشرين، كانت أعمال الشحن والتفريغ تُعتبر من بين أخطر المهن. كان العمال يتعرضون لمخاطر جسيمة بسبب المعدات الثقيلة، والظروف الجوية القاسية، ونقص التدريب المناسب. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك غياب للتشريعات التي تحمي حقوق العمال وتضمن سلامتهم. نتيجة لذلك، كانت الحوادث والإصابات شائعة، مما أدى إلى معاناة كبيرة للعمال وعائلاتهم.
منظمة العمل الدولية، بوصفها وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، أدركت الحاجة الماسة إلى معالجة هذه المشكلات. بدأت المنظمة في دراسة ظروف العمل في الموانئ والأرصفة، وعقدت سلسلة من المؤتمرات والاجتماعات لمناقشة الحلول الممكنة. في عام 1932، تبنت منظمة العمل الدولية أول اتفاقية تتعلق بحماية العمال في الموانئ، وهي اتفاقية حماية العمال ضد الحوادث (الموانئ)، 1932 (الاتفاقية رقم 32). ومع ذلك، كانت هذه الاتفاقية محدودة النطاق، ولم تعالج جميع جوانب السلامة والصحة المهنية في أعمال الشحن والتفريغ.
مع مرور الوقت، وتطور التكنولوجيا، وتزايد حجم التجارة الدولية، أصبحت الحاجة إلى اتفاقية أكثر شمولاً وفعالية واضحة. لذلك، قررت منظمة العمل الدولية مراجعة الاتفاقية رقم 32، وصياغة اتفاقية جديدة تأخذ في الاعتبار التغيرات والتطورات الحديثة في صناعة الشحن والتفريغ. في عام 1973، تم اعتماد اتفاقية أعمال الشحن والتفريغ، 1973 (الاتفاقية رقم 137)، التي حلت محل الاتفاقية رقم 32.
أهداف الاتفاقية
تهدف اتفاقية أعمال الشحن والتفريغ، 1973 إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الرئيسية، بما في ذلك:
- ضمان سلامة وصحة العمال: من خلال توفير بيئة عمل آمنة وصحية، وتقليل المخاطر والحوادث والإصابات.
- تحديد المسؤوليات: من خلال تحديد مسؤوليات أصحاب العمل والعمال والحكومات في ضمان سلامة وصحة العمال.
- تعزيز التعاون: من خلال تعزيز التعاون بين أصحاب العمل والعمال والحكومات في تنفيذ أحكام الاتفاقية.
- توفير التدريب المناسب: من خلال توفير التدريب المناسب للعمال على استخدام المعدات والآلات، والتعامل مع المواد الخطرة، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب الحوادث.
- توفير المعدات الوقائية: من خلال توفير المعدات الوقائية اللازمة للعمال، مثل الخوذات، والنظارات الواقية، والأحذية الواقية، والقفازات.
- ضمان التعويض العادل: من خلال ضمان حصول العمال الذين يتعرضون لإصابات أو أمراض مهنية على تعويض عادل.
أحكام الاتفاقية
تتضمن اتفاقية أعمال الشحن والتفريغ، 1973 مجموعة من الأحكام التفصيلية التي تغطي مختلف جوانب السلامة والصحة المهنية في أعمال الشحن والتفريغ. وتشمل هذه الأحكام ما يلي:
- التشاور والتعاون: تتطلب الاتفاقية من أصحاب العمل التشاور مع العمال أو ممثليهم بشأن التدابير اللازمة لضمان سلامة وصحة العمال. كما تتطلب الاتفاقية من العمال التعاون مع أصحاب العمل في تنفيذ هذه التدابير.
- التدريب: تتطلب الاتفاقية من أصحاب العمل توفير التدريب المناسب للعمال على استخدام المعدات والآلات، والتعامل مع المواد الخطرة، واتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب الحوادث.
- المعدات الوقائية: تتطلب الاتفاقية من أصحاب العمل توفير المعدات الوقائية اللازمة للعمال، مثل الخوذات، والنظارات الواقية، والأحذية الواقية، والقفازات.
- الفحص والصيانة: تتطلب الاتفاقية من أصحاب العمل فحص وصيانة المعدات والآلات بانتظام للتأكد من أنها في حالة جيدة وآمنة للاستخدام.
- الإضاءة: تتطلب الاتفاقية توفير إضاءة كافية في أماكن العمل لضمان رؤية جيدة للعمال.
- التهوية: تتطلب الاتفاقية توفير تهوية كافية في أماكن العمل لضمان جودة الهواء.
- المرافق الصحية: تتطلب الاتفاقية توفير مرافق صحية مناسبة للعمال، مثل دورات المياه، وأماكن الاستحمام، وأماكن تغيير الملابس.
- الإسعافات الأولية: تتطلب الاتفاقية توفير الإسعافات الأولية اللازمة للعمال في حالة وقوع حوادث أو إصابات.
