مقدمة
أتلوسيراتا (Atelocerata) هي فرع حيوي مقترح من مفصليات الأرجل، يضم شعبتي سداسيات الأرجل (Hexapoda)، والتي تشمل الحشرات وعدد قليل من التصنيفات المرتبطة بها، وشعبة كثيرات الأرجل (Myriapoda)، والتي تشمل الديدان الألفية، والديدان المئوية، وغيرها. يتميز هذا الفرع الحيوي بوجود صفة مشتركة أساسية وهي امتلاكهم قرون استشعار مفردة الفروع، على عكس القشريات (Crustacea) التي تمتلك قرون استشعار ثنائية الفروع.
تاريخ التصنيف
تم اقتراح تصنيف أتلوسيراتا لأول مرة في محاولة لتجميع مجموعتين رئيسيتين من مفصليات الأرجل بناءً على تشابه مورفولوجي معين. تقليديًا، كانت مفصليات الأرجل تُقسم إلى مجموعات مختلفة بناءً على عدد الأرجل، وتقسيم الجسم، وأنواع الزوائد. ومع ذلك، مع ظهور التحليلات الجزيئية والتطورات في علم الوراثة العرقي، بدأ الباحثون في إعادة تقييم هذه العلاقات التقليدية.
أحد الأسباب الرئيسية لاقتراح أتلوسيراتا هو أن كل من سداسيات الأرجل وكثيرات الأرجل تظهران قرون استشعار أحادية التفرع. هذا يعني أن كل قرن استشعار يتكون من فرع واحد فقط، على عكس القشريات التي تمتلك قرون استشعار تتفرع إلى قسمين. اعتُبرت هذه الميزة دليلًا قويًا على وجود سلف مشترك بين هاتين المجموعتين.
ومع ذلك، فإن العلاقة بين سداسيات الأرجل وكثيرات الأرجل ضمن أتلوسيراتا ليست مقبولة عالميًا. تشير بعض الدراسات الجزيئية الحديثة إلى أن سداسيات الأرجل قد تكون مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالقشريات، مما يشكل مجموعة تسمى بانقشريات (Pancrustacea). إذا كان هذا صحيحًا، فإن أتلوسيراتا لن يكون فرعًا حيويًا صالحًا.
الخصائص المميزة لأتلوسيراتا
على الرغم من الجدل الدائر حول صلاحية أتلوسيراتا، إلا أنه من المفيد دراسة الخصائص التي تم اقتراحها لتوحيد سداسيات الأرجل وكثيرات الأرجل:
- قرون استشعار أحادية التفرع: كما ذكرنا سابقًا، تعتبر هذه السمة هي السمة المميزة الرئيسية لأتلوسيراتا.
- تركيب الجهاز العصبي: تظهر كل من سداسيات الأرجل وكثيرات الأرجل تشابهات في تركيب الجهاز العصبي المركزي، بما في ذلك ترتيب معين للعقد العصبية.
- أنابيب مالبيجي: تمتلك كلتا المجموعتين أنابيب مالبيجي، وهي أعضاء إفرازية تستخدم لإزالة الفضلات النيتروجينية من الدم. ومع ذلك، يمكن أن يختلف عدد وموقع هذه الأنابيب بين المجموعتين.
سداسيات الأرجل (Hexapoda)
تشمل سداسيات الأرجل الحشرات (Insecta) وأقاربها المقربين. الحشرات هي المجموعة الأكثر تنوعًا من الحيوانات على وجه الأرض، حيث تمثل أكثر من نصف جميع الكائنات الحية المعروفة. تشمل الخصائص الرئيسية لسداسيات الأرجل ما يلي:
- ثلاثة أجزاء للجسم: الرأس والصدر والبطن.
- ستة أرجل: مرتبطة بالصدر.
- زوج واحد من قرون الاستشعار: تقع على الرأس.
- عينان مركبتان: تتكون من العديد من الوحدات البصرية الصغيرة.
- القدرة على الطيران: تطورت في الحشرات وهي سمة رئيسية ساهمت في نجاحها.
تُظهر الحشرات مجموعة واسعة من التكيفات السلوكية والفسيولوجية التي سمحت لها بالازدهار في كل بيئة تقريبًا على وجه الأرض. تلعب الحشرات أدوارًا حاسمة في النظم البيئية، بما في ذلك التلقيح، والتحلل، ومكافحة الآفات. ومع ذلك، يمكن لبعض الحشرات أيضًا أن تكون ضارة، حيث تعمل كناقلات للأمراض أو آفات زراعية.
كثيرات الأرجل (Myriapoda)
تشمل كثيرات الأرجل الديدان الألفية (Millipedes) والديدان المئوية (Centipedes) وغيرها من الأقارب المقربين. تتميز كثيرات الأرجل بجسمها الطويل المقسم إلى العديد من القطع، ولكل قطعة زوج أو زوجان من الأرجل. تشمل الخصائص الرئيسية لكثيرات الأرجل ما يلي:
- جسم مقسم: يتكون من العديد من القطع المتشابهة.
