النشأة والتكوين الجيولوجي
ترسب تكوين حديقة الديناصورات خلال فترة الكامبانيان (Campanian stage) المتأخرة من العصر الطباشيري المتأخر، أي قبل حوالي 76.5 إلى 75 مليون سنة. في ذلك الوقت، كانت المنطقة عبارة عن سهل ساحلي واسع يقع على الحافة الغربية لبحر نيوبرارا الداخلي (Western Interior Seaway)، وهو بحر ضحل قسم أمريكا الشمالية إلى قسمين. كانت الأنهار والجداول تجري عبر هذا السهل، حاملة الرواسب من الجبال الصاعدة في الغرب (جبال الروكي). تراكمت هذه الرواسب على شكل طين ورمل وطمي، والتي تصلبت بمرور الوقت لتشكل الصخور الرسوبية التي نراها اليوم في تكوين حديقة الديناصورات.
يتكون تكوين حديقة الديناصورات بشكل أساسي من صخور الطفل الصفحي (shale) والحجر الرملي (sandstone) والحجر الطيني (mudstone). تعكس هذه الأنواع المختلفة من الصخور البيئات المختلفة التي ترسبت فيها. على سبيل المثال، تشير صخور الطفل الصفحي إلى بيئات المياه الهادئة، مثل البحيرات والمستنقعات، بينما يشير الحجر الرملي إلى بيئات الأنهار والجداول.
الأهمية الأحفورية
يكمن السبب الرئيسي لشهرة تكوين حديقة الديناصورات في وفرة أحافير الديناصورات التي يحتوي عليها. تم العثور على بقايا العديد من أنواع الديناصورات المختلفة في هذا التكوين، بما في ذلك الديناصورات العاشبة واللاحمة. ومن بين أشهر الديناصورات التي تم العثور عليها في تكوين حديقة الديناصورات:
- الغورغوصور (Gorgosaurus): ديناصور لاحم كبير من عائلة التيرانوصورات، كان مفترسًا رئيسيًا في بيئته.
- الكيراتوصور (Corythosaurus): ديناصور عاشب ذو عرف مميز على رأسه، ينتمي إلى فصيلة الهادروصوريات (Hadrosauridae).
- الستيراكوصور (Styracosaurus): ديناصور عاشب ذو قرون عديدة ودرع عنقي مزخرف، ينتمي إلى فصيلة القرنيات (Ceratopsidae).
- الباركصور (Parksosaurus): ديناصور عاشب صغير ذو أرجل طويلة، ينتمي إلى فصيلة الأورنيثوبودات (Ornithopoda).
- الدرومايوصور (Dromaeosaurus): ديناصور لاحم صغير ذو مخالب حادة، ينتمي إلى فصيلة الدرومايوصوريات (Dromaeosauridae).
بالإضافة إلى الديناصورات، تم العثور أيضًا على أحافير لأنواع أخرى من الحيوانات والنباتات في تكوين حديقة الديناصورات، بما في ذلك التماسيح والسلاحف والأسماك والطيور والنباتات المختلفة. توفر هذه الأحافير مجتمعة صورة مفصلة عن الحياة في غرب أمريكا الشمالية خلال العصر الطباشيري المتأخر.
موقع التراث العالمي لليونسكو
اعترافًا بأهميته الأحفورية الفريدة، تم إعلان حديقة الديناصورات الإقليمية (Dinosaur Provincial Park)، الواقعة في ألبرتا، كندا، كموقع للتراث العالمي لليونسكو في عام 1979. تحتضن هذه الحديقة جزءًا كبيرًا من تكوين حديقة الديناصورات وتحتوي على تركيز عالٍ من الأحافير. تتيح الحديقة للزوار فرصة مشاهدة الأحافير في مكانها الأصلي والمشاركة في الجولات المصحوبة بمرشدين والتعرف على تاريخ الحياة على الأرض.
طرق التنقيب والحفظ
يتطلب استخراج الأحافير من تكوين حديقة الديناصورات مهارات وخبرة خاصة. يستخدم علماء الأحافير أدوات مختلفة، مثل المعاول والمطارق والفرش، لإزالة الصخور المحيطة بالأحافير بعناية. بعد ذلك، يتم تغليف الأحافير في الجص لحمايتها أثناء النقل إلى المختبر. في المختبر، يتم تنظيف الأحافير وتجميعها ودراستها بعناية.
يعد الحفاظ على الأحافير أمرًا بالغ الأهمية لضمان بقائها للأجيال القادمة. تتضمن طرق الحفظ تخزين الأحافير في بيئة يتم التحكم فيها، ومعالجتها بمواد كيميائية لحمايتها من التلف، وعرضها في المتاحف بطريقة آمنة.
أبحاث حديثة
لا يزال تكوين حديقة الديناصورات موضوعًا للبحث العلمي المكثف. يقوم علماء الأحافير باستمرار باكتشاف أنواع جديدة من الديناصورات والحيوانات الأخرى، ويستخدمون تقنيات جديدة لدراسة الأحافير وفهم بيئة العصر الطباشيري المتأخر. على سبيل المثال، يستخدمون التصوير المقطعي المحوسب (CT scanning) لإنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد للأحافير، وتحليل النظائر المشعة لتحديد عمر الصخور والأحافير، ودراسة الحمض النووي القديم (ancient DNA) للحصول على معلومات عن العلاقات التطورية بين الديناصورات.
تساعدنا الأبحاث الحديثة على فهم المزيد عن تنوع الديناصورات وبيئتها وسلوكها. كما أنها تساعدنا على فهم كيفية تغير المناخ والكوارث الطبيعية أثرت على الحياة على الأرض في الماضي.
أهمية تكوين حديقة الديناصورات في فهم التطور
يعتبر تكوين حديقة الديناصورات نافذة مهمة على عالم الديناصورات في العصر الطباشيري المتأخر. فهو يوفر لنا معلومات قيمة حول:
- التنوع البيولوجي: يوضح التكوين مدى التنوع الكبير الذي كانت تتمتع به الديناصورات والحيوانات الأخرى في ذلك الوقت.
- علم البيئة القديمة: يساعدنا على فهم البيئات التي كانت تعيش فيها الديناصورات، مثل السهول الساحلية والمستنقعات والغابات.
- التطور: يوفر لنا معلومات عن كيفية تطور الديناصورات وتكيفها مع بيئاتها.
- الانقراض: يساعدنا على فهم أسباب انقراض الديناصورات في نهاية العصر الطباشيري.
خاتمة
يظل تكوين حديقة الديناصورات كنزًا دفينًا من المعلومات حول حقبة الديناصورات. من خلال دراسة هذه التكوينات الجيولوجية الغنية بالأحافير، يمكننا أن نتعلم الكثير عن الحياة على الأرض في الماضي، وكيف تطورت وتغيرت مع مرور الوقت. إن الحفاظ على هذه المواقع الأحفورية الهامة يضمن أن الأجيال القادمة ستتمكن أيضًا من الاستمتاع بهذه المعرفة واكتشافها.