- التحقيق في الحوادث: تتطلب الاتفاقية إجراء تحقيق في جميع الحوادث والإصابات التي تقع في أماكن العمل لتحديد أسبابها واتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكرارها.
التصديق على الاتفاقية
لكي تصبح الاتفاقية ملزمة لدولة ما، يجب على تلك الدولة التصديق عليها. التصديق هو عملية رسمية تقوم بها الدولة للتعبير عن موافقتها على الالتزام بأحكام الاتفاقية. بعد التصديق، تصبح الاتفاقية جزءًا من القانون الوطني للدولة، وتلتزم الدولة بتنفيذ أحكامها.
اعتبارًا من تاريخ اليوم، صدقت عدد كبير من الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية على اتفاقية أعمال الشحن والتفريغ، 1973. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض الدول التي لم تصدق عليها بعد. تشجع منظمة العمل الدولية جميع الدول الأعضاء على التصديق على الاتفاقية وتنفيذ أحكامها لضمان سلامة وصحة العمال في جميع أنحاء العالم.
أهمية الاتفاقية
تعتبر اتفاقية أعمال الشحن والتفريغ، 1973 أداة هامة لحماية العمال المشاركين في أعمال الشحن والتفريغ في الموانئ والأرصفة. تساعد الاتفاقية على:
- تحسين ظروف العمل: من خلال توفير بيئة عمل آمنة وصحية، وتقليل المخاطر والحوادث والإصابات.
- حماية حقوق العمال: من خلال تحديد مسؤوليات أصحاب العمل والعمال والحكومات في ضمان سلامة وصحة العمال.
- تعزيز العدالة الاجتماعية: من خلال ضمان حصول العمال الذين يتعرضون لإصابات أو أمراض مهنية على تعويض عادل.
- زيادة الإنتاجية: من خلال تحسين ظروف العمل، وتقليل الحوادث والإصابات، وزيادة معنويات العمال.
بالإضافة إلى ذلك، تساعد الاتفاقية على تحقيق التنمية المستدامة من خلال تعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
تحديات التنفيذ
على الرغم من أهمية اتفاقية أعمال الشحن والتفريغ، 1973، إلا أن هناك بعض التحديات التي تواجه تنفيذها في بعض البلدان. وتشمل هذه التحديات ما يلي:
- نقص الموارد: قد تعاني بعض البلدان من نقص الموارد المالية والبشرية اللازمة لتنفيذ أحكام الاتفاقية.
- ضعف الإنفاذ: قد يكون هناك ضعف في إنفاذ التشريعات المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية في بعض البلدان.
- نقص الوعي: قد يكون هناك نقص في الوعي بأهمية السلامة والصحة المهنية بين أصحاب العمل والعمال.
- الفساد: قد يلعب الفساد دورًا في عدم تنفيذ أحكام الاتفاقية في بعض البلدان.
للتغلب على هذه التحديات، يجب على الحكومات وأصحاب العمل والعمال ومنظمات المجتمع المدني العمل معًا لتعزيز الوعي بأهمية السلامة والصحة المهنية، وتوفير الموارد اللازمة لتنفيذ أحكام الاتفاقية، وتعزيز إنفاذ التشريعات المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية، ومكافحة الفساد.
دور منظمة العمل الدولية
تلعب منظمة العمل الدولية دورًا هامًا في تعزيز تنفيذ اتفاقية أعمال الشحن والتفريغ، 1973. تقوم المنظمة بما يلي:
- تقديم المساعدة الفنية: تقدم المنظمة المساعدة الفنية للبلدان التي تحتاج إليها لتنفيذ أحكام الاتفاقية.
- إجراء البحوث: تجري المنظمة البحوث حول أفضل الممارسات في مجال السلامة والصحة المهنية في أعمال الشحن والتفريغ.
- تنظيم الدورات التدريبية: تنظم المنظمة الدورات التدريبية لأصحاب العمل والعمال والحكومات حول السلامة والصحة المهنية في أعمال الشحن والتفريغ.
- نشر المعلومات: تنشر المنظمة المعلومات حول السلامة والصحة المهنية في أعمال الشحن والتفريغ على نطاق واسع.
بالإضافة إلى ذلك، تقوم منظمة العمل الدولية برصد تنفيذ الاتفاقية من قبل الدول الأعضاء، وتقديم التوصيات اللازمة لتحسين التنفيذ.
خاتمة
تعتبر اتفاقية أعمال الشحن والتفريغ، 1973 أداة حيوية لضمان سلامة وصحة العمال في قطاع الشحن والتفريغ. من خلال تحديد معايير واضحة وتحديد مسؤوليات أصحاب العمل والعمال والحكومات، تساهم الاتفاقية في تحسين ظروف العمل وتقليل الحوادث والإصابات. على الرغم من التحديات التي تواجه تنفيذها، فإن الالتزام بأحكام الاتفاقية يظل ضروريًا لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة في هذا القطاع الحيوي.