- العديد من الأرجل: يختلف عدد الأرجل بين الأنواع.
- زوج واحد من قرون الاستشعار: تقع على الرأس.
- عيون بسيطة: تقع على جانبي الرأس.
تنقسم كثيرات الأرجل إلى أربع مجموعات رئيسية: الديدان الألفية، والديدان المئوية، والباوروبودا (Pauropoda)، والسيمفيلا (Symphyla). الديدان الألفية هي حيوانات عاشبة تتغذى على المواد النباتية المتحللة. الديدان المئوية هي حيوانات مفترسة تتغذى على الحشرات والحيوانات الصغيرة الأخرى. البوروبودا والسيمفيلا هي مجموعات صغيرة من كثيرات الأرجل تعيش في التربة وتتغذى على الفطريات والمواد العضوية المتحللة.
الجدل الدائر حول العلاقة بين سداسيات الأرجل والقشريات
كما ذكرنا سابقًا، فإن فكرة أن سداسيات الأرجل وكثيرات الأرجل ترتبطان ارتباطًا وثيقًا ضمن أتلوسيراتا ليست مقبولة عالميًا. تشير بعض الدراسات الجزيئية إلى أن سداسيات الأرجل قد تكون في الواقع مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالقشريات، مما يشكل مجموعة تسمى بانقشريات (Pancrustacea). إذا كان هذا صحيحًا، فإن أتلوسيراتا لن يكون فرعًا حيويًا صالحًا.
تستند الأدلة على علاقة بانقشريات إلى مجموعة متنوعة من البيانات الجزيئية، بما في ذلك تحليل تسلسل الحمض النووي والحمض النووي الريبوزي. تشير هذه الدراسات إلى أن سداسيات الأرجل والقشريات تشترك في عدد من السمات الجينية التي لا توجد في كثيرات الأرجل. بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض الدراسات المورفولوجية إلى أن سداسيات الأرجل والقشريات تشتركان في بعض أوجه التشابه في تركيب أجسامهما.
أحد التفسيرات المحتملة للاختلاف بين الأدلة المورفولوجية والجزيئية هو أن قرون الاستشعار أحادية التفرع في سداسيات الأرجل وكثيرات الأرجل قد تطورت بشكل مستقل. هذا يعني أن هذه السمة لم تكن موجودة في سلف مشترك للمجموعتين، ولكنها تطورت بشكل منفصل في كل سلالة. إذا كان هذا صحيحًا، فإن قرون الاستشعار أحادية التفرع لن تكون دليلًا صالحًا على وجود علاقة تطورية وثيقة بين سداسيات الأرجل وكثيرات الأرجل.
الآثار المترتبة على فهم العلاقات التطورية لمفصليات الأرجل
إن فهم العلاقات التطورية بين مجموعات مفصليات الأرجل المختلفة له آثار مهمة على فهمنا لتاريخ الحياة على الأرض. مفصليات الأرجل هي المجموعة الأكثر تنوعًا من الحيوانات على وجه الأرض، وقد لعبت دورًا حاسمًا في تطور النظم البيئية. من خلال فهم العلاقات بين مجموعات مفصليات الأرجل المختلفة، يمكننا الحصول على نظرة ثاقبة حول كيفية تطور هذه الحيوانات وتنوعها عبر الزمن.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعدنا فهم العلاقات التطورية لمفصليات الأرجل في تطوير استراتيجيات أفضل لإدارة الآفات وحماية الأنواع المهددة بالانقراض. على سبيل المثال، إذا فهمنا العلاقات التطورية بين الآفات الزراعية المختلفة، يمكننا تطوير مبيدات حشرية أكثر استهدافًا تقلل من الضرر الذي يلحق بالكائنات الحية غير المستهدفة. وبالمثل، إذا فهمنا العلاقات التطورية بين الأنواع المهددة بالانقراض، يمكننا تطوير استراتيجيات حفظ أكثر فعالية.
خاتمة
أتلوسيراتا هي فرع حيوي مقترح يجمع بين سداسيات الأرجل وكثيرات الأرجل بناءً على وجود قرون استشعار أحادية التفرع. على الرغم من أن هذا التصنيف لا يزال قيد النقاش، إلا أنه يسلط الضوء على أهمية دراسة العلاقات التطورية بين مجموعات مفصليات الأرجل المختلفة. إن فهم هذه العلاقات يمكن أن يوفر رؤى قيمة حول تاريخ الحياة على الأرض ويمكن أن يساعدنا في تطوير استراتيجيات أفضل لإدارة الآفات وحماية الأنواع المهددة بالانقراض.